مرشد إيران يكرر التصريحات بأن طهران سترد بقوة ضد الكيان اللقيط انتقاما لانتهاك سيادتها.
عامة الناس، وحكومات ــ ما يسمونها ــ دول العالم الثالث ينامون ويصحون ــ كل يوم ــ وهم ينتظرون خروج الرد المنتظر (عج)!
مُغَيّبوا الشعب الإيراني ــ ممن غَيّبَتهم الخرافة ــ ومن لَفّ لفهم في بلاد أخرى؛ ممن ألغى عقله، وحشا رأسه بالخرافات؛ قد تطبعوا على طول الانتظار؛ فهم في حال انتظار أمام السرداب لشخصية اختلقتها الخرافة، مما سمتها الإمام الغائب، والمهدي المنتظر، وأنه دخل السرداب سنة 260 من الهجرة، ومع مرور الزمن صدقها الأغبياء، ولايزالون ينتظرون، واستثمرها الأدعياء ولايزالون ينهبون؛ ولذلك لن يمل هؤلاء من الانتظار حتى يخرج الرد المنتظر (عج).
يشكك كثير من المراقبين في أن تقدم إيران على تنفيذ عملية كبرى، بل يذهب بعضهم إلى القول: إن من السذاجة المركبة، والغباء المفرط أن يعتقد من يعتقد أن إيران سوف تبطش بطشة موجعة بالكيان اللقيط، ومن الغباء أن يظن من يظن أن الكيان اللقيط في حين أن ترمي طهران بقنبلة صوتية أن يرد الكيان الإرهابي بأقوى من قنبلة دخانية.
يمضي البعض الآخر، قائلا: السلاح النووي، هو الخلاف الوحيد الذي يثير توترا بين التحالف الثلاثي واشنطن/طهران/ الكيان ـــ على ما كانوا من تحالف قديم ــ وما عداه من قضايا فالتخادم الكبير ــ وبالذات مع واشنطن ــ واضحة للعيان، وليست محصورة بإيران جت، ولا في الحرب على العراق، ولا في تَسَلُّم مليشيات إيران الحكم في بغداد عبر الدبابات الأمريكية، ولا في تسليم العراق بعدها لإيران، ولا حين الحرب على أفغانستان، ولا في دعم ورعاية واشنطن لأذرع إيران في الوطن العربي.. إلخ.
يتساءل مهتمون بخفايا العلاقة بين التحالف الثلاثي القديم إقدام الكيان الإرهابي على تنفيذ جريمة الاغتيال على الأرض الإيرانية، وأن نتن ياهو لم يُقدّر حُرمة العلاقة (المستورة) مع طهران، وهي علاقة لها تاريخ، ويَحِنُّ كلا الطرفين لإعادتها إلى ما كانت عليه، وفي صفوف الطرفين من يسعى جادا لتحقيق تلك الرغبة، وما يسمى بإيران جت ــ يومها ــ لم تأت من فراغ.
والواقع أن نتن ياهو أعماه حقده المعلن على كل الصُّعُد تجاه الفلسطينيين؛ إذ وجد فرصته الكبرى في تنفيذ إجرامه باغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران، فتصرف تصرف أجداده عبر التاريخ في قتلهم الأنبياء، وخيانة كل المواثيق، وارتكاب كل موبق ومنكر، فلم يبال في أن يضع طهران في هذا الموقف الشديد الإحراج، كما أنه لم يبال أن يقدم نوايا، وحقيقة الكيان واضحة للمتهافتين على التطبيع، وأن قيمتهم تنتهي نهائيا عند طبع بصماتهم على ورقة التطبيع؛ ليكملوا بعدها ما آل إليه أمر أبي عبدالله الصغير في غرناطة ...!!
قال بعضهم أن مجرم الحرب وجد مُتَّكَأً لتنفيذ جريمته على طرف في النظام الإيراني يرى في إعادة العلاقة يوما مع الكيان إلى سابق عهدها أهم من سيادةٍ انتُهكت، أو كرامةٍ دُنّست، أو أي شيء آخر.
وحصر الحديث عند مجرد اختراق أمني، إنما هو إقرار بأن طرفا ما متنفذ هيئ أسباب تنفيذ الجريمة.
هذا الطرف اليوم هو من يتحدث في طهران عن أهمية عدم المغامرة في الـرد على حســاب ما سماه المكتسبات الوطنية، والتي يجب أن توضع في أعلى مراتب الأهمية، ويُعَضِّد هذا الطرف بصورة مباشرة التهديدات الغربية، وقيامها بنشر أساطيل الدمار في المنطقة؛ لحصر الجانب المتحمس للانتقام في إيران أمام مسألة السيادة والكرامة، وأنها مسألة يمكن أن يأخذ فيها النظام ويعطي ...!!
بالمكشوف؛ واشنطن تعلن أن أمن الكيان الإرهابي من أمن أمريكا، وبدرجة أقل قليلا من هذا يعلم الجميع أن أمريكا لن تفرط بعصاها الأخرى الغليظة التي تتخادم معها في المنطقة، والتي تبتز بها العرب جميعا ــ وإن اختلف مستوى الابتزاز ــ وأن هذه العصا الغليظة قدمت، وتقدم خدمات بلا حساب.
النظام العربي، يمتلك الكثير من العصي الغليظة؛ لو أحسن استخدامها، وأهمهـا أمــة تمتـد من المحيط إلى الخليج، بل وما وراء ذلك، ولكانت له عصا غليظة تكسر كل العصي.
وفي المقاومة الفلسطينية وقوتها، وعظمتها عبرة لو أن هناك من يلقي السمع وهو شهيد.
من حظ إيران أن محيطها العربي ترك لها مساحة واسعة للاستعراض، وإن شئت قلت إنهم أخلوا لها الساحة بسذاجة غير محسودة، وخدمة مجانية؛ وها هي تقدم نفسها بصورة البطل المشار إليه بالبنان، وبأقل ثمن ...!!
تبقى التوقعات حول الرد الإيراني بين ساخر يتساءل: متى يخرج الرد المنتظر (عج)؟ وآخر يتحدث عن رد مزلزل! فيما آخرون يعيدون التذكير بنوعية الـــــرد في حــــادثة اغتيـال سليماني، وقصف القنصلية الإيرانية بدمشق.
الأمر الواضح الذي لا يعتريه الغموض أبدا هو فعل المقاومة الفلســــطينية التي توكلت على اللـــه، ثم اعتمدت على نفسها، وشقت طريقها بثبـات المؤمنين؛ لتسجل معركة أسطورية لا نظير لها، وتاركـة لإخوانهـــــا حــــيرة قاتلة وللمتسلقين دور المناورة، والاستعراض ...!!