;
سيف محمد الحاضري
سيف محمد الحاضري

"التدخل الإماراتي ومليشيات الدعم السريع: معركة السودان لاستعادة السيادة" 80

2024-10-23 01:55:34

يشهد السودان الشقيق متغيرات عسكرية تتجه لصالح الشعب والجيش السوداني. وفي هذا السياق، فإن السودان لا يخوض معركة عسكرية تقليدية ضد مليشيات متمردة فقط، بل تتجاوز المعركة ذلك لتصبح مواجهة ضد قوى إقليمية تسعى لتحقيق أهداف سياسية خاصة. التمرد الذي تقوده مليشيات الدعم السريع بقيادة حميدتي ليس مجرد تمرد داخلي، بل هو جزء من حرب إقليمية تستهدف السودان بشكل أعمق وأشمل.

ومن غير الدقيق اختزال هذه المعركة على أنها مجرد حرب ضد انقلاب، فالتوصيف الدقيق هو أن السودان يخوض صراعًا متعدد الأبعاد، حيث تمثل مليشيات الدعم السريع أداة لقوى خارجية تسعى لتحقيق أجنداتها الخاصة.

shape3

التدخل الإماراتي في السودان

للوصول إلى فهم دقيق لطبيعة وأهداف هذه الحرب، علينا الاتفاق أولاً على التوصيف الواقعي لها. الحقيقة التي يجب إدراكها هي أن مليشيات الدعم السريع ليست طرفًا رئيسيًا في هذه المعركة، بل مجرد أداة مستأجرة تنفذ أوامر قوى خارجية طامعة، وعلى رأسها الإمارات.

الإمارات، من خلال تدخلاتها في المنطقة، تبنت أسلوب "الاستعمار الجديد" حيث تسعى للسيطرة على دول معينة عبر دعم المليشيات المسلحة بدلاً من التدخل العسكري المباشر. في حالة السودان، استخدمت الإمارات مليشيات الدعم السريع كأداة لتنفيذ أجنداتها الإقليمية، التي تتضمن السيطرة على الموانئ الاستراتيجية والموارد الطبيعية، بما في ذلك الذهب السوداني الذي يُعتبر من الأهداف الاقتصادية الكبرى لدولة الإمارات.

أحد أخطر التهديدات التي تواجه الدول الوطنية هو تحول بعض قطاعات الجيش إلى مكونات مسلحة تعمل بالوكالة لصالح قوى خارجية. الإمارات استغلت هذا التوجه عبر استئجار مليشيات داخل السودان لتنفيذ أجنداتها. كما أنها لم تكتفِ بذلك، بل عمدت إلى استقدام مليشيات أخرى ومرتزقة من خارج السودان، خاصة من دول إفريقية أخرى مثل تشاد ومالي، لدعم قوات الدعم السريع. هذه الخطوة تهدد بتفاقم النزاع وتحويله إلى حرب إقليمية أكبر، حيث تستخدم الإمارات تكتيكات "الحرب بالوكالة" لتعزيز نفوذها دون تحمل تبعات التدخل العسكري المباشر.

دولة الإمارات، هذه الدولة الطارئة، بعد نجاح تدخلاتها في اليمن وليبيا وإحكام سيطرتها على مناطق جغرافية واسعة، نقلت نموذجها إلى السودان، حيث أصبحت تدعم المليشيات كجزء من استراتيجيتها لإعادة تشكيل النفوذ الإقليمي. التدخل الإماراتي في السودان هو امتداد لسياستها في الهيمنة على الموانئ والثروات، ويشكل جزءًا من مخططاتها الكبرى للتوسع الاقتصادي والاستراتيجي في إفريقيا.

التحديات أمام السودان

لذلك، على الشعب والجيش السودانيين أن يدركوا أن المعركة ليست عسكرية فقط، بل هي معركة سياسية أيضًا، ولا يمكن حسمها عسكريًا دون تحقيق انتصارات سياسية موازية. هذه الانتصارات السياسية يجب أن تتمثل في قطع أيادي التدخلات الخارجية، وعلى رأسها تدخل الإمارات، وإغلاق الأبواب التي تُستخدم للتأثير على الشأن السوداني. أي تجاهل للبعد السياسي في هذا الصراع يعني استمرار التدخلات الإماراتية، التي قد تتخذ أشكالًا جديدة بعد هزيمة مليشيات الدعم السريع.

الانتصارات العسكرية ضد مليشيات الدعم السريع وحدها ليست كافية لإخماد الحرب بشكل نهائي. يجب أن ترافقها خطوات سياسية جادة تؤدي إلى إبعاد القوى الخارجية عن المسرح السوداني. الإمارات، التي تعتمد بشكل كبير على توظيف المرتزقة والمليشيات المسلحة، لن تتوقف عن التدخل إذا فشلت مليشيات الدعم السريع، بل ستبحث عن أدوات جديدة لتحقيق أهدافها. يمكن للإمارات أن تستخدم قوتها المالية لاستئجار مليشيات أخرى، أو حتى مرتزقة أجانب لتأجيج الصراع في السودان، مما يعني أن الحل العسكري وحده لا يكفي، بل يجب أن يكون مصحوبًا بتحقيق انتصارات سياسية على المستوى الإقليمي والدولي.

استسلام قادة الدعم السريع وتحليل أبعاده

مؤخرًا، أعلن الجيش السوداني عن نجاحه في التفاوض مع "كيكل"، أحد قادة الدعم السريع في ولاية الجزيرة، مما أدى إلى استسلامه الكامل مع قواته. وعلى الرغم من أن هذا الحدث قد يبدو محدود الأثر من الناحية العسكرية، إلا أنه يحمل أبعادًا سياسية مهمة. فاستسلام قادة الدعم السريع يعتبر ضربة قوية للتدخلات الخارجية التي كانت تعتمد على هذه المليشيات لتحقيق مصالحها. كما أنه يمثل هزيمة سياسية للإمارات التي كانت تعول على استدامة هذا التمرد كوسيلة لفرض نفوذها في السودان.

العفو العام مقابل الاستسلام قد يُنظر إليه من قِبل ضحايا الحرب على أنه قرار غير عادل، وهم بذلك يعبرون عن منطق مفهوم ومشروع في مطالبتهم بتحقيق العدالة. إلا أن الواقعية السياسية تقتضي أحيانًا اتخاذ قرارات مؤلمة تضمن عدم عودة الحرب مرة أخرى. الإمارات، التي استأجرت مليشيات الدعم السريع واستخدمتها لتنفيذ أجنداتها، لن تتوقف عند هزيمتهم، بل قد تلجأ إلى تمويل مليشيات أخرى أو استقدام مرتزقة من خارج السودان. لذا، فإن منح العفو قد يساعد في قطع الطريق أمام هذه التدخلات ويغلق الباب أمام تجدد الصراع.

مخاطر رفض العفو

إذا تم رفض العفو والمضي قدمًا في الحسم العسكري بشكل كامل، فإن النتائج قد تؤدي إلى إبقاء الباب مفتوحًا أمام تدخلات القوى الخارجية، واستمرار استقطاب قادة وأعضاء المليشيات. الإمارات، التي استخدمت مليشيات الدعم السريع كأداة لتحقيق نفوذها، قد تلجأ إلى تقويض أي محاولات للحل السلمي من خلال دعم تمردات أخرى أو استقطاب قادة عسكريين جدد لخلق فوضى مستمرة. ومن هنا، فإن إعطاء فرصة للاستسلام والمصالحة يمكن أن يُضعف اليد الإماراتية في السودان ويقلل من فرص تدخلها المستقبلي.

الانتصار الحقيقي لا يكمن فقط في تحقيق النصر العسكري، بل في إعادة الاستقرار إلى المجتمع وبناء التعايش السلمي دون الإخلال بمبدأ تحقيق العدالة لضحايا الحروب. تحقيق السلام يتطلب توازنًا دقيقًا بين العدالة والمصالحة، وهو ما يجب أن يكون الهدف النهائي لجميع الأطراف المعنية. فقط من خلال إنهاء التدخلات الخارجية، بما في ذلك الإمارات، يمكن للسودان أن يحقق سلامًا دائمًا ويستعيد سيادته الكاملة.

التضحيات التي قدمها الشعب والجيش السوداني، والدماء التي روت الأرض من الشهداء والجرحى، كلها كانت من أجل استعادة السودان استقراره وأمنه وعودة السلم المجتمعي. إنهاء التمرد هو هدف لا يقبل التفاوض أو النقاش. أما القضايا الأخرى، فهي قابلة للنقاش وفق معطيات المصلحة العامة للشعب السوداني. وما يجب على الشعب والجيش السوداني التمسك به أكثر هو وحدة الصف خلف الجيش السوداني، تلك الوحدة التي أسقطت مطامع القوى الإقليمية وأصابتها في مقتل. لذا، يجب أن تبقى حالة الاصطفاف وراء الجيش أبدية ومقدسة.

نظرة من اليمن

نحن في اليمن ننظر لما يتم من انتصارات للجيش السوداني وحالة الاصطفاف الوطني بفخر وفرحة عارمة. إن هزيمة مشاريع الرباعية، وخاصة الإمارات الدولة الطارئة، له ما بعده على مستوى المنطقة، ويبشر بزوال المليشيات المسلحة في اليمن وليبيا وسوريا والعراق. نترقب انتصارات عسكرية وسياسية حاسمة في القريب العاجل في السودان الشقيق بإذن الله، لنحتفل جميعًا بنهاية فوضى المليشيات وكسر شوكة الدولة الطارئة.

وما النصر في السودان إلا فاتحة لبداية انتصارات الشعب والجيش اليمني على المليشيات وتحرير العاصمة صنعاء بإذن الله.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد