أكاذيب الحوثيين بدأت قبل وصولهم إلى الانقلاب، بل بدأت مع ملازم فارغة من أي معنى سوى الأكاذيب الدينية، وبدأت الأكاذيب من الصرخة التي تنادي بالموت لأمريكا وإسرائيل، وهما أحن وأرفق الناس بالحوثيين، وسبب من أسباب وصولهم إلى صنعاء، ولو أراد المؤرخون تفنيد أكاذيبهم لعجزت الأقلام وجفت الصحف.
إن بعض الحركات تحكم الناس بالشعارات الفضفاضة، والقوالب الجاهزة، والعصا والجزرة، والترغيب والترهيب، لكن التاريخ لم يشهد قط أن حركة تحكم شعباً بكامله بأكاذيب يومية، وكل ساعة، وكل ثانية، وكل شهر، وكل مناسبة تبتكرها هي مناسبة للأكاذيب والشعارات الزائفة.
والجميع يعرفون أنهم كاذبون، وهم يعرفون أن العالم أجمع يعرف أنهم كاذبون ويكذبون، ولكنهم مستمرون بكذبهم على الجميع؛ لأن الكذب منهج أصيل في حركتهم البشعة، وعقيدتهم المزيَّفة، ولعلَّ أكبر أكاذيبهم هي الخمسمئة ريال التي أعلنوا معارضتهم لها، ودبجوا الشعارات الزائفة وهي كثيرة، من أجلها، بسبب جرعة النفط التي اعترضوا عليها، ثم أثبتت الأيام أن القضية ليست جرعة، وإنما الرغبة الكبيرة للوصول إلى الحكم في غفلة من التاريخ، ومن اليمنيين، ومن العالم.
وها هم اليمنيون اليوم يصطبحون ويتغدون ويتعشون بأكاذيب لا نهاية لها.
إن الكتابة حول حقوق المعلم في مناطق حكومة صنعاء مليئة بحقول الألغام، كل بداية عام دراسي وحتى نهايته والحوثيين يبتكرون ويتفننون في صناعة وصياغة أكاذيب يعجز عنها حتى الشيطان الرجيم، في غياب تام لدور أي نقابة من نقابات المعلمين والمهن والتربويين وغيرها في الدعوة إلى إضراب عام للمعلمين، وكل ما يحدث من إضراب هي مبادرات معلمين يتم كسرها بمجموعة هائلة من أكاذيب الحوثيين، وكذلك بفتح مجال التدريس لمجموعات كبيرة من المتطوعين والمتطوعات غير المؤهلين أو المؤهلين إلى حد ما باعتبارهم خريجي وخريجات كليات التربية، وتعليم ما بعد الثانوي، ودون درجات وظيفية، مقابل أقل من عشرة آلاف شهرياً، يتم جمعها من الطلاب والطالبات كمشاركة مجتمعية، وهي مبالغ كبيرة يتم تقاسمها؛ ابتداء من إدارة المدارس، مرورا بكافة السلم الإداري في المديريات والوزارة.
الحوثيون بدأوا هذا العام بصرف حافز الثلاثين ألف ريال بوقت مبكر وسريع؛ بسبب الإضراب الذي شل كل مدارس صنعاء تقريباً، عكس كل عام، وهم يسخرون على المعلمين بأنه حافز شهري، فيكتشف المعلمون والمعلمات أنه حافز لشهر واحد فقط، ما داموا قد أكلوا الطُّعم، وداوموا، وتم "فنكشة" الإضراب التلقائي..
هناك سلسلة من الأكاذيب المدروسة، التي يتقنها الحوثيون كل عام؛ ليأكلوا بعقل المعلمين والمعلمات (حلاوة)، كما يُقال في اللهجة العامية المصرية، لا نستطيع تلخيصها وإجمالها، منها تسجيل أسمائهم في سلل غذائية، وفي وزارة الأوقاف كزكاة، وتحويلهم إلى شحاتين مقنَّعين، وأخذ بطائق المتطوِّعات والمتطوِّعين، وتعبئة استمارات لتثبيتهم حسب زعمهم، وتهديد الثابتين بإسقاط أسمائهم ودرجاتهم الوظيفية، هناك ترغيب وترهيب، وهناك إذلال كامل لكل المعلمين والمعلمات، وشق العصا، وزرع الفتن، وتجنيد مديرات المدارس والزينبيات والوكلاء والوكيلات ومجموعات الواتساب، وتكثيف الاجتماعات لإقناع المضربين والمضربات بأن التعليم رسالة إنسانية، وحرام أن طلاب المدارس الخاصة يدرسون وطلاب المدارس الحكومية مضربون ومن هذا القبيل، طبعاً ينجح الحوثيون في استدراج المعلمين المطحونين إلى كسر الإضراب بطُرق كثيرة بكل أسف، والسبب غياب العمل النقابي منذ سنوات الحرب، والغياب القيادي للنقابات، التي تدعو إلى الإضراب حتى تلبية الحقوق ودفع المرتبات المقطوعة، منذ سنوات طويلة.
حتى أن العمل النقابي مُغيَّبْ تماماً منذ سنوات؛ رغم وجود وسائل الإعلام ومواقع التواصل والسوشيال ميديا، لكن عندما يقوم الحوثيون بتسليم نص راتب من العيد للعيد تجد النقابات حاضرة في خصم واستقطاع اشتراكات المعلمين والمعلمات، وهو أمر محل تساؤلات كثيرة.
التعليم أصبح -عند الحوثيين- تجارة رابحة، وغسيل أموال، وإلا من أين توالدت هذه المدارس الخاصة بالمئات خلال زمن يسير، والتعليم العام تحوَّل إلى جبايات فقط.. [لله الأمر من قَبل ومن بعد].
* موقع قناة بلقيس