;
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

حكايتي مع 30 نوفمبر 432

2023-12-02 07:05:09

مرت الذكرى السادسة والخمسين لـ 30 نوفمبر المجيد، وتعود بنا الذاكرة في منتصف العقد الثاني من العمر، والمعلا حيث الميناء ومن على تلال جبل شمسان، كنا نشاهد رحيل المستعمر، مروحيات تنقل العتاد العسكري والجنود للبوارج الحربية في ميناء عدن ، كان رجل الخير والإحسان أحمد مرشد تاجر خردة، قد أضاء الجبل شمسان بكشافات ضخمة من بقايا المستعمر، التي استخدمها للبحث عن الفدائيين في جروف ومرتفعات عدن، كان يوما مميزا ، حيث علقت أعلام الدولة الفتية، أحمر وأبيض وأسود، وهو علم الجمهورية اليمنية اليوم، وكانت الشوارع مزينة بقناديل ملونة ومضيئة، شاركنا في المسيرات الحاشدة المؤيدة للاستقلال، التي اكتظت فيها شوارع عدن، تسلقنا الشاحنات وهي تنقلنا لمدينة الشعب ثأره والبنجسار ثارتا أخرى ويبقى السؤال هل كان استقلال أم جلاء؟

تلك الصورة الجميلة لـ 30 نوفمبر التي عشناه في طفولتنا، وكبرنا وتطورت مداركنا، وعشنا كما عاش كل من تبقى في عدن، تحت ظل حكم المنتصر، بأيديولوجيته صاغ لنا كتب التاريخ والتربية الوطنية.

shape3

وكأي مواطن عشق مدينته ووطنه، راودته أسئلة كثيرة، لماذا تقاتل رفاق الكفاح المسلح؟ ولماذا أقصيت جبهة التحرير وبعض رفاق الكفاح المسلح؟ وأين أعلام وقامات المجلس العمالي؟ والمجلس التشريعي؟ وبعض رجالات الجمعية العدنية، لماذا تفرق رفاق الكفاح وفقدنا فدائيين وسياسيين كان لهم صيت وهدير، عرفناهم وترددت لمسامعنا من الكبار حكايات بطولتهم وبسالتهم في مقاومة المحتل، صحيح كنا أطفالا لكننا كنا جزءا مما حدث، وعلى قرب من الأحداث.

ولي قصة وجدت من الضروري أن أحكيها، حينما كنا نلهو وزملاء في باحة مقبرة المعلا، التقط أحدهم قنبلة يدوية كانت مرمية، أخدتها منه، مع مرور أحد الفدائيين من عائلة باحبيب ، في لحظة الشجار سحب الزميل الأمان، صرخ باحبيب ارمها بعيدا وانبطح، وحدث أن انفجرت بعيدا عنا، والحمد لله لم يصب أحدا منا بأذى، غير ما انتابنا من خوف ورعب، هرولنا لبيوتنا، دقائق وكان جند الإنجليز يحوطون المنطقة، ويبحثون عن الفاعل، ومرت بسلام، وكم هي الحوادث المأساوية التي راح ضحيتها الكثير من الأطفال من بقايا المتفجرات ، وكم هي قصص الفدائيين التي صارت حكايات لبطولات وبسالة مدينة وشعب تواق للحرية والاستقلال والسيادة على أرضه، وحقه في الإرادة الحرة لتقرير مصيره .

ونعود للأسئلة، التي كلما كبرنا تعددت وتنوعت وتعقدت، وأهمها أين الاستقلال الذي تطلعنا إليه؟ وأين النعيم الموعود والجنة المنشودة؟، أين الدولة الوطنية ووطن التعايش؟ أين عدن التي كانت وكنا؟

وفي السبعينيات صرنا مضطرين أن نصحوا فجرا لنقف طابور المقرر لشراء الخضروات واللحوم والدجاج والأسماك ، كما هو مقرر لنا من المواد الغذائية من شركة التجارة الشركة الوحيدة للدولة ، كيلو سكر لكل فرد، وهكذا بقية المتطلبات بقسيمة شراء كلا بعدد الأسرة، وعندما تقرر الدولة استيراد فواكه، تكتظ الطوابير ازدحاما، كل هذا والرفاق زادوا من حجم معاناة الناس بصراعاتهم التي دمرت ما خلفه الاستعمار من إعمار، ومن ثقافة ومجتمع مدني وتعدد سياسي وثقافي وعرقي، صراعات استمرت في تهجير العقول والكفاءات والمهارات، واستبدلت بمناصرين لشعار "ثورة ثورة لا إصلاح".

كبرنا وعرفنا أن المستعمر البغيض طرده المناضلين والأبطال، وحكم البلد شوية شباب متحمس ومسلح بـ "ثورة ثورة لا إصلاح"، وسالمين نحن أشبالك وأفكارك لنا مصباح، وعلى الكل أن يعيش ويكن له نصيب في التعليم والوظيفة كعضو في الحزب، وعبدا للانضباط الحزبي، بيئة كانت طاردة للفكر المختلف, والرأي المختلف، ورأس المال والشركات الكبرى محلية ودولية، وتحولت عدن لنوع واحد ولون واحد ونفس واحد، وصوت واحد لا صوت يعلو عليه، وزاد من مأساة عدن وأبنائها تأميم المساكن واجب ، وتخفيض الرواتب واجب، تحريق الشوادر واجب، واجب علينا واجب، هذه الصورة السوداوية للاستقلال.

وما زال الاستقلال ضائعا، و30 نوفمبر هو الروح الذي يجب أن يبقى ليغذي فكر الاستقلال في كل ذهنية جيل، 56 عاما ونحن نسعى للاستقلال وفي كل مسعى نجد من يعيق استقلالنا، ونفقد كل منجز تحقق، اليوم نفتقد للدولة الوطنية التي تأسست في 30 نوفمبر ، وافتقدنا للوحدة ودولة أن وحدة الأرض لكنها فرقت بين الناس، واليوم ما زال ساطور التمزيق يعمل، ليقسم البلد لكانتونات ويحلم المستعمر باستعادة مشروعه الجنوب العربي، وعودة السلطنات والمشيخات، كما يحلم بعودة الإمامة في الشمال، وما زال الشعب تواقا للحرية والاستقلال، شعب أبكى الصخور وهزم بريطانيا العظمى التي لا تغيب عنها الشمس، اليوم منهك يتطاول عليه الأقزام، لكنه شعبا جبار سينتفض في ليلة غبارها سيصل ليطيح بكل عميل ومرتزق، وكل دخيل وطامع ، وكل من لا يعرف أن اليمن مقبرة الغزاة .

* يمن مونيتور

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد