في المدينة عدن المنكوبة، نكبتها في مسؤولين فقدوا علاقتهم بالدولة، بعد أن ساهموا بتدميرها، واستفردوا بالأرض ومصير الناس، دولة وان كانت ضعيفة، كانت تخط لهم سياسات واستراتيجيات العمل، وعجزوا على أن يتحملون المسؤولية بأمانة، ليكونوا البديل القادر على صياغة علاقة طيبة مع المواطن، والمسؤول القادر على يباشر في تقديم الخدمات للمواطن، ويهتم في توفير فرص الحياة الكريمة لهم، وتسهيل فرص العمل ولقمة العيش، والحصول على الراتب أو الإعانات بسهولة ويسر.
أصبحت اليوم على مشهد مؤثر في سوق الخضار، حيث تجد عامة الناس يشترون احتياجاتهم الضرورية من المواد الغذائية، وتتفحص الوجوه العابسة، وتتلمس حجم القهر والبؤس الذي يعتريها، بسبب الغلاء الفاحش للخضار والأسماك، وغيرها من المواد الضرورية، وتعرف حجم المهانة غير مسبوقة التي يعيشها المواطن في مدينة لم تكن يوما إلا مصدر خير وبركة ونعمة لساكنيها وزوارها واللاجئين إليها.
شاهدت تربوية عريقة بعراقة عدن، متقاعدة دون مستحقات، تتفحص ما بيديها من نقود، التي لا تكفي لمشترياتها المتواضعة، وأخيرا ترمي بما حوزتها من نقود أمام البائع ، قائله هات لي بهذه النقود خضرة أستطيع فيها طباخة مقلى صانونة الهواء، المتعارف عليها منذ زمن التقنيين ( ربط الأحزمة على البطون) في بداية الدولة الفتية، والتفتت نحوي، لتساءل عن الراتب، بالقول أستاذ اليوم تاريخ عشرة متى نستلم راتبنا ، ثم أسردت القول والدمعة تكاد تسقط من عينيها، هل صحيح هناك قرار بمنع حركة السياكل أبو عربة, قلتها للأسف نعم هناك قرار غير مدروس، واتضح أخيرا أن ابنها الذي يعول ثلاثة أطفال وزوجة، ساعدته بشراء سيكل وعربة بالتقسيط، لكي يستطيع أن يوفر لأسرته وأولاده لقمة عيش هنيئة ومصروف مدرسة وبيت، وهذا القرار سيقلب حياتهم لجحيم، جحيم مواصلة الأقساط ( الهكبة ) وكيف سيعيشون بعد هذا القرار, مما زاد من حجم هم ومعاناة الأستاذة، وقيس عليها من الأسر التي لا تستلم راتبا وتنتظر الإعانة من المنظمات, الكل صار تحت خط الفقر والحاجة، إلا المسؤولين، ومن لديه سلطة عسكرية أو مدنية، قبلية أو سلالية، هم وحدهم يعيشون في واقع آخر، لا يحسون للناس، ولا يهتمون بأوضاعهم، وقراراتهم لا تضع للناس معنى واعتبارا، المهم أنها قرارات تخدم من يصدرها، وطز بالنتائج والمالات، وأضرار القرار على المجتمع والأفراد والأسر.
اليوم تاريخ عشرة من الشهر، وراتب المعلمين عالق بين الروتين الممل لقسم الحسابات في التربية، ووزارة المالية، وقد يكون في خزنة الصرافة، ينتظر الصراف كسب بعض الأرباح، حيث أصبح مصير المعلم والموظف في هذه المدينة، بيد جماعة فقدت للمسؤولية الحقيقية، وتغيرت معاييرها في التعامل وفق الربح والخسارة، والضحية شعب وأمة ووطن .
السؤال هل لدى أصحاب القرار، بدائل حقيقية لتعويض الشباب، وتوفير فرص عمل، كبديل للهجوم الشرس على حقوق الشباب الذي ابتدأ بالأكشاك واستمر يحارب أي مشروع يسهم في توفير فرص عمل وانتهى بالسياكل، في حرب ضد المشاريع الصغيرة التي تستوعب طاقات الشباب وقدرتهم في توفير لقمة عيش كريمة، هل هناك مشروع آخر مخفي للشباب؟!، محاصرتهم تضييق الخناق عليهم، مؤشر خطير لا يعلم خفاياه غير المعنيين بالقرار.
كل عمل له سلبيات إيجابيات، والسلبيات يمكن إصلاحها بالضبط والتنظيم، ليتحول لعمل منتج وفعال في خدمة المجتمع والناس، والقرارات غير المدروسة نتائجها كارثية، ما لم تكن استهدافا حقيقيا للمدينة عدن، كما تم استهدافها في شركات الاتصالات الممنوعة بعدن ومسموحة في ضواحي عدن.
ومازال السؤال لماذا عدن؟!
* يمن مونيتور