قال الرئيس علي ناصر محمد في مذكراته، إنه صاحب فكرة زيارة الرئيس صالح إلى عدن، في نوفمبر 1989؛ التي تمخض عنها الاتفاق التاريخيّ، لتحقيق الوحدة، لكن صالح فاجأه بعد شهر من تلك الزيارة، بطلب زملائه في الحزب الإشتراكي اليمني، وخصومه، في حرب 1986، خروجه من صنعاء ومن اليمن، وكيف أن صالح وافق على ذلك!
وقال ناصر لصالح لقد تخليت عنا! لكن علي سالم البيض سوف ينتقم لنا منك، ولن تذوق الراحة والنوم وطعم القات، فأنا أعرفه واعرف طبعه، واستخدم ناصر تعبيرات قاسية بعض الشيء بحق البيض، تحاشيت إيرادها هنا، كما كان ناصر متذمراً من صالح أيضاً، لما اعتبره قلة وفاء منه!
وتحدث عن وفاء صديقه الرئيس حافظ الأسد، الذي استقبل الرئيس علي ناصر، في قصر الشعب، صباح اليوم التالي، لوصوله دمشق، منفياً من اليمن!
ومع ذلك فقد سمعت الرئيس ناصر يثني على جوانب عند الرئيس صالح، وقال إنه لا يقطع التواصل، مهما كان مستوى الخلاف!
ولام ناصر البيض الذي بقدر اندفاعه إلى الوحدة، دون ترتيبات كافية، في رأي ناصر، إندفع إلى الإنفصال؛ وقال إن البيض أخبره بأن دولاً في الخليج وعدوه بملياري دولار، لكن السييلي استلم مليار دولار فقط “ثمن التخلي عن الوحدة” حسب مذكرات الرئيس علي ناصر!
وإذا كان مثل ذلك قد يحصل مع شخص في مستوى علي سالم البيض، بهدف الإنفصال، فما بالنا، ببعض من نعرف اليوم، وهم مستعدون ببيع الوطن قطعة قطعة، على حد وصف الصديق الدكتور أحمد الدبعي، وبثمن بخس!
ونتذكر التوجيهات مؤخراً بخصوص تسليم ميناء عدن للإمارات؛ وكذلك الوضع في سقطرى وميون.
الرئيس علي ناصر محمد وحدوي، ومعتز بما يعنيه اليمن العظيم، ومؤمن بالوحدة اليمنية، بصفة دائمة، مثل رفاقه المناضلين؛ سالمين وعنتر وصالح مصلح قاسم، وعبدالفتاح وآل باذيب، لكنه ضد مفهوم وحدة الضم والإلحاق، وضد فكرة الأصل والفرع، وقال إن هناك في صنعاء، من توقع أن نسلم له الجنوب، بعد الإستقلال، على طبق من فضة، عام 1967!
قال الرئيس علي ناصر أن بعضاً من رفاقه، أصروا على خروجه من اليمن، وراهنوا على عدم عودته، لكنه عاد في عام 1996 إلى عدن، في طائرة خاصة، وقد تبدلت الأحوال، وفي عام 1998، استقبله الرئيس صالح في معاشيق، ولاحظ أن صالح قد بنى غرفة قمرية تطل على منظر البحر الساحر، وهي أكبر من الغرفة القمرية التي استقبل فيها صالح، ضيفاً، عام 1981! وقال إنه في 1998 صار ضيفاً، في قصر معاشيق، في عدن، بعد ما كان مضيفاً في عام 1981!
وقال إنه لاحظ، في معاشيق، حضوراً لافتاً لشباب مشايخ حاشد وبكيل؛ صادق الأحمر ومحمد ناجي الشايف، ومحمد ناجي الغادر، الذين كانوا على مدى شهر كامل، يُشاهَدون في التلفزيون، وكأنهم في مهمة رسمية، وفي وظائف حكومية، وسأل الرئيس صالح لماذا لا تنوع مجالسيك، فرد عليه صالح، إنها سياسة لكسب أولاد المشايخ!
وتساءل الرئيس ناصر كيف تُختَصَر اليمن في حاشد وبكيل؟!
وقال : هذه مشكلة بعض النخب الشمالية -وأكد على بعض- تختصر اليمن في منطقة محدودة، وتعتبرها اليمن، والبقية تتعب وتشقى وتدفع الغلة، وعليها أن لا تفكر لا في المنافسة ولا حتى في الشراكة!
نعترف بهذه الإختلالات وندركها، وننقدها ونقاومها، لكن لا شيء يبرر شرذمة اليمن وإعادة تقسيمها تحت أي ظرف.
وللتاريخ، فقد لاحظت أن غالبية أبناء شمال الشمال كانوا متفائلين، ومستعدين، للتعاون مع الرئيس هادي، إلى أقصى حد، ولم تكن المشكلة مشكلة عامة الناس في تلك المناطق، في ما آلت إليه الأمور؛ ولا يتسع المجال هنا للتفصيل أكثر، وقد تكون لنا عودة في وقت لاحق، للحديث عن ذلك.