لماذا تم اغتيال إسماعيل هنية في طهران وليس في الدوحة، ولماذا عجزت إسرائيل عن اغتيال قيادات ميدانية لحماس في الداخل، بينما استطاعت اغتيال العاوري في بيروت في كنف حزب الله، واغتالت هنية في طهران في كنف الحرس الثوري الإيراني؟ ولماذا لم نسمع عن محاولات اغتيال لحسن نصر الله أو عبد الملك الحوثي أو قيادات الحشد الشعبي؟!
ولست بحاجة للقول، إن مقتل هنية بهذه السهولة وفي طهران، لا يلقي بظلال من الشك على التخادم الإيراني الصهيوني، بل يؤكد هذا التخادم، فهل يعقل أن إيران تجهل أن هنية مطلوب للكيان الصهيوني، هي لا تجهل ولكنها تهيء الملعب لإسرائيل ولصفقة سياسية قادمة.
والأهم من هذا كله، هل تحتاج إيران للتهديد والوعيد وأن ردها سيكون قاسي، أم أنها تحتاج لفعل ذلك وتترك الواقع يتحدث عن ذلك، فلو أن إيران تريد الاشتباك مع إسرائيل، فإنها لا تحتاج إلى كل تلك المقدمات ولا إلى التهديد والوعيد.
إن إيران وأدواتها ليسوا مع القضية الفلسطينية ولا مع الفلسطينيين، فهم يخدمون الكيان الصهيوني بكل إخلاص، فالحوثي نقل أنظار العالم إلى البحر الأحمر وحرف مسار الكاميرات التي تنقل جرائم الكيان الصهيوني في غزة إلى تلك السفن المدنية، وإيران انقذت نتنياهو بتلك الصواريخ والمفرقعات الكاذبة التي لم تقتل إسرائيليا واحدا وجعلت العالم كله يتعاطف مع إسرائيل.
يجب ألا نركز اليوم على إسرائيل فقط، كونها قامت بالجريمة، بل يجب التركيز على إيران التي سهلت لها القيام بهذه الجريمة مثلما سهل حزب الله من قبل اغتيال العاوري ولو كانت إيران وأدواتها صادقين مع القضية الفلسطينية لدخلوا الحرب بعد السابع من أكتوبر.
نقول هذا الكلام من منطلق ادعاء إيران أنها مع القضية ومن منطلق خطابها المقاوم كما تزعم وتماشيا مع خطاب المتاجرة الإيرانية بالقضية الفلسطينية، لقد أنشأت إيران المليشيات ليس للدفاع عن فلسطين وإنما لتقويض الأمن في البلدان العربية وتقويض الدولة الراعية لأبنائها.
إن المصالح المشتركة بين إيران وإسرائيل أكثر من أن تحصى وتعد، وقد استطاعت إيران بسلوكها أن تحول الأنظمة العربية إلى أنظمة مطبعة مع الكيان الصهيوني وبذلك تكون قد تزعمت مقاومة وهمية لمقاومة إسرائيل وبنفس الوقت دفعت بالآخرين للتطبيع مع إسرائيل، فهل سنصحو من هذه الغيبوبة ونركز على ذلك التخادم بين الطرفين، أم أننا سنظل في ضلالنا نتخبط حتى تستكمل إيران وأمريكا وإسرائيل مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي لن نكون موجودين فيه؟.