الثورة لا تأتي فجأة، ولكنها أفعال، وأعمال تتراكم، وتناقضات وصراعات ظاهرة وخفية تحتدم على أرض الواقع، ورموز وطنية تبرز في الميدان، تصارع الظلم، وتوقظ المجتمع، وتضع الأهداف، وتصف الأحرار، وتنشر الوعي، وتمهد لساعة الصفر.
ليس هناك أي قطيعة بين ثورة الأحرار سنة1948ضد نظام يحيى حميد الدين، وبين ثورة الأحرار في السادس والعشرين من سبتمبر 1962م. بل هي بمثابة الإبن للأب، أو البنت للأم؛ كيف لا وكثير ممن شارك في ثورة 48 كانوا رموزا وقادة في ثورة 26سبتمبر، بله إن بعضهم حالت الأقدار دون إعدامهم بعد فشل ثورة 48 وأعيدوا من ساحة الإعدام؛ ليكون لهم باع وذراع في ثورة 26 سبتمبر.
لقد كانت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المحطة الأهم من محطات نضال الشعب اليمني ضد طغيان الإمامة الظلامية التي أوسعت اليمنيين جهلا، والوطن تخلفا.
إن لم يكن الجهل والتخلف هما منتجات الإمامة، فليخبرنا زنابيلها، وقناديلها، إن صح أن في الإمامة الظلامية قناديل؛ فليخبرونا عن مظهر من مظاهر الإيجابية، أو الخيرية في كل تاريخ الإمامة التعيس.
لقد كانت مخرجات الإمامة أصفارا في كل مجالات الحياة، ولا يستطيع أن يكابر حملة تاريخهم التعيس، ولا ورثتهم المنحدرون منهم نسبا، وفكرة، وخرافة أن يفاخروا بحسنة واحدة، أو بمنجز يتيم يعدونه من مفاخر أسلافهم وأجدادهم. فما الذي يمكن ان يغروا به الشعب اليمني بالإمامة؟
عاشت البلاد جهلا منتشرا، وظلما سائدا، ومجاعة دائمة، في وطن مقطع الأوصال، لا طرق تربط أنحاءه ببعضها، ولا وسيلة من وسائل الاتصال والتواصل، ولا طفولة تنعم بتعليم، ولا شبابا يُستوعَبون في أعمال، ولا مُزارع يتمتع بمحاصيل مزرعته؛ لأن مأٓل جهده يصب في مخازن الإمامة الجائرة الظالمة.
فليخبرنا دهاقنة الإمامة عن أثر من مأثرهم، وجانب خير مما يزعمون؟
واليوم يتفجر غيظ الأئمة الجدد، ويفقدون أعصابهم، ويخلعون أقنعة الزيف التي تقنعوا بها باحتفالات صورية باهتة بثورة 26 سبتمبر للسنوات التي مضت ليكشفوا منذ العام الماضي عن مدى الرعب والفزع الذي يمثله لهم يوم السادس والعشرين من سبتمبر.
على الجهة المقابلة؛ يخرج شباب وفتيان 26 سبتمبر يتحدون عكفة الإمامة، وزبانيتهم؛ مزهوين بذكرى الثــــورة، ومحتفين بألقها المجدد تجدد الأجيــال والفتيان والشبـــاب، والشابات والجمهوريين أجمعين.
إن الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر مكسب شعبي عظيم لا، ولن يتنازل عنه اليمنيون.