السؤال اليوم الذي يراود القوى الحية في اليمن، هل فشل النظام الجمهوري؟
وانتصر المشروع السلالي الذي تمثله معظم دول الجزيرة العربية والإقليم.
كنا نفتخر في اليمن أننا كسرنا النظام الإقطاعي في الجنوب ولإمامي في الشمال، بإعلان النظام الجمهوري الذي واكب حركات التحرر العربية والقومية، كان ذلك إنجازا عظيما لم يرق للإقليم الذي معظمه تحت حكم أسر أرستقراطية وعائلات مالكه، دب فيها رعب أن يمتد هذا النظام ليطولها ويهلك حكمها الإقطاعي.
رغم ما شاب المشهد السياسي في اليمن، والتدخلات الإقليمية في دعم المشايخ والأعيان، وتوظيف التناقضات العقائدية والطائفية، والعمل على دعم القوى التقليدية الرافضة للدولة الحديثة والجمهورية والمواطنة، واستمر الإقليم في دعم الصراعات القبلية والطائفية، وتعزيز الإرث التاريخي عن الحكم، واستملاك السلطة عبر أنماط ذلك الإرث، مما عزز الصراع الذي فكك القوى الوطنية ومشروعها لصالح مشروع القوى التقليدية المتخلفة بكل أنماطها الطائفية والعقائدية والسلالية.
وعلينا اليوم أن ننظر للمشاريع التي تتصارع على الواقع بمنظور المشروع الوطني والجمهورية والمواطنة.
ومع الأسف أن الشمال قد استملكته قوى طائفية سلالية، والجنوب يسير للاستملاك قوى سلالية متطرفة للعرق والمنطقة.
لاحظ ما يدور اليوم في الجنوب، تشكيلات قبلية وسلالية، تستملك على السلطة من خلال التشكيلات العسكرية التي معظمها بنيت على نفس النمط، تشكيلات مذهبية ومناطقية، تختلف في الكثير وتتفق في مصالح، وعندما تنتهي المصالح، سيبدأ الصراع الأكثر شراسة على السلطة والثروة.
ولهذا نجد أن من الضروري اليوم استعادة زمام الأمور وفق مرجعيات الجمهورية ودولة المواطنة والحريات والعدالة الاجتماعية، التعدد السياسي والثقافي والاجتماعي، من خلال تشكيل نخبة تعي خطورة ومالات الصراع الطائفي والمناطقي وما ينتجه من كراهية وعنصرية تدمر البنية التحتية لمشروعنا الوطني، استعادة الجمهورية، من خلال إنعاش دور القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
هذه النخبة إذا استملكت الواقع بدعم جماهيري لتعيد الروح لمشروعنا الوطني، وتعيد بنا أدوات هذا المشروع في مواجهة ما يخطط لليمن بدعم خارجي يوظف أدوات الإرث التاريخي البالي القديم.
للأسف إننا نشهد صناعة الأصنام البشرية، بل نجد من يغذي ويبرر لمثل هذه الصناعة، مثقف أممي يراهن على شيخ قبلي سلالي، ويراهن على قوى عسكرية عقائدية وسلالية، على أمل أن تعيد له دولة، دون التفكير ما هي الدولة التي ستنتجها تلك الأدوات؟ وما شكل مستقبلنا ؟ والله المستعان.