الكتابة عن الشهيد عبدالله الحاضري في ذكرى ولوجه إلى عالم الخلود الأبدي تحتاج إلى الغوص في هذه الشخصية الاستثنائية في كل شيء في النضال والتضحية في العلم والمعرفة في النزهة والزهد حتى في الفتوة والمشاغبة.
الحاضري الآتي من وسط زيدي تنضح حجارته بالتعصب ممتطيا صهوة السنة وعبر بها فتوته وشبابه وختم بها عمره المترع بالمبادئ والقيم والإيمان بمنظومة الدين القويم.
بداء طفولته المتمردة على قيود الشباب ونزعته نحو الحرية وتحقيق الذات والاعتزاز بشخصيته وجموحه نحو الاستقلال المبكر.
عبدالله الفتى الذي أتعب من حوله لأنه يرى نفسه أكبر من سنه وأقوى من قدراته، تنقل بين المدارس والمعاهد لأنه يكره الخضوع حتى لأبيه ومدرسه، هو يرى أن ذاته خلق كبيرا لا يحتاج لمن يقيد حركته، هذا الفتى الطالب في الإعدادية والثانوية لا يتحمل اللوم ولا العتاب ما بلك بالتقريع أو التأديب، مارس الرياضة وتعمق في الفكر وسحرت لبه الأنغام وعاش في اللحن الطروب زمنا.
وما أن بلغ مبلغ الفتيان حتى استهوته بطولات العظماء فصال وجال في الدفاع عن قيمه ومبادئه التي غرستها في قلبه وروحه المعاهد العلمية.
تميز باختيار رفق دربه وأصحاب رأيه على شاكلته شجاعة مفرطة واعتزاز بالنفس مبالغ فيه.
عبدالله الحاضري:
مشكلته منذ نعومة أظفاره أنه لا يقبل أنصاف الحلول ولا يرضى التوسط إما الصدارة أو الانقلاب على كل ما يعيقه أو يقيد تقدمه.
جال في العاصمة فتا يافعا أرهق أقرانه وأعجب بمن هم أكبر منه وكان ملهم لمن هم دونه.
تميز الرجل في شبابه بطموح عالي ومنظومة قيم باذخة السمو وعشق لا متناهي للجهاد في سبيل عزة وكرامة الأمة.
ناضل باكرا وفقا لمعطيات تلك المرحلة فتميز وكان آية في الشجاعة والتضحية والثبات
في حروب التمرد في صعدة شهدت على بسالته تلك الجبال الرواسي وسطرت بطولاته ذاكرة زملائه ورفاق كفاحه.
يختزن المفتش العام للقوات المسلحة اليمنية اللواء الركن عادل القميري ذكريات وأحداث ومواقف، تسطر بحرف من نار ونور.
فقد كان ورفيق دربه في النضال الشهيد علي البيلي في مواطن الغنيمة جنودا مغمورين وفي عرصات الوغى ومواطن التضحية أبطال كأعلام مضيئة على قمم الشماريخ الطوال.
رافق الشهيد حميد القشيبي في مواطن وطنية لإخضاع التمردات على الدولة خارج اختصاصه القضائي والإداري.
كرجل يقفز على الأعذار ليواجه المخاطر.
واجه التمرد والخروج على الدولة وإسقاط العاصمة صنعاء فكان الرقم قبل الأخير الذي غادر معسكر السبعين في الفرقة الأولى مدرع في يوم النكبة المشهودة الـ 21 من سبتمبر 2014 م.
أسس اللبنات الأولى للقضاء العسكري عقب الانقلاب المشؤوم.
وتجاسر ليقوم بمهمة قضاء الدولة، وقدم رموز الانقلاب وعتاولته للمحاكمة في زمن تاهت فيه أدوات الدولة وعطلت فيه المهام.
ليتوج رحلت نضاله الطويلة بتقديم رأسه المليء بالقيم والمبادئ والعلم والمعرفة قربانا في محراب اليمن الذي أحبه.
حفظ الله اليمن ….