العدل في رواتب القوات المسلحة
وفرضٌ الاهتمام بأفراد القوات المسلحة والأمن في رواتبهم، وإعطاؤهم العوض المجزئ عن المخاطرة بالأنفس؛ لأن الله أمر بالعدل والإحسان «إن الله يأمر بالعدل والإحسان» (النحل:90).
وليس من العدل أن يبخس أفراد الجيش والأمن في رواتبهم وحقوقهم، وما لم يكن عدلا كان ظلما، وهو محرم.
وتعاقب الدولة عقوبة إلهية من عند الله على الظلم، كما هي سنة الله على الظلمة، ويتخلف النصر لوجود المظالم.
فالواجب دفع الظلم والضرر عن منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية، بإعطائهم رواتب عادلة تسد حاجياتهم وضرورياتهم ومن يعولون، ولأن الله أمر بالإحسان مقابل الإحسان «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان» (الرحمن:60)، «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» (البقرة:195).
ولا إحسان فوق من يبذل دمه في سبيل الله حماية لبلاد الإسلام والمسلمين «لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما» (النساء:95).
فيقابل بإحسان راتبه ووضعه المعيشي الذي يدفع عنه الحاجة والفاقة.
ولأن الجندية عمل بإجارة؛ فهي معاوضة، ويحرم في المعاوضات الغبن، فإن كان فاحشا بطل العقد أو أُبْطِل المسمى من العوض ورُجِعَ إلى أجر المثل.
والثاني هو ما يمكن إجراؤه في وظيفة الجندي، فَيبْطُل المسمى من الراتب المعين، ويُنظَر إلى راتب أمثاله في الدول العادلة، ويُعطى الوسط إن استطاعت الدولة، أو يعطى الحد الأدنى من أجر المثل، لا ضرر ولا ضرار.
وإذا تقاعد أو استشهد أو جرح فأعيق؛ أعطي راتبه بلا خصم مُخْرِج له عن العدل والإحسان إلى البخس والإساءة والجور؛ ولأن العقد المبرم منصوص فيه بقاء الراتب في هذه الحالات؛ ويجب الإيفاء بالعقود.
ولأن الخصم المجحف ظلم، وهو محرم يخرج منصوص العقد في بقاء الراتب عن مقصودة، ولأن عدم دفعه دفعا معتبرا في تلك الحالات مؤد إلى عزوف الناس عن الجندية، أو التردد وقت القتال، وهذه علة معتبرة عند الفقهاء في القول ببقاء راتبه إن استشهد.
ولأن الشرع قصد إكرام المجاهد في الدنيا والآخرة ففرض الغنائم، وشرع «من قتل قتيلا فله سَلَبه»، وفَرَضَ النفل، وفَرَضَ لمن خرج بفرسه فوق من خرج ماشيا، ومن حضر المعركة بلا قتال يرضخ له.
وشَرَع المعاوضةَ بالمفاداة لمن بيده أسير «فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها» (محمد:4)، وما عند الله أكبر؛ فدل هذا التعامل الشرعي على قصد الشرع إكرام المقاتلين في سبيل الله، والقوات المسلحة والأمن كذلك؛ لأنها مرابطة لحماية بلاد الإسلام وحماية الدين والأنفس والأموال والأعراض وعزة أهل الإسلام.