;
علي محمود يامن
علي محمود يامن

المؤتمر.. معطيات التأسيس الزمنية والوطنية 152

2024-08-14 01:01:20

مثل المؤتمر الشعبي العام تجربة رائدة في الحياة السياسية اليمنية ورافعة نضالية لليمن الجمهوري بإرادة وطنية خالصة.

shape3

وقد تطورت الفكرة منذ وقت مبكر ولاقت العديد من العوائق والصعوبات، فقد حاول اليمنيون في مراحل مختلفة من التاريخ إنشاء كيان سياسي واجتماعي جامع وتوالت الجهود مع تطوير الفكرة والاحتياجات المرحلية حتى خرجت إلى حيز التنفيذ في 24 أغسطس من العام 1982، بتأسيس المؤتمر الشعبي العام.

والذي انضوت في أطره كل التيارات السياسية والشخصيات الوطنية وقدم تجربة تاريخية ثرية، ومنه تشكلت كل الأحزاب السياسية عقب الوحدة في العام 1992، واحتفظ بتيارات عريضة من كل القوى الوطنية يجمعها الفكر الوسطي والتشبث بكيان سياسي تاريخي يملك رصيد من التجربة في العمل الوطني.

وتعود فكرة إنشاء كيان وطني جامع بحسب الباحث ثابت الأحمدي، إلى شهر أغسطس من العام 1928م - عندما وضع رئيس حزب الدستور التونسي الشيخ عبدالعزيز الثعالبي فكرة "مؤتمر يمني عام" بين سلاطين الجنوب وأئمة الشمال نصت المادة الخامسة منه على "تأسيس لجنة دائمة، مؤلفة من أعضاء، يختارهم أمراءُ البلاد الممتازة، وأعضاء يختارهم الإمام، للنظر في حقوق ومطالب ومصالح الجهات الممتازة ".

كانت هذه الفكرة تحمل مشروعا لتوحيد اليمن وان بصيغة فدرالية كعادة الأئمة كل فعل لا يجلب مصالح وجبايات يكون خارج اهتماماتهم.

في 11 أغسطس من العام 1963م انعقد "المؤتمر اليماني العام" في صنعاء، بمشاركة مجموعة من شيوخ القبائل، للبحث عن طرق ووسائل حل المشاكل السياسية الداخلية للبلاد، وفي السابع عشر من الشهر نفسه بدأت أعمالُ المؤتمر الثاني الذي أقر توجيه نداءٍ إلى مشايخ القبائل المناصرين للنظام الجمهوري، كما وجه نداءً إلى المشاركة في أعمال "المؤتمر اليماني العام" في عمران، للمساهمة في حل القضايا السياسية الداخلية للبلاد.

 الذي انعقد بمشاركة 500 من وجهاء اليمن من أجل حماية النظام الجمهوري والدفاع عن الثورة، في أبريل من العام 1977م، أعلن الرئيس إبراهيم محمد الحمدي من مدينة الحديدة عن تأسيسِ المؤتمر الشعبي العام، ولم يكتب لذلك الإعلان النجاح أو السير في خطوات عملية لعدم نضوج الفكرة وحشد القوى الفاعلة في عمل مؤسسي بطابع رسمي.

 في سبعينيات القرن العشرين عانت اليمن من الاحتقان السياسي والصراعات الأيدلوجية بين التيارات السياسية اليسارية والمحافظة، ضمن الامتداد للحرب الباردة بين قطبي العالم.

ودفعت اليمن ثمنا باهظ لانعكاسات تلك الأوضاع الدولية

فقد كانت اليمن الجنوبية تتبنى أيدلوجية اشتراكية مدعومة من المنظومة الاشتراكية بما فيها بعض الدول العربية. بينما الشمال يدور في فلك الدول المحافظة خصوصا الخليج والسعودية تحديدا وهو قريب ومدعوم من الغرب الرأسمالي المناهض للشيوعية وكانت الجغرافيا اليمنية قطب رحى لتلك الصرعات المحتدمة.

ونتاج لتلك الأوضاع الصعبة والمعقدة وما كانت تعانيه من حروب أهلية طاحنة ونعرات مناطقية وغياب لمؤسسات الدولة وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وحدية الصراع بين التيارات السياسية ذات التوجه اليساري والقومي في مقابل التيارات المحافظة.

كان لتأسيس المؤتمر في تلك الفترة، دوراً محوريا وفاعلا في توحيد كل اليمنيين بمختلف فئاتهم ومشاربهم وتوجهاتهم، بما حمله من عقد اجتماعي رصين، تمثل في إطاره الفكري ودليله النظري "الميثاق الوطني" الذي جسد إرادة اليمنيين بمنطلقات جمهورية وفق أهداف الثورة اليمنية " سبتمبر وأكتوبر"، تمثل ثالث أهم وثيقة ومرجعية بعد "أهداف الثورة اليمنية" و"الدستور اليمني".

 ويعد خلاصة التوافق اليمني حول برنامج سياسي واحد جامع ومانع يتسم بالثبات والمرونة في آن.

 جاء تأسس المؤتمر الشعبي العام يوم 24 أغسطس 1982م، كضرورة سياسية وحاجة وطنية في مرحلة زمنية مهمة، وضع فكرة تأسيس هذا التنظيم العملاق ثلة من القيادات الوطنية السياسية والفكرية والمجتمعية ومن ثم تتالت الجهود للقوى السياسية مجتمعة ليكون هذا التنظيم الرائد مظلة وطنية جامعة للعمل الحزبي والسياسي والتنظيمي وشكل المعادل الموضوعي للتنظيمات الحزبية الحاكمة في تلك الفترة التاريخية ليستمر بناء و تشيد مداميك هذا التنظيم العملاق على أيدي كوكبة طلائعية من افضل وأرقى علماء ومفكري وخيرة قادة اليمن الحبيب الذين جسدوا تلاحم هذا الشعب ورسخوا وعي الجماهير نحو ترشيد العمل السياسي وتجذير التجربة اليمنية نحو الاتفاق والتوافق والممارسة العلنية للعمل السياسي المتزن ولقد كان المؤتمر الشعبي العام السباق في توسيع قاعدة المشاركة الشعبية ومراكمة تجربة العمل السياسي الديمقراطي وإعلاء مبدأ الحوار كقيمة إنسانية وحاجة بشرية وضرورة وطنية في العمل السياسي المدني المؤمن بحق الشعب في المشتركة بالقرار الوطني.

 وقد مثل حدثاً سياسياً مهماً، ونقلةً نوعية في العمل السياسي حول الصراع بين التيارات السياسية والفكرية من الاحتراب والعمل في أروقة المقرات السرية الى النقاشات العلنية ما وفر أرضية من الاستقرار السياسي توجت بإعلان الوحدة اليمنية عام 90م وظل المؤتمر حزبا فاعلا ومظلة وطنية جامعة حتى إعلام التعددية السياسية.

يعد أحد الأضلاع السياسية المهمة على الساحة الوطنية ويتميز بقبوله للتنوع وانصهار كل التوجهات السياسية والاجتماعية في هذا الكيان السياسي المرن الذي حافظ على وحدة المسار السياسي الوطني في ظل التنوع الإيجابي والاختلاف الجيد الذي يعد أحد سنن الله في الأرض.

هذه التجربة الرائعة لو قدر لها أن تستمر كمظلة سياسية لكل القوى اليمنية ربما كانت انسب وأفضل للحالة الثقافية والاجتماعية والسياسية اليمنية وجنبت الوطن كوارث السياسة التي عصفت بهذا البلد العظيم.

يمثل المؤتمر الشعبي العام أحد حصون الجمهورية وقلعة من قلاع سبتمبر المجيد وأحد المنصات المهمة في مواجهة المشاريع الصغيرة المفتتة لليمن طائفيا وجهويا.

 مخاضات الصراع التاريخية التي خاضها المؤتمر الشعبي العام ولدت لديه خبرات تراكمية واسعة في إدارة الصراع بنضج سياسي يحتاج الى تبني سياسة واضحة وصريحة للدفاع عن المصالح الوطنية العليا وفي الطليعة منها النظام الجمهوري وفريضة بناء دولة العدالة والمواطنة المتساوية والتخفيف من انعكاسات الصراع السياسي.

وعقلنة السياسية من خلال المشترك الوطني في الرؤية والبرامج ليتسنى له التحول حزب يرتكز على مبادئ النظام الجمهوري وأهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر المجيدة وبالضرورة يحتاج إلى تطهير قياداته من مخلفات الكهنوت الإمامي والتمكين لحاملي المشروع الجمهوري في دواليب ومفاصل قيادة الحزب بمستوياته المختلفة.

المؤتمر فاعل سياسي وطرف وطني ويملك تجربة سياسية عميقة ويعد مخزون استراتيجي مهم للكفاءات البشرية المجربة والمؤهلة لا يمكن لعجلة استعادة الدولة أن تتم بدون مشاركة صادقة ومخلصة لهذا الحزب في مواجهة الإمامة وترسيخ مداميك النظام الجمهوري.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد