الحديث بوضوح وواقعية حول المصلحة الوطنية والقضية المشتركة: استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب
اليوم، أتحدث بوضوح تام ومن منظور يتطلبه واقعنا الوطني وقضيتنا الجامعة التي تتلخص في هزيمة ميليشيات الحوثي، إنهاء الانقلاب، واستعادة الدولة المختطفة وتحرير العاصمة صنعاء من النفوذ الإيراني.
سيركز حديثي على أهمية التعامل السياسي مع "المجلس الانتقالي" بواقعية المصلحة الوطنية والضرورة لتحقيق وحدة الصف في مواجهة العدو المشترك، والذي يهدد وجودنا ككل.
شخصيًا، أعتبر المجلس الانتقالي ميليشيا مسلحة ارتكبت، وما زالت ترتكب، انتهاكات متعددة؛ الجميع يعرف موقفي الثابت حول هذا الأمر، خاصةً بعد ما تعرضت له مؤسسة الشموع وصحيفة "أخبار اليوم" من اعتداءات وانتهاكات، بالإضافة إلى الانتهاكات التي واجهها مواطنون في عدن. هنا، لست بصدد فتح جدل حول تلك الانتهاكات، التي يجب أن تجد مسارًا لتحقيق العدالة. لكن ما يهمني هو تناول الموضوع من زاوية وطنية تهدف لتجاوز العقبات التي تحول دون وحدة الصف في مواجهة عدونا المشترك، ميليشيات الحوثي، التي ستنال من الجميع إن استمررنا في التشتت.
•• الواقع الحالي للمجلس الانتقالي كمكون سياسي وعسكري
بواقعية، المجلس الانتقالي أصبح كيانًا سياسيًا وعسكريًا تعترف به الشرعية كشريك في إدارة الدولة. وعلى الرغم من اختلاف الأهداف الأساسية للمجلس، إلا أن الواقع يفرضه كعائق كبير أمام وحدة الصف ضمن مكونات الشرعية، كما يشكل عقبة أمام أي تحركات سياسية أو عسكرية تجاه ميليشيات الحوثي.
إدراكًا لهذه الحقيقة، يتعين علينا التعامل مع أهداف المجلس الانتقالي بصراحة، والنظر إلى مصالحه بشكل واقعي في ظل الواقع السياسي والاقتصادي والعسكري الحالي على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وهو واقع قد لا يسمح فعليًا بتحقيق أهداف الانفصال أو استعادة دولة ما قبل الوحدة. وهنا أخاطب عقول قيادات الانتقالي بأن معطيات اليوم قد لا تشكل أرضية ملائمة لإعلان استعادة دولة ما قبل 22 مايو 1990.
•• أهمية إدراك الانتقالي لحجم الخطر الاقتصادي وتأثيره على جميع الأطراف
من الأهمية بمكان أن يدرك المجلس الانتقالي حقيقة الوضع الاقتصادي الحرج الذي تواجهه الشرعية. إن انهيار مؤسسات الدولة وتدهور الاقتصاد يهدد الجميع، فبقاء الشرعية ليس مكسبًا لطرف معين، بل ضمان لاستمرار المكاسب السياسية التي حققها المجلس الانتقالي، وأهمها الاعتراف به كمكون من مكونات الشرعية السياسية.
إن استمرار الشرعية والحفاظ على تماسكها هو السبيل الوحيد الذي يضمن بقاء الانتقالي كجزء معترف به في المشهد السياسي اليمني. وبالتالي، على الانتقالي أن يدرك أن انهيار الشرعية سيعني خسارته لهذه المكاسب، بل وسيعرضه لعزلة سياسية تزيد من التحديات التي يواجهها في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرته.
•• الواقعية والحوار السياسي المشترك
أقولها بثقة، أن قيادات الانتقالي والدول الراعية له قد لا تجد معطيات الواقع مناسبة حتى لإعلان حكم ذاتي في بعض المحافظات الجنوبية. ولذا؛ يجب على المجلس الانتقالي التعامل بواقعية، والتواصل مع مكونات الشرعية للوصول إلى رؤية سياسية مشتركة. فالتفاهمات السياسية وحدها هي القادرة على توفير حلول تحقق أهداف المشروع الوطني، ومن ضمنها المطالبة بحق تقرير المصير، مقابل رفع المجلس الانتقالي جميع العقبات التي تعيق وحدة الصف وعودة مؤسسات الدولة وتوجيه البنادق نحو العدو الأساسي، ميليشيات الحوثي.
•• دعوة للحوار والتفاهم بآلية تضمن حق تقرير المصير
في هذا السياق، أدعو إلى توفير ضمانات تتيح استفتاءً حرًا حول تقرير المصير في الجنوب. إن كان المجلس الانتقالي جادًا في تحقيق مطالبه بواقعية سياسية، فأنا أدعو مكونات الشرعية إلى الجلوس مع المجلس، للوصول إلى تفاهمات مشتركة، بإشراف وضمانات إقليمية ودولية، تتيح للشرعية وحدة الصف السياسي والعسكري في معركة تحرير صنعاء، وتضمن للمجلس الانتقالي حق تقرير المصير بعد هزيمة المشروع الإيراني وتحرير العاصمة.
•• ختامًا، يجب أن ندرك جميعًا أن استمرار هذا التشتت في الصفوف، لا يخدم إلا أعداء الدولة والمشروع الوطني. إن كل مكونات الشرعية، وفي مقدمتها المجلس الانتقالي، تتحمل مسؤولية استمرار الانقسامات الحالية. وفي الوقت الذي نواجه فيه عدوًا مشتركًا يمثل تهديدًا وجوديًا لنا جميعًا، فإن واجبنا الوطني والأخلاقي يفرض علينا التكاتف والتعاون لتحقيق أهداف الشعب شمالا وجنوبا واستعادة الدولة، وإنهاء التدخلات الخارجية.
هذه اللحظة تتطلب من الجميع وقفة مسؤولة وحاسمة، تُغلب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة، وتعيد توجيه البوصلة نحو تحرير صنعاء واستعادة الدولة وإدراك أن بقاء هذا الشتات والانقسامات يضع المجتمع الدولي أمام خيار الذهاب لحل سياسي تكون مليشيات الحوثي صاحبة اليد العليا فيه.