محمد الغيثي رئيس ما تسمى هيئة التشاور والمصالحة خرج بتغريدة أثارت الجدل، وتدور حول اعتراضه على الإشارات المستمرة من جانب السفراء الأجانب إلى الوحدة اليمنية وتأكيدهم على احترامها ودعمها.
الخطأ الكارثي الذي ارتكبه هذا الشاب حديث العهد بالسياسة لم يقتصر على اعتراضاته تلك، فالخطأ الأكثر كارثية يتمثل في مزاعمه التي أوردها في تغريدته لتبرير اعتراضه على دعم السفراء للوحدة اليمنية وبقاء اعترافهم للجمهورية اليمنية كثابت من ثوابت السياسة في بلدانهم.
فهو يعتقد أن الوضع الناشئ عن نقل السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي، قد قوض المركز القانوني للجمهورية اليمنية، فلم تعد موجودة، بقوله إنه لم يعد هناك نظاما متفقا عليه، فمجلس القيادة وهيئة التشاور واللجنة العسكرية هي المؤسسات التي تشكل جوهر النظام عديم الملامح الذي أنتج فجر السابع من أبريل/ نيسان 2022 في الرياض، وعزز شراكة المجلس الانتقالي في السلطة.
لقد بلغت الأنانية والغرور لدى هؤلاء الوكلاء قليلي الكلفة مبلغهما، إلى الحد الذي سمح لهما بنسف المركز القانوني للسلطة الشرعية بما هي الممثل الشرعي لليمن في مقابل المشروع الانقلابي للحوثيين والذي يمثل أحد التجليات الخطيرة للنفوذ الحيوي لإيران في منطقتنا وأحد مظاهر تأثيرها الخطير في تقرير مصير هذه المنطقة.
لا يوجد تخادم أخطر من هذا الذي كشف عنه وعراه هذا السياسي الانتقالي الغر، وحسنا فعل، لأنه بهذا التصريح يكشف جوهر الدور الذي تم إسناده إلى مجلس القيادة الرئاسي من قبل السعودية والإمارات، وخطورة التغطية التي يوفرها هذا المجلس لأحد أخطر مشاريع الهدم الموجهة ضد الدولة اليمنية.
الملاحظ أنه لا اتفاق الرياض ولا هذا التمكين الذي حصل عليه المشروع الانفصالي قد نجحا في لفت أنظار المجتمع الدولي لما تسمى القضية الجنوبية وليس هناك صكا أمميا يمنح المجلس الانتقالي حق تمثيل الجنوب والجنوبيين. بل على العكس أبدى السفراء الأجانب حرصا ملحوظا على تهنئة الشعب اليمني بعيد الوحدة الثالث والثلاثين والتأكيد على وحدة اليمن، وهو موقف يبقي التحرك الانفصالي تطفلا غير مرغوب فيه على عملية إحلال السلام في اليمن.
ويعود ذلك إلى اعتقاد المجتمع الدولي، وخصوصا القوى الكبرى بأن ما نشأ في عدن وبعض محافظات جنوب اليمن، على المستويين السياسي والعسكري خارج السلطة الشرعية والإجماع الوطني، كان وسيبقى انعكاسا لاستثمار فائض القوة والمال والحقد والأنانية من جانب السعودية والإمارات.
وربما سيتعاظم موقف دولي مناوئ لهذا الاستثمار البغيض بعد تطور دور الصين في بناء تفاهمات بين الرياض وطهران، وعز الدبلوماسيين الغربيين عن عمليات السلام المربكة التي تديرها السعودي بعد تحولها من قائد لتحالف عسكري إلى وسيط.