من الطبيعي أن يسفر مشروع الولاية الحوثي العنصري، المتخلف، عن خراب عظيم، وردات فعل شديدة وقاسية في الأفكار والمواقف، قد تنال من أبرياء، للأسف.
وقد لا يسفر المشروع الحوثي الظالم، عن نقيضه الإيجابي؛ العادل والمنصف، في المدى المنظور، وإنما قد يولد أشباهه، وربما ما هو أقسى وأشد، لكن التظالم ليس حلا، وإنما خطأ فادح ومأساة متكررة.
يجب أن يُقابَل المشروع الظالم، بمشروع عادل، يتصدى له ويتغلب عليه ويهزمه، ويحل محله. وفكرة التمييز العنصري، ليس حلها مشروع عنصري مماثل مضاد، وإنما مشروع يتبنى المساواة الإنسانية الشاملة، وقد سبق لأمم كثيرة، وتبنت مثل هذه المبادئ منذ قرون، واستمر النضال في سبيل تحقيقها على أرض الواقع، حتى أصبح أوباما الأفريقي الأسود، رئيس أقوى دولة في التاريخ، غالبية سكانها من البيض، وأصبح سوناك الهندي رئيس وزراء بريطانيا العظمى، وما يزال كفاح الإنسانية في سبيل المساواة والعدل، مستمراً.
قامت الثورة اليمنية على الإمامة، في ستينات القرن الماضي ،بمبادئ وأهداف نبيلة، لكن، على الرغم من التضحيات الجسيمة في سبيل ذلك، لم تجد تلك المبادى العظيمة من يرسخها، مع الزمن، بما فيه الكفاية، لأسباب تحتاج تفصيلاً ليس محله هنا، وكانت حركة الحوثي وحركة الإنفصال من تداعيات غياب المشروع الوطني العادل الشامل، وبسبب غياب القيادات الوطنية المسؤولة بعيدة النظر، وبسبب رداءة النخبة؛ وكتبت في 2019، عن النكبة والنخبة، التي تسببت في اجتياح صنعاء، بالمقارنة بالنخبة في فلسطين، في الفترة 1937 -1948؛ التي يرى الناقد الفلسطيني فيصل دراج، أنها سبب في نكبة فلسطين. وكتبت في 2010 عن مظاهر التدهور الشامل؛ مقالاً بعنوان: عشرين عام من العبث! ولعلني لا أقول ذلك الآن، تنصلاً من المسؤولية أو تبرئةً للنفس.
وقد انتهى الأمر، بشخصيات شاركت في الثورة اليمنية أو شاركت في تحقيق الوحدة إلى ممارسات، ليست ثورية ولا وحدوية، ولا وطنية، والأمثلة كثيرة على الهيمنة على السلطة والإستحواذ على الثروة، بالفساد الجائر المتبجح، والاستهتار الغبي والتجاوزات الفجة، دون أدنى شعور بالمسؤولية.
ومع ذلك فإن إعادة تجزئة اليمن ليست الحل، ولا مشروع الإمامة هو الحل، فتلك كوارث ونكبات أخرى مضاعفة ومخزية وظالمة، وإنما دولة عدل وقانون ومساواة لكل الناس، وقد لا تكون قريبة المنال الآن، بسبب ما نحن فيه، لكن يجب أن تكون هي الغاية، في نهاية المطاف، وعسى أن تتعلم الأجيال القادمة من تاريخنا وأخطائه، وكفاح ونجاح الأمم الأخرى، وتتجنب الأخطاء والخطايا والخفة والإستهتار الذي قادنا إلى ما نحن عليه.
ومن المهم أن يكون المشروع الوطني الجامع، مستنداً إلى تطلعات شعب اليمن العريق المظلوم، وحقه في الحرية والكرامة والاستقلال والوحدة، وغير قابل للتدخلات والإختراقات الخارجية، التي تحدث الآن، وتمرر عبر بعض أصحاب النوايا الحسنة، وعبر بعض الخانعين الخاضعين.
——————-
وملاحظة حول فكرة الأقيال!
تحتاج اليمن على نحو ملح وضروري لتنظيم وطني يمني، وقد يكون الأقيال نواته، شريطة أن يقوم التنظيم على أسس ومنطلقات وأهداف وطنية ومضامين أهمها:
⁃التصدي لمشروع الكهنوت الحوثي الذي تسبب في النكبة الوطنية التاريخية ويتبنى مشروع الولاية والتمييز العنصري، واعتبار الهاشميين المناوئين لمشروع الولاية والتمييز العنصري أشقاء وشركاء.
⁃إيلاء وحدة الكيان اليمني، المتمثل في الجمهورية اليمنية وترابها الوطني؛ أهمية خاصة وقصوى، وعلى نحو حازم وصارم، والتصدي لمن يحاول النيل من وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه، دون تسويف أو تأجيل، بحجة التفرغ لمواجهة الحوثي.
⁃حماية المشروع الوطني من الإختراق الخارجي ومن أن يكون مطية للتدخل الخارجي، بما يحقق الأجندات المعادية التي تنال من وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه.
⁃وفي حالة عدم تحقُق ذلك من خلال الأقيال؛ فهناك حاجة وضرورة، لتنظيم وطني يمني غير الأحزاب القائمة، يحقق تلك التلطعات والشروط والمنطلقات والأهداف والمضامين.