الظروف التي عاشتها اليمن في فترة الحرب الباردة. شكلت حالة من عدم الاستقرار استدعت حتمية تبني مشروع وطني سياسي واسع الطيف فتبلورت إرادة وآلية تنفيذ المشروع من داخل منظومة حكم الرئيس علي عبدالله صالح وأركان حكمه ومن أهم تلك الشخصيات الفريق علي محسن صالح، الدكتور أحمد الأصبحي، القاضي عبدالكريم العرشي، الأستاذ عبدالسلام العنسي، الدكتور عبدالملك منصور، الدكتور عبدالكريم الإرياني، المناضل حسين المقدمي، الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني، القاضي عبدالله الشماحي، اللواء صالح عباد الخولاني، وقيادات سياسية وفكرية وعلمائية وازنة وقوية كانت تشكل النخبة السياسية والاجتماعية والثقافية الوطنية في تلك الفترة كل تلك الجهود كانت تتمحور حول ضرورة إعادة بناء المؤسسات السياسية والاجتماعية الشعبية باعتبارها ضرورة وطنية تتيح المشاركة السياسية لجميع الفئات من أجل إرساء دعائم الاستقرار وتحقيق تنمية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.
وإن حتمية تاسيس كيان سياسي جامع يعد أقوى خيارات المرحلة للخروج من الأزمة الوطنية، ومواجهة الاختراقات الفكرية والعقائدية التي اجتاحت المنطقة العربية ومنها اليمن.
تم تشكيل لجنة بقوام خمسة وخمسون عضوا برئاسة القاضي عبدالله الشماحي، وهو قاض ومؤرخ ومناضل سابق في حركة الأحرار تشمل جمع القوى الوطنية أغلب أعضائها من مجلس الشعب التأسيسي.
- في 10 أغسطس 1978، أجتمع الرئيس بلجنة إعداد مشروع الميثاق الوطني وشدد على ضرورة إدراك أهمية هذا المشروع، والعمل بإخلاص لإيجاد وثيقة وطنية تجمع عليها مختلف التيارات السياسية والفكرية والاجتماعية.
تولت لجنة برئاسة الدكتور عبد العزيز المقالح، جمع وترتيب مشروع الصياغات وتوحيدها ووضع مسودة نهائية للمشروع.
خضع مشروع الميثاق الوطني للمناقشة المستمرة داخل اللجنة وفي الاجتماع الموسع للمجلس الاستشاري ومجلس الوزراء والمحافظين والقيادات العسكرية والأمنية ورئاسة هيئات التعاون الأهلي. وبعد مرور سنتين على المناقشة والتعديل كان لابد من استيفاء الآراء وإشباع المناقشة من قبل كل القوى السياسية وإعطائها الفرصة الكافية للخروج بصيغة تمثل إجماع وطني.
شكلت بالقرار الجمهوري رقم (5) الصادر في 27 مايو 1980 لجنة الحوار الوطني من شخصيات سياسية، واجتماعية، وفكرية، وعسكرية، وعلماء كان معظمهم أعضائها من مجلس الشعب التأسيسي، وأسند القرار الرئاسي لهذه اللجنة مهمة وضع مسودة مشروع "ميثاق وطني" يوحد الإطار الفكري لكل القوى السياسية الوطنية وإن يتضمن أفكارا مستوحاة من عقيدة الشعب الإسلامية وتجاربه التاريخية وثقافته لمواجهة كل الأفكار والمشاريع التي تتعارض مع قيم ومبادئ الثورة اليمنية وتتكون من التالي:
1-حسين عبدالله المقدمي.
2- أحمد الشجني.
3- د عبد الواحد الزنداني.
4- محمد عبدالله الفسيل.
5'- أحمد يحي العماد.
6- محمد محمد المنصور.
7- أحمد جابر عفيف.
8- عبده علي عثمان.
9- عبدالله البشيري.
10- سنان عبدالله أبو لحوم.
11- علي قاسم المؤيد.
12- أحمد علي المطري.
13- أحمد قاسم دماج.
14- حمود عاطف.
15- يحي الشامي.
16- أحمد سالم العواضي.
17- عبد الجليل الماوري.
18- د أبو بكر السقاف.
19- محمد علي الربادي.
20- عبدالله عطية.
21- إبراهيم محمد الوزير.
22- علي أحمد السياني.
23- عبد السلام خالد.
24- أحمد شمسان الدالي.
25- أحمد لقمان.
26- عبدالله الحزورة.
27- يحي البشاري.
28- عبد القوي الحميقاني.
29- حسن جار الله.
30 - عبد الحميد سيف الحدي.
31- عبدالله سلام الحكيمي.
32- عبد الواحد هواش.
33- علي عبد ربه القاضي.
34- صالح عباد الخولاني.
35- إسماعيل الفضلي.
36- صادق أمين أبو راس.
37- أحمد الخطابي.
38- عبد الملك منصور.
39- يحي عبدالله الشايف.
40- محمد المحطوري.
41- د أبو بكر القربي.
42- علي عثرب.
43- محمد إسماعيل النعمي.
44- محمد عبدالله الجائفي.
45- علي يحي العاضي.
46- سليمان الفرح.
47- أحمد هائل سعيد أنعم.
48- قايد عبده الحروي.
49- علي حسن العطاس.
50 - محمد النزيلي.
51- محمد الشيباني.
وأسندت رئاسة هذه اللجنة إلى الشخصية الوطنية المناضل حسين عبد الله المقدمي رئيس (اللجنة العليا للتصحيح المالي والإداري)، في عهد الرئيس الحمدي -رحمه الله- وكانت اللجنة تمثل التوجهات الفكرية والحزبية والسياسية المختلفة وضمت عددا من المثقفين والمفكرين والشخصيات الاجتماعية وممثلي القطاع التجاري، وشاركت التنظيمات والأحزاب سياسية: من الحركة الإسلامية، البعث، الناصري، الجبهة الوطنية الديمقراطية، الاتحاد اليمني السابق والقوى الشعبية، مستقلون.
وتم تحديد مهام اللجنة وفقا لقرار إنشائها:
- توسيع دائرة المشاركة في الحوار، حول مشروع الميثاق الوطني.
- التهيئة لعقد مؤتمر شعبي عام لمناقشة مشروع الميثاق وإقراره بصورته النهائية.
وفي أول اجتماع لها حددت المبادئ التي تنطلق منها والمتمثلة في الآتي:
-احترام حق التعبير وحرية الرأي.
- الالتزام السيادة والوحدة الوطنيتين، والنظام الجمهوري وأهداف ثورة 26 سبتمبر.
في 21 /يونيو /1980م عقدت لجنة الحوار الوطني اجتماعها الأول في نادي الضباط بالعاصمة صنعاء، وقد رأس هذا الاجتماع الأخ رئيس الجمهورية. وتم خلال الجلسة تشكيل اللجان الداخلية للجنة الحوار الوطني وهي.
1- لجنة تنظيم الحوار.
2- اللجنة الاقتصادية والسياسية.
3- اللجنة الثقافية والاجتماعية والتاريخية.
4- لجنة فرز وتبويب الآراء.
5- لجنة الصياغة.
كذلك تم إقرار اللائحة الداخلية وتحديد مهام اللجان الداخلية والفرعية وأسلوب العمل وانتخاب رؤساء وأعضاء اللجان الخمس المنبثقة والمتفرعة من لجنة الحوار الوطني.
عمل الرئيس علي عبد الله صالح وأركان نظامه على بذل جهود حثيثة وجبارة لحشد مختلف القوى السياسية والاجتماعية، وعقد في شهر أغسطس 1980م لقاءات موسعة مع رؤساء القبائل أكد فيها على (أن يتحمل كل اليمنيين مسؤولياتهم في القضاء على التخلف الموروث من عهد الأئمة، ويجب على المشائخ كغيرهم من اليمنيين المساهمة في بناء المجتمع الديمقراطي وتعزيز الوحدة الوطنية.
وتكرست تلك اللقاءات الفردية والجماعية للتمهيد للمشروع الوطني العملاق (المؤتمر الشعبي العام).
القوى الوطنية رأت في مشروع الميثاق الوطني والمؤتمر الشعبي العام مساحة كبيرة من الديمقراطية للعمل السياسي في ظل المشروعية القانونية وتفعيل عملها ونشاطها السياسي تحت عباءة المؤتمر الشعبي العام وتحقيق الاستقرار الداخلي الذي يكفل التوسع في الأنشطة التنموية والإنمائية للوطن اليمني. وتأكيدا لذلك التوجه أصدر الرئيس صالح رحمه الله قانون الانتخابات بالقرار الجمهورية رقم (29) بتاريخ 12 أغسطس 1980م.
خلال الشهور يونيو - ديسمبر 1980 عقد الرئيس علي عبد الله صالح رحمه الله مع هذه اللجنة سلسلة اجتماعات لمتابعة ما تنجزه.
في ديسمبر/ 1980م ترأس رئيس الجمهورية اجتماعاً موسعاً مع أعضاء لجنة الحوار الوطني واللجان الفرعية، تم مناقشة طبيعة ومهام المرحلة القادمة من أعمال اللجان الفرعية المصغرة.
وبحلول 25 ديسمبر، قدمت لرئيس الجمهورية الصيغة الأولية لمشروع الميثاق وطني، وطرحت للنقاش ورفعت الصيغة النهائية لمشروع الميثاق الوطني إلى رئيس الجمهورية في الاجتماع الموسع لكل من المجلس الاستشاري ومجلس الوزراء والمحافظين والقيادات العسكرية وقيادة الاتحاد العام للتعاون الأهلي. وتم عرض مشروع الميثاق على الجميع وأثريت بالملاحظات والآراء.
في الفترة من 19 ديسمبر 1980 حتى 4 يناير 1981م تم إقرار المشروع من قبل المؤتمرات الشعبية المصغرة وبلغ عددها ما يقارب 250 مؤتمرا فرعيا على مستوى المديريات والمحافظات. بالإضافة إلى المغتربين في الخارج عن طريق اتحاد عام المغتربين والبعثات الديبلوماسية.
والتي تناولت نقاش المشروع بحماس كبير ومشاركة واسعة جسدت حرص وتنافس القوى السياسية على إنجاز مشروع الميثاق ووضع بصماتها الفكرية وتوجهاتها في متن مشروع الميثاق الوطني.
كانت القوى السياسية اليسارية والقومية متواجدة في المدن بينما الحركة الإسلامية تحظى بتشاور واسع في المدن والأرياف وقام طلاب المعاهد العلمية بدور محوري في إعداد إجابة نموذجية لمساعدة المواطنين في تعبئة استمارات الاستفتاء في كل الوحدات الجغرافية. وكانت تلك أولى التجارب السياسية التي أدت فيها المعاهد العلمية دورا وطنيا ديمقراطيا.
في 31/ أغسطس 1981م تقدمت لجنة الحوار الوطني باقتراح الى رئيس الجمهورية بان يكون قوام المؤتمر العام للمؤتمر الشعبي ألف عضو.
يتم انتخاب 70% منهم من قبل المواطنين بانتخاب مباشر او غير مباشر ويتم تعيين 30 % من قبل الدولة. لإقرار الصيغة النهائية للميثاق الوطني.
أصدر رئيس الجمهورية القرار الجمهوري رقم (19) لسنة 1981م والذي يقضي بتحديد أعضاء المؤتمر الشعبي العام الذين سيضطلعون بمهمة إقرار مشروع " الميثاق الوطني" من (1000) ألف شخص، منهم (700) سبعمائة شخصا يتم انتخابهم من قبل المواطنين من جميع أنحاء الجمهورية، بحسب دوائرهم الانتخابية التي تم توزيعها بناء على نتائج التعداد السكاني بالجمهورية العربية اليمنية والمعلنة بالقرار الجمهوري رقم (16) لسنة 1981م. أما الباقي فهناك (300) ثلاثمائة عضوا يتم تعيينهم بقرار جمهوري.
وحيث أن عدد سكان اليمن ثمانية مليون وخمسمائة وأربعين ألفا، فان كل عضو في المؤتمر العام سيمثل اثنا عشر ألفا وخمسمائة نسمة تقريبا.
بتاريخ 19/ 10/ 1981م. بعد أسبوعين من مصادقة لجنة الحوار الوطني على مشروع (الميثاق الوطني) أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم (128) لسنة 1981م والذي يكلف بموجبه اللجنة العليا الإشراف على انتخاب ممثلي المواطنين في المؤتمر الشعبي العام في جميع أنحاء الجمهورية.
ثم صدر القرار الجمهوري رقم (53) لسنة 1982م.حدد فيه رئيس الجمهورية أسماء (300) عضوا من أعضاء المؤتمر الشعبي العام وفقا لما أقره القرار الجمهوري رقم (19) لسنة 1981م.
في 13/3/1982 وجه الرئيس علي عبد الله صالح رسالة إلى رئيس وأعضاء لجنة الحوار الوطني يكلفهم بها الإعداد والتحضير لعقد المؤتمر الشعبي العام. وبناء على ذلك باشرت اللجنة أعمالها اعتبارا من 11/4/1982م وأخذت تعد اللائحة المنظمة لأعمال وجلسات المؤتمر.
صدر القرار الجمهوري رقم (54) لسنة 1982م. بدعوة المؤتمر الشعبي العام للانعقاد ابتداء من يوم الثلاثاء 24 أغسطس 1982م وحدده بمهمتين رئيسيتين، الأولى إقرار الميثاق الوطني، والثانية تحديد أسلوب العمل السياسي لتطبيق الميثاق الوطني في المرحلة القادمة التي تعقب المؤتمر الشعبي العام الأول.
كانت هذه هي الجهود الوطنية المبذولة للوصول إلى إعلان المؤتمر الشعبي العام الذي أخذت قرابة الأربعة الأعوام من العمل المتواصل والمضني للواصل إلى حالة الإجماع الوطني.