مجرد الإعلان عن مجلس حضرموت الوطني، يتساءل البعض، ولماذا عدن؟
وتحرك الهم العدني في ضمير بعض الشخصيات العدنية، يطالب أبناء عدن بتوحيد صفوفهم، شيئا جميلا، لكن الأجمل لو كان التقط المبادرة في حينها، وأشاد بكل الجهود والمساعي التي بذلت ولا زالت تبذل في منحى توحيد الصف، وائتلاف أبناء عدن الذي يتشكل اليوم، ويحتاج دعما معنويا وسياسيا.
كان الأجمل هو التفاعل مع الحراك المجتمعي في عدن، وإرسال رسائل تشجيع وتحفيز لكل الفعاليات المجتمعي والثقافية التي أقيمت في عدن، ولم نرى أو نسمع رأيا حولها، لا دعم معنوي ولا دعم السياسي وبعضهم أقرب لمصدر القرار.
المهموم بعدن يعرف جيدا ما هي المعوقات والتحديات التي يتعرض لها المجتمع المدني في عدن من تدمير تنوعه وتعدده، من خلال الفرز المناطقي والطائفي، والانقسام السياسي، والاستحواذ على الأدوات التنموية للمجتمع.
تمتاز عدن عن غيرها من المحيط، أنها مدينة كونية يسكنها مجتمع كوسموبوليتي يعيش فيه ويتعايش جميع الأعراق والأديان والأطياف، مجتمعا متعدد الأفكار والأيديولوجيات والعصبيات، المحكومة بنظام وقانون ووعي، جعل من هذا التعدد والتنوع حالة ارتقاء وإثراء، مما جعل من عدن منارة ثقافية وسياسية واقتصادية، يشار لها بالبنان، وتربعت مراكز متقدمة بين الأمم المتحضرة.
وعندما كانت عدن، كانت رائدة، بمجتمع مدني متعافي يملك أدواته، وهي مجموع المؤسسات الاجتماعية والنقابية والمنتديات الثقافية والاجتماعية، ومنابر الوعي والحوار المجتمعي الحر، وجودة التعليم، وبيئة صالحة وصحية لمخاض فكري أحدث تنمية اجتماعية وسياسية واقتصادية ورقيا.
فقدت عدن ريادتها ومكانتها بين الأمم عندما غزتها عصبيات ما قبل الدولة والحداثة، وسلب المجتمع أدواته التنموية، وحاصرته الأفكار الهدامة للتنوع والتعدد، وظل محكوما ببندقية السيطرة والتمكين، التي دمرت البنية التحتية للمجتمع، واغتصبت أدواته ومقدراته، من نقابات واتحادات ومنتديات، ليتحول كل شيء في عدن لخدمة الفكر المحمي ببندقية شردت وهجرت وقتلت أبناء عدن ونهبت ممتلكاتهم وسلبتهم حقوقهم، بندقية داهمت اتحاد العمال واتحاد الصحفيين ومؤسسات حيوية ومقومات اقتصادية وثقافية، وربطتهم بخطام السيطرة والتمكين، الذي أفقد المجتمع حقه في التعبير والتنوع والتعدد، وأريد له أن يكون تابعا لسلطة، يتنفس بما يسمح له، ولا صوت يعلو فوق صوت البندقية والعصبية وثقافة الكراهية.
ما قولكم في ذلك، وأنتم تطالبون مجتمعا يعاني ويتألم، يحاول أن يخرج من شرنقة العبودية والاستحواذ، والإقصاء والتهميش، دون أن تقدموا له يد العون والمساعدة.
حضرموت امتدت لها يد السعودية، وقدمت الدعم الكافي لمكون حضرمي وطني هذه اليد التي لا تقدم شيئا بالمجان، ولا تسعى لوجه الله، فكل شيء محسوب ومكتوب، ومن حق الحضارم أن يستغلوا فرصة هذا الدعم، لإنقاذ منطقتهم مما حدث لعدن، عدن التي صارت مثالا سيئا لمن يسيطر عليها، ولا تحتاج للمزايدة باسمها، أكثر من احتياجها ليد عليا تنتشلها من واقعها، وتقدم لها العون والمساعدة، لتكن قادرة على تشكيل كيانها الوطني، وتعود عدن رائدة كما كانت.
* يمن مونيتور