يحتج كهنة السلالة لوجوب إمامتهم على المسلمين بالآية الكريمة: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون".
يفسرون "الذين آمنوا…" بأن المقصود بهم هو الإمام علي بن أبي طالب، في اعتساف لم ترد عليه أية قرينة نصية، مع أن اسم الموصول للجمع وينطبق على جماعة المؤمنين، وليس فرداً واحداً.
الأدهى من ذلك أنهم يستدلون بروايات تقول إن مسكيناً دخل المسجد على الإمام علي وهو يصلي، وأنه أعطاه الصدقة وهو راكع!
كل الذين رووا هذه الروايات لم يطرحوا على أنفسهم سؤالاً بسيطاً، وهو: كيف لطالب الصدقة أن يطلبها من رجل وهو في الصلاة، أليس المتوقع منه الانتظار، حتى يفرغ المصلي من صلاته ثم يسأله أن يتصدق عليه؟!
هل بلغ هذا السائل درجة من الاستهبال يسأل معها مصلياً أن يجود عليه بصدقة؟!
ولو افترضنا جهل هذا المسكين بشروط الصلاة، فكيف بعلي نفسه، وهو الفقيه العارف بتلك الشروط؟!
أما كان الأحرى به أن ينتظر حتى يفرغ من صلاته، ثم يتصدق؟!
الواقع أن الروايات اعتسفت عقولنا، لا لشيء إلا لتقول إن علياً هو ولينا بعد الله ورسوله، والمقصود هنا هو الولاية العامة/السياسية، والواقع أن السلاليين ما جعلوها في علي حباً فيه، بل لكي يزعموا أن الولاية لهم من بعده إلى يومنا هذا، وكأن الرسول عليه الصلاة والسلام جاء ليجعل أمته مجرد إرثاً لأولاد ابنته، ويجعل خمس ثروتنا الوطنية من حق هؤلاء الكهنة الذين قننوا "خمس" ثروة اليمنيين للأسر التي يقولون أنها من نسل الرسول الكريم!
تصوروا بالله عليكم، لو قال أي نبي لأية أمة إنما بعثت لأورث أسرة ابنتي من بعدي!
هل كان سيصبح عدد أتباع هذا النبي اليوم قرابة ملياري مسلم؟!
والمفارقة أن أدعياء وراثة النبي يشنعون على الأمويين أنهم جعلوها وراثية، في الوقت الذي جعلها هؤلاء الورثة المزعومون وراثية بأمر من الله، حسب ترهاتهم، فوقعوا فيما أنكروه على خصومهم، بل وافتروا على الله أنه هو من أمر بذلك!
تأملوا الفرق بين جمال الآية الكريمة التي تهز القلوب وبين تأويلات هؤلاء الكهنة الأفاقين.
ما أبشع جناية هؤلاء الأفاكين الذين أرادوا اختصار الرسالة في السلالة!
هؤلاء الذين عاشوا على هامش التاريخ يتسولون السلطة والثروة بكل الوسائل الممكنة، حتى ولو كان من بين تلك الوسائل تحريف معاني الآيات، وإفراغ الرسالة من محتواها العظيم في العدالة والمساواة والأخوة الإنسانية!