;
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

وعكة وطن وأمة 194

2024-11-04 01:30:14

علينا الاعتراف أن الحضارة الغربية في الخمسين سنة الماضية حققت مستوى مذهلا من التطور العلمي أثر على كل مناحي الحياة والبناء، ولم يكن هذا التطور ليحدث دون استقرار كامل (سياسي واقتصادي واجتماعي)، وليِد الحياة السياسية المنضبطة على أسس علمية، يظهر تلقائيا بالترابط الوثيق والتناغم بين طبقات المجتمع باختلاف توجهاتها ومعتقداتها السياسية والدينية والطوائف.

وعلينا أن نعترف أيضا أنها استفادت من تجربتنا الحضارية، وقيم ومبادئ إسلامنا الحنيف، الذي يحث على المساواة والعدالة والحريات وحقوق الإنسان، بينما تهنا نحن عن كل تلك القيم، وبنينا أنظمتنا السياسية بعد التحرر من الاستعمار على أسس الترسانات الأمنية وأدوات الأمن السياسي التي أحدثت استقرار وهمي، لم يستطيع أن يبني مجتمعات حية ومتحررة، صحيح أن الوجه الحضاري كان بائن، لكن التخلف كان مخفي تحت هذا الوجه، وبمجرد ما أن سقطت تلك الأنظمة، برز الوجه الحقيقي، برزت الكراهية والعصبيات الجاهلية والعرقية، وبرز الصراع المناطقي والطائفي، وسقطنا في وحل من الصراعات والحروب، وتحول معظمنا لأدوات، نتأمر على بعضنا، ونقتل بعضنا بدم بارد، ونفرز بعضنا لشياطين وملائكة بمزاج عار من الصحة والحكمة والفطنة، بغباء سياسي غير مسبوق.

معظم بلداننا العربية وأنظمتها السياسية التي كانت تمثل قلاع العروبة لم تكن لتسقط لولا الخلافات السياسية، والفتنة التي أفسدت العلاقات والروابط المقدسة، من العلاقات الخاصة للروابط الدين والعقيدة السياسية، لم نهتدي لإصلاح ذات البين، بل كان فساد ذات البين هو الذي دمر كل جسور الثقة وصدع مجتمعاتنا.

اليمن البلد الذي كان يمثل أفضل نظام سياسي يحاول دعم قوام الإنسانية، ليتجاوز التمايز الطبقي، ويطور هامشه الديمقراطي، فيه تعدد سياسي وثقافي وفكري، شكل مخاض وحراك سياسي يعيد ترتيب السلطات بما يلبي تطلعات الناس، لم يسلم من تلك الفتنة، والتدخلات الخارجية لقوى ترى أن هذا الانفتاح الديمقراطي والتعدد السياسي يشكل خطرا على وجودها.

لم يقبل أن الشعب ينتفض على سلطاته إذا ما وجدها لا تلبي تطلعاته، واشتغل على شيطنة أطراف سياسية ودعم أطراف أخرى، ليعيد البلد لسلطة الهيمنة الطائفية والمناطقية، لم يستطيع الحوثي أن يسيطر على الأرض لولا دعم تلك القوى، ولم تنحرف القضية الجنوبية لتأخذ منحى مناطقي وعنصري لولا دعم تلك القوى، ولم تسقط الدولة وتدمر مقوماتها، وكل إنجازات الثورة والجمهورية ما لم تكن لتلك القوى أيادي خفية اشتغلت على هذا التدمير، وعززت الصراع السلبي، أثارت النزعات القديمة، سنة وشيعة، شمال وجنوب، صراع الايدلوجيا القديم، وللأسف وجدت بيئة مثخنة بالجراح، واشتغلت عليها، معززة روح الثأر والانتقام، كل هذا لأجل أن يبقى المجتمع متناحر ومنقسم على بعضه البعض، وبلد منزوع السيادة وشعب منزوع الإرادة، تتربع قيادته قوى أسيرة أفكار وتوجهات التنازع على السلطة والاستئثار بالثروة، وبدأ العمل على إفساد ما يمكن إفساده لنهب تلك الثروة.

هذا حالنا اليوم، حوثي في الشمال، وانتقالي في الجنوب، وصراع على مشاريع بعناوين وطنية وفي باطنها صراع طائفي مناطقي على السلطة والثروة، انتهاكات وسجون سرية وحقوق مهدورة وإقصاء وتهميش وفقر وتجويع، كل هذا تديره قوى إقليمية ودولية، وأدواتها المثخنة بالفساد والجشع والشبع، بينما الشعب جائع محروم من كل شيء، من لقمة هنيئة وحياة كريمة وعزة وشرف، في وطن لا وجه حضاري له ولا وجه إنساني، كل شيء فيه قبيح، وشعبه بين مشرد ومطرود ومستسلم للأمر الواقع، وثائر ينتظر الفرصة السانحة.

وطن يمرض لكنه لا يموت، وشعب يصبر ويتحمل لكنه لا يستسلم، وستاتي الفرصة السانحة ليثور على الظلمة والطغاة في الداخل والخارج، وإنا غدا لناظره لقريب.

shape3
الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد