عاد الحوثيون إلى صنعاء، على الأرجح للتشاور، وهو إجراء يشير إلى أن الحوثيين ليسوا جاهزين للتوقيع على اتفاق تحتاجه أطراف عديدة خارجية على علاقة بمشهد في اليمن.
كان يجب أن تكون جولة الرياض حاسمة لأن المختلف حوله تقرر خلال زيارة السفير آل جابر لصنعاء، مما يستوجب أن تكون الفترة الزمنية الفاصلة بين جولتي صنعاء والرياض واللقاءات عالية المستوى السعودية العمانية التي عقدت خلال هذه الفترة قد حسمت نقاط الخلاف.
يقيني أن بصمة إيران واضحة وتتجلى في نية حلفائها في تحويل هذه المحادثات إلى عملية استنزاف سياسي ومعنوي يمكنها أن تؤجل وصول السعودية إلى نقطة التحول من قيادة الحرب وأعبائها إلى الإدارة الجيوسياسية قليلة الكلفة لأزمة اليمن المستعصية عبر أطراف محلية متعددة المشاريع السياسية، ومتضادة على مستوى الإرادات والأهداف.
لفت نظري أن الطرفين التزما بالصمت بشأن نقاط الخلاف، وهذا هو التطور الأهم. ويعزى ذلك إلى أن تكتيك التعطيل الذي يمارسه الحوثيون بإلهام وإرشاد إيرانيين، لا يريد كسب نقاط تفاوضية معنوية يمكن تصديرها لجمهورها في الداخل وللأطراف الخارجية، بل من أجل الحصول على مكاسب ثمينة تعظم فرص جماعة الحوثي في الاستمرار في حكم الجغرافيا التي تقع تحت سيطرتها حاليا، مع نوايا لا تقبل المناقشة فيما يخص فرض سيطرتها على كامل الجغرافيا اليمنية في المدى المنظور.
ليكن في معلوم جميع اليمنيين أن هذه المحادثات ليست سوى استمرار لنهج الخديعة الذي تمارسه القوى الخارجية بحق الشعب اليمني، والذي رأيناه في خطط الحرب المشوهة، والإرهاق المتعمد لخصوم الحوثيين في الميدان العسكري، والتفكيك الممنهج للشرعية وتجريف نفوذها وترسيخ نموذج الفشل في أداء الشرعية رغم توفر كافة العوامل لنجاحها.
إن مجرد الاستمرار في الحديث عن محادثات سلام بين طرفين أحدهما عدو داخلي بالنسبة للشعب اليمني والآخر يحمل نوايا سيئة تاريخية تجاه الشعب اليمني سيمثل سذاجة غير مقبولة، إذ يتعين علينا رفض هذه المحادثات ما لم يكن الشعب اليمني طرفا متحكما في نتائجها.