قبل أن تدب الطائفية، في جسد الأمة، بسبب "الثورة" الخمينية، لم يشمت عربي بعربي آخر، في أي مواجهة خارجية، خاصة مع إسرائيل!
هل تعرض عبدالناصر للشماتة من خصومه في هزيمة 1967؟
لم نقف على شيء من ذلك القبيل مع أن الخلاف كان محتدماً بين فيصل وعبدالناصر حينذاك بسبب حرب اليمن. وحضر فيصل وعبدالناصر قمة الخرطوم معاً، وأُعلِنت اللاءات الثلاثة، والعمل على إزالة آثار العدوان.
وكانت بعد ذلك حرب 1973 التي تحقق فيها نصر عربي، بمؤازرة عربية كاملة.
وكان السنة العرب والشيعة العرب صفاً واحداً في كل المعارك مع إسرائيل، وعندما كان يزور جمال عبدالناصر بلداً في أفريقيا أو أمريكا اللاتينية يكون المهاجرون العرب في استقباله، حيثما يتواجدون، وفي مقدمتهم المغتربون اللبنانيون سنة وشيعة ومسيحيون!
أما بعد تصاعد الطائفية فقد تغير كل شيء، وتقتصر الآن الحشود لزعيم الطائفة، أو حتى زعيم المشروع الانفصالي مثل حالة اليمن!
تغيرت الأحوال، الآن، فحتى اليمنيين الطيبين، "الأرق أفئدة!" صاروا مقسَّمين كثيراً، في الداخل وفي المهجر! وقد تجد بينهم من يشمت ببعض للأسف!
الوجع والألم من حزب الله كثير في لبنان وسوريا على وجه الخصوص.. ويؤلمنا كثيراً في اليمن وقوفه إلى جانب فجور الحوثي وبغيه وطغيانه وعربدته الطائفية ضد بلادنا وأهلنا.
وفي معارك الحزب مع إسرائيل كان الشارع العربي يقف إلى جانب حزب الله، مع أن مجرد نصب العمامة السواء على رأس حسن نصر الله جعلت كثيرين يتطيرون وينفرون من مدلولها العنصري الرجعي المتعالي، وليس مجرد مدلولها الطائفي فقط!
ومع ذلك فإن حسن نصر الله ذكي جدا ولديه كاريزما، ولكنه برز في الزمن الخطأ، زمن الطائفية، وصار مجرد زعيم طائفي بعمامة سوداء ويفاخر أنه يتبع إيران ومشروع الولي الفقيه؛ مع أنه لا يقارَن بما عندنا، في اليمن، من جهل وسذاجة وفساد وجشع، لا هو ولا حزبه! فهم أكثر ديناميكية وانفتاحا نسبياً على الآخرين بما في ذلك مسيحيي لبنان.
وتبقى الطائفية هي عقدة العُقد وكارثة هذا الزمان، التي لا يُرجى منها خيراً ولا يعلق عليها أمل، وهي من تداعيات ثورة إيران، التي لا تعد ثورة حقيقية بسبب بعدها الطائفي ورجعيتها. وبسببها يسمي الحوثيون نكبتهم وكارثتهم على اليمن ثورةً!
عندما اصطف حزب الله طائفياً في سوريا، تلاشى بريقه، وظهر على حقيقته الطائفية الفئوية على الرغم من اشتباكه المستمر مع إسرائيل.
إن قتالك العدو المشترك، لا يبيض جرائمك الخطيرة ضد أمتك وأهلك وبلدك على نحو ما يفعل الحوثيون في اليمن، مع أن شغل الحوثيين مع إسرائيل مقتصر على المشاغبة والإنتهازية التي يُعرفون بها.
ونعلم أن شيعة لبنان في الأصل عرب، ولم يكن لهم أي موقف ضد أي قضية عربية، أو بلد عربي، قبل تفاقم الطائفية البغيضة بسبب الثورة الخمينية.. وسيعود شيعة لبنان كما هم أيضا شيعة العراق إلى حقيقتهم، عرباً، عند بزوغ مشروع عربي، وقيادة عربية جامعة، وسيكونون مع أهلهم العرب، ليس من منظور طائفي أو انضواءً في خدمة مشروع توسعي إيراني، عندما تنقشع سحابة الطائفية البغيضة التي سببتها وفاقمتها "ثورة" إيران الخمينية الطائفية، في ظل فراغ من أي مشروع عربي جامع. وقد نقف هنا عند مدلول موقف النبي الكريم عندما رفض أن يُطبَق على مكة وأهلها الأخشبين!
إن عدم الشماتة لا تعني عدم التنديد بالمواقف الطائفية والخراب الهائل والدمار والتشرد الذي تسبب فيه أمثال حزب الله والحوثيين ضد أهلهم وشعوبهم، وانخراطهم في المشروع التوسعي الإيراني، ضد أمتهم وبلدانهم.
الشماتة تريح إسرائيل فقط وتسرها، ولا يسر ذلك أحدا من العرب.. ربما يسر بعض المطبعين الجدد فقط..
مع أن موقفهم واندفاعهم تجاه إسرائيل غريب وعجيب!