أغلب اليمنيين يعرفون تمامًا تاريخ الحوثيين مع الاتفاقات والهُدَن.
أما الأزمة الحالية فقد أكدت المؤكد وقدمت مزيدًا من الوقائع الدامغة على طبيعة الحوثي في النكث بكل ميثاق، ومعاهدة.
في (جنيف واحد) على سبيل المثال أعلن الوسطاء الدوليون عن هدنة، وفي (جنيف2) أيضا أُعلنت هدنة، وأعلنت مؤخرًا هدنة منذ 10 أبريل للعام الماضي، بالإضافة إلى حالة التهدئة المتوالية التي يتم الإعلان عنها على حدود المملكة، علاوة على استمرار المفاوضات مع الحوثيين، ووصول وفود حوثيين إلى السعودية عدة مرات.
القراءة السياسية لهذه التحركات المتواصلة، يضعها ظاهريًا في مسار جيد على طريق حل المشكلة اليمنية في إطار قرارات الشرعية الدولية، لكن القراءة الواقعية والحقيقية التي تنطلق من الاعتماد على مصداقية الطرف الانقلابي وجديته في تطبيق قرار مجلس الأمن فإن التشكيك في جديتهم سيكون سيد الموقف. اليمنيون يتابعون ما يتصدر وسائل الإعلام من أخبار تنساق وراء الإعلانات المضللة للحوثي، وأيديهم على قلوبهم وألسنتهم تقول: لا تنخدعوا كما خدعنا عشرات المرات من قبل، ولذا فإنه من الضروري إدراك نقاط عديدة تتعلق بحقيقة الحوثي في هذا المسار
أولا: الحوثيون جماعة دينية لها أدبياتها ومنطلقاتها الأيديولوجية التي تنطلق منها في كافة مفاوضاتها وتحركاتها داخليًا وخارجيًا، فهي تطلق شعارات فضفاضة تدع لنفسها مجالًا لتفسيرها بحسب تلك الإيدلوجيا، وليس بحسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية لليمن، أو ما تقتضيه مسارات المصالحة والسلام. لم يثبت منذ أن نشأت الحوثية في اليمن أنها التزمت بعهد أو طبقت اتفاقا وقعت عليه وبالتالي فالأصل هو أن الحوثيين ينقضون أي اتفاق نتيجة لتلك التأويلات التي يعمدون إلى تبنيها دائمًا. فلم يصدقوا في أي تفاوض ولا في أي اتفاق على مدار تاريخهم أبدًا، ويمكن أن يطرح عليهم سؤالًا تاريخيًا لن يجدوا له جوابًا فحواه؛ متى قد التزمتم باتفاق؟ أما عدم التزامكم فهو الأصل.
هناك إشكالية عميقة وقد تكون عقدية لدى الحوثيين مع المصطلحات والمفاهيم، وكأنها مفاهيم عكسية للاتفاقيات والهدن والالتزامات.
ثانيًا: لم يلتزم الحوثيون حتى بالاتفاقيات التي تُصنع من قبل قياداتهم وأقرب مثال على ذلك (اتفاقية السلم والشراكة) وقد تحدثت مصادر ذات مصداقية أن الاتفاقية صيغت في طهران، وفرضت على القوى السياسية ووقعت عليها الأحزاب تحت ضغط السلاح وبالقوة، وكان الحوثيون لا يزالون في صنعاء، وكان من أبرز بنودها عدم التمدد في المدن، ولم تنته ليلة هذا الاتفاق حتى نقضوه.
ثالثًا: المسار التاريخي للإمامة في اليمن حيث يعد الحوثيون امتدادًا لها، تميز بنقض الاتفاقيات وبشكل متواصل حتى في إطار الصراع الإمامي البيني داخل الزيدية.
بناء على ما سبق وغيره من التجارب اليمنية مع هذه الجماعة فإن اليمنيين يرقبون هذه التحركات بحذر لأنهم يدركون أنهم قد يتحولون إلى ضحية أي اتفاقيات ترفع شعارًا وتمارس ما يناقضه كما هو ديدن الحوثي عبر تاريخه القريب والأقرب.
أخيرًا وبعيدا عن الدبلوماسية؛ أثبتت الأحداث التاريخية والحالية أن الصراع مع هذه الجماعات ذات التوجه الإمامي السلالي، المؤدلجة بتلك العقائد السياسية الدوغمائية، أن الحل العسكري هو الحل الوحيد لإيقاف أحلامه المرتبطة بمشروع إيران التدميري في المنطقة
الكلمة أمانة وما سبق هو براءة للذمة ومن كذب جرب .