كثير من المثقفين يدركون ويقولون بل ويؤمنون أن معركة اليمنيين مع الحوثي سياسية واقتصادية وعسكرية وفكرية، لكنهم لا يقولون إنها أيضا معركة إعلامية! حتى الذين يقولون إنها إعلامية، أو يدركون ذلك، تكذبهم منشوراتهم وشغلهم في الوسط الإعلامي أو المجتمعي!
يتعاملون مع الأحداث كالعوام!! لا اهتمام بالأحداث، لا متابعة، لا ربط ولا تحليل، ولا قراءة.. لذلك تجدهم ينصدمون أكثر من العامة، يلطمون ويقدمون قراءة يائسة في كل وقت، ليس مرة ولا مرتين، حتى المنخرطين منهم في العمل الإعلامي ينسون أبجديات المهنة، يهملون قوالب الكتابة وأساليب النشر، واكثرهم قام بتجريد نفسه من كل أسلحته الإعلامية ورضي بأن يرابط على عتبة التلقي للأحداث والنتائج ليبدأ النواح والشتيمة..
رد الفعل مكفول لكل الخلق بلا استثناء، لكن النخب لها طرقها الإبداعية في التعامل معها، ولذلك سميت بالنخب، ومنحتهم السنوات مستوى إدراكيا ومعرفيا أعلى قليلا من غيرهم، وقليل من هؤلاء ألزموا أنفسهم دروب المسئولية تجاه مجتمعاتهم فقاموا بجهود زائدة على مجهودات أقرانهم، فأحسنوا التعامل وفتحوا للناس آفاقا وفضاءات للتفكير والتمحيص والتحليل..
إنها مسؤولية تاريخية يا قوم، علمونا كيف نحمي عقولنا من التضليل، كيف نحرس مبادئنا من التخندق، كيف نحمي فضيلتنا من الاستقطاب! لا تتركوا شعبكم بلا توجيه! أرجوكم لا تؤولوا حديثي هذا بأنه طريقة لتخدير الناس، أو دعوة للتطبيل، أو تكثير سواد القطيع.. إنها دعوة للانخراط في المعركة الإعلامية التي هي في صميم أسلحة الانتصار واستعادة البلد المسلوب!!
أكثر من نصف شعبكم يخضع لآلة تضليل واستقطاب وتأثير تراكمي مدروس من قبل الماكينة الإيرانية الخطيرة وأدواتها في اليمن، وروافدها المغذية لها في المنطقة...!! بينما النصف الآخر من الشعب يهيم بلا راع، ويغرد بلا دليل!! وليس ببعيد عن استقطاب وتأثير مطابخ وأجندات ممولة وخبيرة ومتفننة في تجريد هذا الجيل والذي يليه من أسلحة الأمل والتفاؤل والوعي والإدراك، ونخشى أنهم بفقدانهم هذا السلاح ينحازون للعيش من أجل بطونهم والتخندق وفقا لمؤشر الجيب والرصيد إن حسن حظهم، أو لمؤشر الجوع وصوت صفير الأمعاء كما هو الحال الآن..