الجوع هو العنوان اليمني الأهم هذه الأيام ، فقد عاد لاحتلال بطون اليمنيين بعد أكثر من ٦٢ عاما من حلوله الكبير في عهد الأئمة ، وها هم الحوثيون والتحالف يوظفون كل قدراتهم وتكتيكاتهم للوصول إلى وسيلة التعذيب الجديدة التي ابتكروها ضد اليمنيين ، هذه النتيجة هي حصاد ثماني سنوات من الحرب والتدمير والتهجير للكفاءات ، وتحويل ما تبقى من الناس لخدمة آلتهم الحربية ، بدلا من إعادة تدوير الحياة بالتنمية .
يتصدر الحوثي اليوم تخفيض عدد سكان اليمن ، تشاركه هذه الرؤية السعودية ، فالحوثي يريد أن يقتل أكبر عدد ممكن من الشعب اليمني ، لكي يتحول إلى أكثرية والسعودية تسعى إلى قتل أكبر عدد ممكن ، لكي يتحول الشعب اليمني إلى أقلية معاقة غير قادرة على العطاء أو الاستمرار في الحياة ، لهذه الأسباب نجد الطرفين بعد أن حصدا ما يزيد عن نصف مليون قتيل وضعفهم من الجرحى ، يتلذذون باحتلال بطون ما يزيد عن ٢٠ مليون بالجوع ، وتصر السعودية على تسليم مرتبات الموظفين إلى الحوثيين وليس إلى مستحقيها .
في الوقت الذي بلغ الجوع في اليمن مستويات تاريخية ووصل عشرات الملايين إلى شفير الهلاك، نجد المملكة العربية السعودية تفاوض الحوثيين على قوت اليمنيين ، ونندهش من هذا الإصرار على التفاوض مع الحوثيين على مرتبات الموظفين وعدم صرفها مباشرة لمستحقيها ، لكننا حينما ندرك رغبة الطرفين في تصفية هذا الشعب ندرك حجم التخادم بينهما .
لقد عرفنا النوايا الحقيقية للحوثي والسعودية وتربصهما باليمنيين ولم يعد ينفع في شيء انتظارهم لفعل شيء لصالح اليمن واليمنيين، فقد هدموا كل الجسور المؤدية إلى استقرار الشعب وأصبح الملايين منهم غير قادرين على وضع طعام على المائدة لعائلاتهم، صحيح أن الشعب اليمني يتمتع بالصبر والتحمل بشكل ملحوظ، لكن هناك مدى لما يمكن تحمله، فلا يمكن تحمل التفاوض على لقمة عيشه ولا على حصاره وتهجيره، فقريبا سيقول لجميع الأطراف كفى، وسيعلن عن نفسه من خلال كيان يتحدث بلسان يمني مبين.