من حيث المبدأ نحن مع أي قصف يطال كيان الاحتلال الإسرائيلي من أي جهة كانت، وحدوث ذلك يسعدنا.
إن تقصف إيران الاحتلال الإسرائيلي يسعدنا ذلك، ونحن مع ذلك القصف حتى وإن كان معلوما للاحتلال مسبقا، لكن ثمة تساؤلات تطرح نفسها وتحاكي العقل والمنطق بعيدا عن العاطفة والتي يجب الإجابة عليها:
•• من المؤكد أن قرار إيران قصف الاحتلال الإسرائيلي له أهدافا سياسية وعسكرية.
عسكريا تشعر إيران أو بالأصح يشعر أذرع إيران في لبنان -تحديدا- "حزب الله" أن إيران خذلتهم أو بمعنى أصح باعتهم، خسارة حزب الله في لبنان عسكريا فادحة وسياسيا قاتلة خاصة مع استمرار توغل جيش الاحتلال في الجنوب اللبناني، وهنا يفرض المنطق والواقعية سؤالا .. لماذا يحتاج حزب الله بصورة خاصة والمحور الممانع بصورة عامة إلى تدخل إيران ؟ والإجابة الأكثر واقعية أن حاجة حزب الله لذلك التدخل الإيراني أن يحقق أهدافا إستراتيجية على المسار العسكري والسياسي.
عسكريا ما يحتاجه حزب الله من التدخل الإيراني العسكري أن يجبر جيش الاحتلال على وقف التوغل في جنوب لبنان ووقف غاراته القاتلة والمدمرة لقادة الحزب وبنيته العسكرية وحاضنته البشرية، وإذا توافقنا أن ذلك الهدف المنشود من تدخل إيران العسكري، فإن المنطق يفرض قياس نجاح ذلك التدخل بما يتحقق من أهدافه العسكرية والسياسية، وفي اعتقادي، أن نصف ساعة من القصف الصاروخي أيا كان حجم وعدد تلك الصواريخ، والقراءة الطبيعية أن التدخل العسكري الإيراني بين (قصف صاروخي) على مدن الاحتلال، عسكريا لا يمكن قياسه إلا في سياق الردع العسكري لوقف تهديد تعتقد إيران وفقا لمعطياتها أنه جاد وواقع عليها، أما إذا أخذنا سياق نتائج هذه الضربة الصاروخية على مدن الاحتلال بأن هدفها إنقاذ حزب الله من الانهيار الكامل جراء استمرار توغل جيش الاحتلال في جنوب لبنان ووقف الهجمات الجوية على قياداته وبناه التحتية ووقف تدمير جنوب لبنان ووقف عملية النزوح التي تمثل عبئا داخليا يكاد يكسر ظهر حزب الله.
والواقع أن الضربة الصاروخية الإيرانية على مدن الاحتلال لم تحقق أي من الأهداف الذي كان ينشدها حزب الله وحلفاء إيران، التوغل للاحتلال مازال مستمرا في جنوب لبنان، والقصف والهجمات الجوية على قيادة الحزب مازال مستمرا، النزوح مازال مستمرا، أي أن نتائج عملية القصف من حيث تحقيق أهدافا عسكرية لصالح حزب الله منعدمة.
ما حققته إيران من هجمتها الصاروخية هو في سياق إعادة اعتبار لذاتها ولا علاقة لحلفائها بأهداف ذلك التدخل، حالة الضغط والصخب الشعبوي على مستوى الداخل الإيراني والعالم الإسلامي وانكشافها تجاه ما تدعيه من رفع شعارات تحرير فلسطين وخاصة بعد مرور عاما كاملا وغزة منفردة تواجه حرب إبادة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
إن الدخول في حرب لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية لا تكون من خلال رشقة صواريخ إلا إذا كانت في سياق توصيل رسائل وتبييض لسمعتها الملطخة بدماء أطفال الشعب السوري والعراقي واليمني.
وعودا على الواقع الآن.. ماذا تغير في مسارات ومعادلة الحرب التي يشنها جيش الاحتلال على جنوب لبنان وحزب الله؟ لا شيء! مازالت بنفس وتيرتها أن لم تزداد وطأة.
وحتى التدخل الإيراني القادم تكون إسرائيل قد دفنت آخر مقاتل في حزب الله وأصبحت دباباتها على كامل الجنوب اللبناني.
عندها ربما نسمع عن رشقة صاروخية تسقط على مدن الاحتلال دون إصابات تذكر سوى تبييض وجهها الأسود أمام أسرى العواطف!!