انتظر العالم الرد الإيراني المناسب والذي سيأتي في الوقت المناسب والطريقة المناسبة، كما قال قادة إيران.
وانهمك قادة إيران على دراسة كيفه الرد ومتى يكون الوقت، والطريقة.
ولا بد أن هذه الدراسة أخذت حقها من الفحص والتمحيص في كل مؤسسات اتخاذ القرار وبخاصة رأي لجنة تشخيص مصلحة النظام، وانتهاء برأي المستبد الأعلى، وفي رواية المرشد الأعلى.
وجاء الرد الإيراني المدفوع بضغط ردود الفعل للشارع الإيراني؛ أكثر مما هو قناعة لدى قيادة الملالي؛ ولذلك تم استدعاء طريقة الرد على مقتل قاسم سليماني التي قامت على التفاهم والترتيب للرد الإيراني حينذاك بين واشنطن، وطهران، وهو ما ظهر من طريقة الرد بضرب ناحية خالية من قاعدة أمريكية في العراق تسمى عين الأسد، وأكد التفاهم ذاك تصريح لاحق للرئيس الأمريكي السابق ترامب!
ولما كان- اليوم- لا بد لملالي إيران من الرد على ضرب القنصلية بدمشق؛ فقد جرى التفاهم الذي قاله وزير خارجية طهران بصراحة إنه أبلغ البيت الأبيض بالعملية قبل 72 ساعة. الأمر الذي جعل أمريكا وبعض دول أوروبا الغربية تشارك بحضور واسع في التصدي لمسيرات الملالي وصواريخهم. وهو ما لم تخفه أمريكا أو الدول المشاركة.
أعلن ملالي طهران أكثر من مرة، وفي أكثر من محفل أنهم مكتفون بما قد فعلوا، ولن يزيدوا شيئا، وهي رسالة لواشنطن على خلفية التفاهم بينهما، ولا يخفى على أحد مسارعة البيت الأبيض بتهنئة نتن ياهو بالفوز، باعتبار محاولة إيران العسكرية جاءت فوزا لنتن ياهو، ثم النصح بعدم الرد، والتأكيد للكيان اللقيط أن أمريكا لن تكون معهم في الرد.
التبجح الصهيوني - برغم أنه متكئ كلية على الدعم الغربي - لن يستجيب للنصح، وسوف يقوم برد، وأحسب أنه سيكون ردا على ضوء التفاهم الأمريكي الإيراني، تحدده واشنطن أين؟ وكيف؟ وقد يخرج الكيان عن النص شيئا ما، وفق غرور الغطرسة الصهيونية.
ستقف الأكاديميات العسكرية في العالم، أمام نظريتين عسكريتين جديدتين في التخطيط العسكري؛ طوفان الأقصى كتخطيط حديث، ونوعي للنجاح، وطريقة ملالي إيران كنموذج للتخطيط الساذج الخائب المتردد ...!!
لقد جاء الرد الإيراني بمثابة عملية إنقاذ لنتن يا هو، وللكيان اللقيط أيضا.
أما النتن فاستغلها وأنصاره لكسب العواطف والمواقف؛ داخليا لكبت معارضيه، وتحجيم مظاهرات أسر الأسرى، بل توقفها بحجة ما تقوم به إيران، وأما خارجيا؛ فها هو سفاح الكيان اللقيط يدعو لتكوين حلف لمواجهة إيران، ويستجدي عواطف الشعوب الغربية؛ ليصرفها عن تعاطفها مع القضيّة الفلسطينية. وستطلق يد الغرب باستمرار تدفق الأسلحة الغربية للكيان اللقيط، بعد أن كانت هناك منظمات وأصوات تطالب بإيقاف تصدير السلاح للكيان الغاشم.
البيت الأبيض سيزداد حرصا على ترسيخ وتطوير التخادم الاستراتيجي اللعين بين الكيان اللقيط وملالي إيران، وسيعمل بجد على أن يكون الرد والرد المضاد أشبه بالمناورات منه بالعمليات الحقيقية.
المناورات وحدها يتم الإعلان عنها متى وأين ستكون؟ كما يعرف بسطاء الناس أن أهم عنصرا في الحروب؛ عنصر المفاجأة. حتى أن عوام الناس يقولون: من لطمك أعماك!
لكن الدراسة التي درستها مؤسسات اتخاذ القرار الإيراني؛ قررت أن تبلغ واشنطن، الحليف الأكبر للكيان، قبل أن تنفذ عمليتها المحدودة بوقت كاف ..!!
ومع علم إيران اليقيني أن الشيطان الأكبر - بحسب تسمية طهران - سيبلغ الشيطان الأصغر، إلا أن طهران بلغت - أيضا- أصدقاء الكيان ودول الجوار قبل 72 ساعة من بدء العملية، وإن شئت الدقة، من بدء المسرحية ...!!
التفخيم لإيران، وتضخيمها؛ لا تحبذه واشنطن فحسب، وإنما تشارك فيه! إذ لها فيه مآرب متعددة، فلم تبالِ أن تلعب البيت الأبيض دور المفجوع عندما أعلنت أنه لا علاقة لها ولا علم، ولا صلة بما قام به الكيان الصهيوني من قصف قنصلية إيران بدمشق وقتل قيادات لما يسمى بفيلق القدس، وعززت بتصريح آخر ينصح فيه الكيان اللقيط ألا يبالغ في الرد في حال قيام إيران بمهاجمة الكيان الصهيوني، وكررت أن على ذلك الكيان التشاور مع البيت الأبيض قبل أي رد.
بفجاجة، جاء إعلان اللهيان وزير خارجية إيران بأنهم أخطروا البيت الأبيض بالهجوم (المسرحي) مسبقا؛ لينفي به مشاركة واشنطن ودورها في ترتيب عملية الرد الإيراني وأين يكون، ومقدار حجمه؟ وبالتالي سيوجه البيت الأبيض الشيطان الحليف بعدم الرد وفق ما طلب من ضرورة التشاور بينهما!؟
أحسب، بل أجزم أن شرائح واسعة من عبيد إيران سيقولون، سرا وعلنا: ليت إيران سكتت، ولم تحبطنا هذا الإحباط ...!!