غزة مطر وبرد وارتفاع مياه البحر وعراء يقتل الحياة والأحياء، إضافة إلى قصف مدمر للمنازل والخيام يشوي العمارات، ويذيب المباني ويحرق خيام النازحين الغارقة أصلا بمياه البحر، والريح والمطر المرتجفة من الجوع وبرد الشتاء مع ضرب لسيارات الإسعاف وحصار من دخول الغذاء والدواء!!!
لم يبق شيء لم يستخدم ضدهم، ولم يسبق حدوث مثلها قديما وحديثا، صورة تقشعر لها الأبدان ويشيب لها رأس الطفل عندما كان ياما كان الإنسان إنسانا، لكنها صورة لها ما بعدها تنذر بشر مستطير، فالظلم عندما يفيض يرجع وبالا على الفاعل، والمتفرج الذي يبتلى بصور شتى من العذاب، تكون الحرب العالمية صورة خفيفة لصنع الإنسان عقابه بيده، هذا الحجم من القسوة والجرائم لن يمر وعدالة السماء تمهل ولا تهمل.
أما صمود أبناء غزة وعمليات المقاومة في هذه الظروف فهي أمر آخر وغير مسبوق، معجزة لا نعرف كيف نصفها، فهي لأناس من كوكب آخر بصفات وتحمل لا نجد له تفسيرا، التفسير والسر عند أبناء غزة العظمى، التي تحرق وحدها وتحرق تصهر وتصهر وتصهر وتصمد وتصمد وتصمد ؟!!
لعله التأهيل لدور يتشكل بعالم جديد؟؟!!
فكل ما يجري هو خارج القوانين ومازالوا يسمونها حرب بين طرفين؟!
بعد سنة ونصف يكاد العالم الكبير والثري والقوي جدا والقاسي أن يدوخ من الضرب، ثم الضرب بكل أسلحة الدمار في بقعة عزلاء عارية جائعة لا تتجاوز مساحة قرية كبيرة ومازال العالم الدولي الكبير المهيمن على الأرض والقمر يضرب ويضرب حتى يكاد يلفظ أنفاسه ويحرق ويحرق حتى يكاد يسقط من شدة الضرب والإحراق لمخلوقات سموها حيوانات بشرية لكنهم يبدوا خلق آخر.
ولربما تنقرض البشرية بفوهة غزة وثقبها الأسود وتتزاحم أسباب الانقراض من كل حدب وصوب.
ويأتي خلق آخر من الأرض المقدسة.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.