بداية أقدم اعتذري الشديد للشهيد البطل ناصر الذيباني وللأبطال الذين استلهموا من مواقفه وبطولاته زاد على طريق النصر..
كنت قد قمت بإعداد خارطة كتاب عن حياة وبطولات الشهيد ليكون بين يدي عشاق الكرامة الوطنية في ذكرى استشهاده لكن نظرا لعدم توفر المادة الكاملة عن بطولات الشهيد، والتي لم يستكمل جمعها للأسف الشديد نظرا لضعف ومحدودية التوثيق الذي تعاني منه الذاكرة الوطنية الجمعية وانعدام حاسة نشر وتوثيق بطولات العظماء عند القيادات ذات التوجه الإسلامي في اليمن خصوصًا، وقد تواصلت مع البعض وللأسف فإن مخيلتهم السياسية والتاريخية لا ترقى لمستوى بطولات وملاحم المعركة الوطنية، فأثرت التريث حتى جمع المادة التي تليق بالحد الأدنى من مكانة الشهيد والملاحم البطولية التي خاضها، وأسجل هنا عظيم الشكر وجزيل الامتنان والتقدير للنبلاء الذين قدموا شهاداتهم عن سطور الضوء والضياء وخطوط النور الذي بثها الذيباني في ربوع اليمن العظيم.
تقف الكلمات عاجزة والعبارات خجولة في تناول مآثر وقصة كفاح وصمود ونضالات البطل العملاق الفريق الركن ناصر علي الذيباني، الذي سطر ملاحم من البطولة والفداء والتضحية وسفر خالد من النضال الوطني المشرق في سبيل الدفاع عن الجمهورية والسيادة الوطنية وحرية وكرامة شعب اليمن العظيم.
خاض في مقدمة الصفوف وقاد ركب الأبطال في خوض غمار معركة متصلة لسنوات عدة.. عرفته صحاري اليمن ووديانه وآبة معه تلال اليمن وجباله وشهدت على نضاله وبسالته كل ذرات الأرض ونسمات الهواء وروانق الشمس فكان سيد الأبطال وأنبل المحاربين.
يدرك كل من عايش هذا البطل انه استثنائي في كل شيء الشجاعة المفرطة النزاهة العالية الإقدام المبهر القدوة الحسنة.. هكذا خلقه الله تبارك وتعالى كبير في كل شيء ومتفاني في سبيل وطنه حد الجنون.
نقف في هذه السطور مع بعض من بطولات هذا العملاق في مواجهة الإمامة:
أولا.. الأرضية الفكرية والمعرفية للشهيد
شكلت الأرضية الفكرية والمعرفية والامتداد النضالي الأسري والخلفية الاجتماعية والثقافية ذات الجذور الإسلامية شخصية وتوجهات وحياة هذا البطل وانحيازه المطلق لصف الجمهوري، تحققت في هذا البطل جناحي الانطلاق واهم عوامل النجاح فطرة سليمة وشجاعة بالسليقة وإقدام متوارث مع أرضية واسعة من التجارب والنضال والخبرات والتأهيل العلمي والأكاديمي المتميز لتخلق منه محاربا صلبا وقائدًا متمكنا وزعيم مليء بروح الإنسانية وأبجديات الوطنية ومعاني النضال.
ثانيا.. مواجهة التمرد في صعدة وبني حشيش
خاض مع المخلصين من أبناء اليمن أهم وأقدس المعارك التي انصهر فيها الشهيد بقوة كبيرة وقيمية عاليه وشرف كبير اعتز به هي معارك الكرامة الوطنية ضد الإمامة وفلولها في مواجهة المشروع الإمامي الحوثي الطائفي منذ بداية التمرد في محافظة صعدة، وأطراف عمران وصولاً إلى بني حشيش على مشارف العاصمة صنعاء ضمن ألوية الحرس الجمهوري والشرطة العسكرية في الحروب الست التي خاضتها الدولة في عهد الرئيس السابق علي صالح رحمه الله، كان خلالها الملهم والفادي الذي تميز بكونه يخوض تلك المعارك بقناعة تامة وبحماس منقطع النظير وبفهم عميق لطبيعة ومآلات المشروع الإمامي ونتائجه الكارثية على حاضر ومستقبل اليمن والمنطقة.
ثالثا.. الاحتراف في تامين العاصمة
القادة المتميزون هم الذين يكونوا على معرفة ودراية كاملة بطبيعة المعركة التي يخوضونها بدءاً بالمبادئ والقيم التي يدافعون عنها ومعرفة المنظومة التي ينتمون إليها وأين تكون عوامل قوتها وأين تكمن نقاط ضعفها وبالمقابلة خبرة ومعرفة ودراية تامة بنقاط قوة وضعف العدو وإمكانياته وتمركزات قواته ونقاط اتصاله ومراكز القيادة والسيطرة وهي معارف وعلوم لا يستغني عنها أي قائد يتصدر للقيادة في الظروف الاستثنائية التي تميزه عن الكثير من القيادات ذات المستوى الأقل في الاحتراف والكفاءة كان الشهيد على معرفة تامة بمسرح عمليات العاصمة صنعاء وتفاصيل تضاريسها وقدم المعلومات الكافية والاحترافية لخطة تامين العاصمة قبل سقوطها مستفيدا من قدراته الاحترافية وعمله المميز في مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة وهي الخطة التي لو قدر لها أن تأخذ طريقها للتنفيذ في قيادة وزارة الدفاع ورئاسة الأركان العامة وتوجيهات مجلس الدفاع الوطني برئاسة رئيس الجمهورية حينها لجنب اليمن المآسي والردة عن النظام الجمهوري وحفظت الدولة من السقوط.
رابعا.. مقاومة الانقلاب على الجمهورية
خلال فترة ما بعد 2011م عمل الذيباني في دائرة الاستخبارات العسكرية، لينتقل بعد ذلك إلى عدن بعد صدور قرار تعيينه في منصب رئيس لأركان اللواء 31 مدرع ضمن جملة تعيينات أصدرها الرئيس هادي (17 مارس 2014م)، وعقب سقوط صنعاء بيد مليشيا الحوثي وتمددها في مناطق ومحافظات البلاد وصولا إلى عمق مدينة عدن.
ظل الشهيد يقاوم مشروع الإمامة من موقعه وفقا لظروف تلك المرحلة وقدم الدعم والعون والتسليح للمقاومة الوطنية في عدن بحسب شهادة قيادات المقاومة هناك.
وعقب مغادرة الرئيس هادي قصر معاشيق، غادر العقيد الذيباني المدينة متوجهاً إلى محافظة مأرب.. ليلتحق بالكوكبة الأولى من خيرة أبناء اليمن الذين تداعوا لمواجهة ومقاومة هذا المشروع التدميري لليمن والمنطقة العربية وشكل مع رفاقه الأبطال النواة الأولى للمقاومة الشعبية البطلة على تخوم مدينة مأرب حاضرة الإرث الحضاري التاريخي اليمن.
انطلقت المقاومة الشعبية على تخوم مدينة مأرب التي تحاصرها فلول الإمامة وعصابات التمرد من الاتجاهات مثلت دعوة نضال وصيحة وطن على الأرض وفق خطاب وطني جمهوري يمني الهوى الهوية ووفق رؤى واضحة ونبيلة في مواجهة التمرد متسقة مع المشروع الوطني الجامع لإحياء أسس الحركة الوطنية الجمهورية التي انهارت تحت وطأة خلافات اليمنيين وأطماع المشروع الفارسي في المنطقة العربية عبر الأذرع الشيعية ومنها الحركة الحوثية الطائفية الإمامية، وكانت مطارح قبائل مأرب حاجز الصد أمام المليشيا وكابح جنونها على حدود المحافظة.
كان أحد أعضاء غرفة العمليات المشتركة التي تم تشكيلها في مأرب لترتيب وضع المقاومة وإدارة المواجهة والتخطيط لها، هذه الغرفة تشكلت في ظروف الحرب لتنسيق وتوحيد المقاومة بين رجال القبائل الذين حملوا السلاح ووحدات الجيش والأمن التي انحازت إلى صف الشرعية، تحت إشراف السلطة المحلية في المحافظة والمحافظ سلطان العرادة وقوات الجيش والأمن، ومجموعة من ضباط الحرس ومنهم اللواء محسن الداعري قائد لواء الحرس المرابط في مأرب والذي قدم الدعم والتسليح للمقاومة وحافظ على جاهزية ومعدات اللواء ومهامه في الحفاظ على المدينة وأمنها.
بدأت الخطط للدفاع عن مأرب ومنع سقوط صرواح وكوفل بيد الحوثي، ثم انتقلت إلى استراتيجية المواجهة، وقد كانت شرارتها الأولى في منطقة حريب، ثم الجدعان.
وتولى نائب قائد جبهة الجدعان الذي كان يقودها أحد أنبل ضباط القوات المسلحة اليمنية اللواء الركن توفيق محمد عبدالله القيز، وقد أظهر بسالة وصرامة منقطعة النظير في مواجهة المد الشيعي الذي ركز كل جهده في اتجاه محافظة مأرب.
خامسا.. تشكيل الجيش الوطني
بدأت نواة الجيش الوطني بالتشكل لتضم الوحدات التي ظلت ثابتة، والرجال الذين توافدوا من كل أنحاء الوطن، وانخرطوا في صفوف الجيش والمقاومة.
تم وضع النواة الأولى لجيش الجمهورية الثانية بجهود ومشاركة كوكبة من القادة والضباط الجمهورين الذين قاوموا فلول الإمامة خلال تاريخهم العسكري، وجسدوا ولائهم وانتمائهم للوطن والعقيدة الجمهورية والمبادئ الإسلامية النقية التي حملوها بين جوانحهم وعلى المدى الزمني في خدمتهم للوطن، استطاع أولئك القادة الأبطال في وضع الأسس المتينة واللبنات الأولى لإعادة تنظيم وبناء المؤسسة الدفاعية والأمنية في وقتٍ قياسي وظروف بالغة التعقيد وشديدة الخطورة.
خاص أول معركة عند إعادة تجميع وتشكيل الجيش الوطني، مشاركاً بنفسه وبندقيته في خطوط التماس وعمق المعركة قائدا محترفا في إعداد الخطط ورسم الخرائط وتحديد أهداف واتجاه ومحاور محاربة العدو ويعتبر أحد أفضل الضباط في علم التكتيك العسكري وإدارة العمليات القتالية، ومنذ وطأت قدمه أرض مأرب لم يغادرها يوماً إلا جريحاً من إصابة بليغة أو مريضاً أو معتمراً بقي مرابطا في جبهات ومحاور القتال او قائما بدور محوري في غرف العمليات ومراكز القيادة والسيطرة.
سادسًا.. القيادة من مقدمة خطوط التماس
تقول بعض النظريات في تعريف القيادة إنها فن التأثير في الآخرين لتحقيق أهداف مشتركة، وهي مسؤولية عظيمة تتطلب مهارات استثنائية وذكاءً عاطفيًا. تُعرَّف القيادة أيضًا بأنها عملية تحفيز وتوجيه مجموعة من الأفراد نحو عمل جماعي لتحقيق غاية محددة.
وتعرف القيادة والسيطرة عسكريا بأنها ممارسة السلطة والتوجيه من قبل قائد عسكري مسؤول على القوات المكلفة والتابعة لإنجاز المهمة، ويتم تنفيذ وظائف القيادة والتحكم من خلال ترتيب الأفراد والمعدات والاتصالات والمرافق والإجراءات المستخدمة من قبل القائد في التخطيط والتوجيه والتنسيق والتحكم في القوات والعمليات عند إنجاز المهمة.
كانت تغلب على أبو منير في المعارك على كثرتها وتعدد مواطنها صفة المحارب الفادي فيقوم بإعداد الخطط وترتيب القوات وتنظيم الأعمال القتالية في الدفاع والهجوم لكنها يتقدم الصفوف في المعارك.
كان يتجول بين الجبهات يتفقد رفقاء النضال من الشباب في كل المواقع، كان معهم وفي مقدمتهم وتقاسم معهم برد الجبال وحر الرمال، ما غادر الجبهة منذ التحق بها، آمن بالقضية ونذر نفسه لحماية الوطن والجمهورية فكان نعم الحارس الأمين لقيم ونضالات الشعب اليمني العظيم.
سابعًا.. الميدان أحب المواطن الذيباني
من المواقف التي شهدتها شخصيا انه كان يمل من الجلوس في المكاتب أو الجلسات الخاصة أو المقيل ولا ترتاح نفسه إلا في المواقع الإمامية وكان شديدا في التعامل مع أي تقصير أو إهمال من قبل إيا كان.
تميز بقوة شخصيته وانه كان لا يرضخ ويصر على الحق بعيدا عن المجاملات أو المداهنة أو التهيب من أي كان ربما ستكشف المراحل التاريخية القادمة مواقف أسطورية في الثبات على الحق والاعتزاز بالذات.
ثامنا.. مواقف من بطولات الشهيد
(1)
في إحدى معارك الكسارة، وفي جنح الظلام اختلطت الوجوه وتداخلت البنادق ووصلت حد المواجهة طعناً وبالحجارة، وقبل طلوع الفجر كان أبو منير قد هب لنجدة المقاتلين، وحين كادت المعركة أن تنتهي اكتشف الأبطال أن القائد قد أخذ موقعا متقدما في عمق منطقة العدو، ذخروا أسلحتهم وتقدموا محرزين نصراً جديداً. المغامرة والبسالة كانت طريق القائد الذي لا يهاب الموت ولا تقيده كثافة النيران لم يتواجد رحمه الله في معركة إلا ويقتحم الصفوف كبطل يشابه عظماء معركة القادسية اليمانيون.
وفي إحدى الواقعات تلفت الأبطال يمنة ويسرة يتلمسون قائدهم، كان قد سبقهم وشق طريقه إلى خلف خطوط العدو ببسالة أذهلت الجميع وحمست الكل نحو التقدم ليتقدموا خلفه ويلتحقوا به في ساحات الوغى وحيث درب المخاطر على رؤوس الأعداء.
(2) الجراح الغائرة لا تقيد البطل من مواصلة القتال
ذات يوم عاصف بمعركة حامية على أطراف مأرب كان العدو يحاول اقتحام المواقع وتطوير الهجوم وتطويق المدينة أصيب البطل أبو منير بطلق ناري، وبقي يقاتل مع جنوده، بشجاعة غير آبه لدمه الذي يسيل ولجرحه الذي يتوجع،
وحين بات في خطر اضطر أربعة ضباط لمخالفة تعليماته بالاستمرار في المعركة دون الاهتمام بحالته وهو ما زال يقاتل ببسالة قرر الضباط امتطاء المدرعة وتقدموا نحوه واقتادوه مكرهاً إلى داخلها ونقلوه إلى المستشفى كانت معنوياته عالية ولا يبالي على أي جنب كان في الله جرحه.
(3) العبور من بين كماشة الموت المحقق
القتال من المتارس وخلف السواتر بطولة وشجاعة وإقدام وإدارة لمعركة متكافئة وفقا منهجيات القتال وخطط المعركة لكن الفدائية والبطولة الاستثنائية هي أن تطلب النجاة من بين كماشة الموت ومستنقع اللهب أن تقهر عدوك وتكسر الأغلال التي طوق بها عنقك وتقهره على الفرار بجحافله وان يفتح لك طريق كان قد أحكم إغلاقه، فتلك هي الشجاعة والإقدام والبطولة بكل صورها ومعانيها وقوة حصورها التاريخي وفي اللحظات الحرجة منها وعلى وجه الخصوص تلك التي يحاصرك الموت فيها من كل اتجاه هي التي تكون فيها على درجات الاختبار للشجاعة والثبات والصمود وقوة الإيمان وهي الفلتر الحساس لمعرفة قدرات القائد وثباته ورباطة جأشه على اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب والدقيق.
كثيرة هي المرات التي داهمت المخاطر حياة وتحركات الشهيد أبو منير ذات يوم من أيام الجهاد والنضال التي خاضها الشهيد مع مرافقيه وهي كثيرة خلال سنوات الحرب منذ بدايتها حتى استشهاده رحمه الله إذ لا يخلو أسبوع من صولات وجولات لهذا البطل.
تمكن العدو من تطويق اللواء الذيباني ومن معه في إحدى معارك الصحراء، ثبت القائد وثبت من حوله وقوى عزائمهم وبقدرات القائد الاستثنائي قيم الموقف وقرر أن يخترق صفوف العدو مع مرافقيه، ويفك حصاره بنفسه مثل أبو منير لم يخلق للأسر هو دائما يضع نفسه بين خيار النصر أو الشهادة ليس في قاموسه أن يسلم رقبته للعدو الفاجر، هو يدرك ماذا يريد.. وأين يضع قدماه وبجراءة أذهلت الجميع.
أصدر توجيهاته للاتجاه نحو صفوف العدو والاستعداد لمواجهة الموت بشرف وبسالة أو انتزاع الحياة من أنياب العدو ببسالة وشجاعة واخترقوا صفوف العدو ودخلوا معه في اشتباك مباشرة ما فاجئ العدو الذي ظن أنه قد أحكم السيطرة، وأن صيده الثمين غدى في قفص الأسر وبحركة سريعة بالطقم المسلحة مع زخات من الرصاص المتواصل اختراق التطويق الذي فرضه العدو وكسر الحصر وتعدى الكمائن وفك عن مجموعته طوق محكم قدم خلالها شهيدا مجيدا من مرافقيه وحافظ على جثته وأصيب أربعة بجراحات بالغة أخذهم إلى المستشفى وقام لإسعافهم بنفسه وكانت جروحهم نازفة واطمئن عليهم وتابع معالجتهم في عملية فدائية كانت النجاة فيها من الأسر أو الموت المحقق في عداد المستحيلات انه الفادي أبو منير الذي نذر حياته للبطولة في مواطن العزة، فسجل أسمى معانيها ونقش بحرف من نور ونار مآثرها المجيدة في سفر النضال الوطني الخالد .
(4) إرادة القتال والبسالة مفتاح النصر
يروي العميد الركن حيدر محفل مدير دائرة المشاة بوزارة الدفاع التابعة لهيئة العمليات التي يترأسها اللواء الركن ناصر الذيباني انه في ذات يوم انطلق معا بناء على طلب رئيس هيئة العمليات إلى الكسارة وعند وصولهم إلى مفرق هيلان كانت مدفعية العدو وعياراته من الهاويات تمطر المكان بالقذائف يمنة ويسرة كان أبو منير ثابت الجنان ولم يلحظ عليه أي تأثير معنوياته عالية وإيمانه عميق بان الحياة والموت بيد الله وهو ما جعله لا يلقي بالا لتلك النيران وعلى يمين ملبودة. وأمام تبة جلسا معا حتى الفجر يرقبون المعركة ورئيس الهيئة الشهيد الذيباني يوجه المواقع ويتابع النتائج وبعد معرفة نتائج المعركة.
وفي مفرق هيلان كان هناك أعداد من المقاتلين عائدين من المعركة بعد ليلة مرهقة أصدر الشهيد التوجيهات بمواصلة القتال واستمرار الهجوم على مواقع العدو وتحصيناتها وابلغ الشباب المنسحبين بضرورة مواصلة القتال إلا أنهم واصلوا الانسحاب نحو الخطوط الخلفية.
اتجه القائد ومعه كل من العميد حيدر احمد محفل واللواء البحش واللواء عمر سجاف إلى مواقع الصلصال،
وكانت قذائف الهاونات تسقط في كل مكان حولهم كالمطر رأى الجميع أن العودة والانسحاب خيار اضطراري ومواصلة التقدم مخاطر محققه وهنا صرخ الشهيد قائلا: “الآن جاءت الفرصة الحقيقة للنصر وتطوير الهجوم”، والهاونات من هيلان تقوم بالتغطية ورفض العودة مع الإصرار منه والتقدم في اتجاه العدو لم يكن لاحد خيار التراجع تقدم الجميع نحو خوض المعركة، وكروا عندما رأوا ثباته وشجاعته وقوته وإصراره دارت معركة حامية الوطيس شديدة الظروف عندها تأثر الشباب المنسحبين الذي أرهقهم القتال ليلا بهذا الموقف الشجاع والتحقوا بالمعركة ودار القتال الشديد حتى الظهيرة وحققت المعركة نتائج ممتازة تم خلاله الاستيلاء على مواقع الصلصال والقوة التي كانت تحت إمرة أبو منير هي من الضباط المذكورين ومرافقيهم لا تتعدى عشرين مقاتل والشباب المنسحبين المواقف العملية وإرادة القتال الفولاذية والمبادرة في تقدم الصفوف من قبل أبو منير حمست الجميع وخلقت فدائية حققت النصر.
(5) الفدائية في إنقاذ المحاصرين
فدائية أبو منير وحرصه على المقاتلين وتامين حياتهم وإنقاذهم تتجلى في مواقف كثيرة وجبهات عديدة طوال فترة الحرب أنقذا الكثير من الوقع في قبضة العدو يروي مرافقيه أنه في أحد أيام الحرب، في جبهة صرواح أثناء تقدم قوات الجيش الوطني للهجوم على قوات وتحصينات ومواقع العدو في جبل الأشقري بدا الهجوم من بعد منتصف الليل وكانت معركة قوية وجبل الأشقري جبل شاهق والتضاريس صعبه والمواجهة مزروعة بالألغام والمتفجرات على طول خطوط الهجوم ومواقع العدو محصنة بالكامل وبدرجة عالية استطاع أبطال من قوتنا في هكذا وضع وتمكنوا من الوصول إلى متارس العدو والسيطرة على أطراف من الجبل فقام العدو بالانسحاب إلى منتصف الجبل ثم انتظر التعزيز وشكل التفاف على الأفراد الذي في مقدمة الجبل والضرب عليهم من الخلف بنيران كثيفة ومن مختلف العيارات استشهد وجرح البعض من قواتنا كانوا ينادوا للقوة التي تم الاتفاق أنها تهجم من الجهة المقابلة والتي تم التفاف عليه من قبل العدو تعالت النداءات بطلب التعزيزات وفك الحصار عن القوات المحاصرة وإنقاذ الجرحى وإخلاء الشهداء وكان القائد الذيباني ومرافقيه في الجبل المقابل لهم يدير المعركة من هناك وكان يسمع جميع الندات ناد بقائد المجموعة المعززة ادخلوا عززوا القوات التي يحاصرها العدو.. ردت قيادة التعزيزات إن القوات المعززة أصبحت في وضع مكشوف لنيران العدو وإن مواصلة الهجوم يعرضها للنيران الكثيفة المباشرة وإنها لا تستطيع التقدم، وكان الوقت بعد الفجر مع بزوغ الضوء، نهض القائد أخذ بندقه ونزل من التبة مسرع بتجاههم مع ثلاثة من المرافقين الذين التحقوا به وكانت الطريق معظمها مكشوفه للعدو فكان يضرب بكثافة بتجاه القائد ومن لحق به كانوا مسرعين بعد القائد الذي تقدمهم مسرعاً بتجاه أفراد القوة المحاصرة لتعزيزهم بنفسه نزل -رحمه الله- من بداية السائلة في مكان مستور عن رقابة العدو تقدم القائد قبل الجميع وأبلغ مرافقه بالانتظار بعيدا عن الألغام.
وتقدم أمام المرافقين وقال لهم: اتبعوا الخطوات التي أخطوها في المكان الذي أضع أقدامي عليه أو المكان الصلب وصلوا إلى منتصف السائلة وبدء الانكشاف امام قوات العدو وعاد الضرب بالنيران الكثيفة على القائد ومجموعته الصغيرة حول المرافقين منع القائد من التقدم لكن لم يستطع أحد إثنائه عن التقدم واصل التقدم مع أفراده حتى وصلوا إلى مكان مكشوف يتعذر معه التقدم نظرا لكثرت النيران على هذا المكان.
وفي موقف كان الموت محقق نظرا لكثافة النيران والقرب من العدو أصر الثلاثة المرافقين ومنعوا القائد من التقدم واتخذوا وضع القتال. والتمترس في المحيط وبداء الاشتباك مع أحد المجموعات المحاصرة لقواتنا والتي اتجه الشهيد لفك الحصار عنها طلب القائد التعزيز بمعدل كان الوضع صعب لم يستجب أحد من قواتنا المتمركزة في مواقعها لم يستجب لنداء القائد أحد من قادة الجبهات وقادة الألوية المتمركزة خلفنا.. عندها قرر القائد الاتجاه يمين كان في قرن تبة مطلة ومسيطرة على السائلة تتتبع قوات الجيش الوطني ولم يكن هناك وقت للتنسيق والترتيب.
كان الجميع من يطل الوادي يشاهد المعركة التي يخوضها أبو منير مع ثلاثة من أفراده وبعد عناء وجهد شديد وصلت المجموعة إلى التبة المقصودة والتي تتبع قواتنا وسط أزيز الرصاص الكثيف والهاونات التي غطت المكان من كل اتجاه ومن خلال الأرض المزروعة بحقول الألغام وصل القائد، وتم تثبيت المجموعة من قِبل الخدمات ووجهوا السلاح على القائد ورفاقه حتى عرفوا أنه أبو منير ورفاقه وسمح لهم بالمرور وعند سؤالهم عن عدم التغطية أجابوا لم يكن لديهم أوامر تزودت المجموعة بالذخائر من الحراسات وشاركوا بتغطية بالعيارات حتى تم إخلاء بعض الجرحى والشهداء في موقف أسطوري سجله البطل ورفاقه.
(6) حركة مستمرة وثبات في مواجهة المخاطر
جولات مكوكية لا تنقطع من جبهة إلى أخرى ومن موقع إلى الذي يليه وحركة دؤوبة بين محاور القتال هذا هو برنامج الشهيد أبو منير طوال سنوات الحرب فهو ما قائد معركة بنفسه إلا ويتقدم الصفوف أو يقود أول مجموعات التعزيز لتثبت الأبطال ومواصلة القتال أو على راس لجنة أركانات لترتيب جبهات ومحاور القتال يروي العميد حيدر محفل، العديد من المواقف وهو ضمن لجان وتحركات بقيادة الشهيد ومن تلك المواقف في أحدي المرات عند اقترابهم من الحد الإمامي في أحد الجولات وضربت عليهم الهاون عدة قذائف وطلبوا من أبو منير الابتعاد عن مسرح الاستهداف لكنه رفض وأصر على مواصلة المهمة في ذات نطاق القصف قائلا: "الموت محدد بأجل وإذا برحنا في المكان سيهتز القوم "، وأمام إصراره استمرت المهمة وحققت أهدافها.
ويضيف أنه كان مع الشهيد ذات مرك في مهمة في جبل مراد لمعالجة بعض الاختلالات فتم زيارة الجبل والذهاب إلى كل موقع والالتقاء بالمعنيين ومعالجة جميع المشاكل وترتيب أوضاع الجبهة وأثناء المرور بالمواقع كان هناك مواقع قريبه من قناص العدو فكان يطرح له نتجنب التحرك في مرمى القناصين فرفض وتحرك الجميع عند إصراره دون أن يعبئ بالقناصين
علما أن الجبهة قبل ترتيبه كادت أن تسقط وبعد الترتيب ثبتت لمدة سنة وأكثر.
(8) الكسارة.. صناعة النصر
من المواقف البطولية إنه في جبهة الكسارة ومع عدد من الضباط تم استطلاع مسرح العمليات ومواقع العدو وعمل تقدير موقف ومن ثم أعداد خطة لعمل عسكري يربك العدو وافتتح المعركة في مفرق هيلان واستمرت حتى الصباح وعند بواكير الفجر تحرك الشهيد ومجموعة الضباط معه، وكانت القوات في حالة إرهاق وتعب وبداء بعض الأفراد بالانسحاب وكانت معنوياتهم منهارة.
حاول الشهيد تشجيعهم ورفع المعنويات دون جدوى فتقدم مع مرافقيه نحو خطوط التماس وخاض معركة بطولية وسط لهيب النيران وقذائف المدفعية وحقول الألغام لم ينكسر رغم صعوبة الموقف ولم يتراجع رغم إصرار من حوله هذا الموقف الشجاع قلب الموازين وحول الانكسار إلى مغالبة مع العدو تشجع الجميع وارتفعت المعنويات وتحول الموقف وتغيرت المعادلة والتحم الجميع وعاد المنسحبين بعد ثقتهم بالنصر واطمئنانهم لصلابة القائد.
وأبلت جميع العيران ومن عليها والعربات وأسلحة المعدلات بلاء حسنا فكانوا يجوبون المكان من مكان إلى آخر وتم كسر العدو وتم استعادة المواقع وتثبيت الجبهة وتحقيق انتصار حاسم عزز من تواجد القوات وأن تثبيت الدفاعات واستقر وضع الجبهة وواصلت صمودها ضد زحوف الكهنوت.
(9) مواقف من الثبات واستعادة المواقع
المناضل الجسور والرمز الخالد أبو منير في كل الجبهات كان لحضور الشهيد دور بارز في رفع المعنويات وشد العزائم في التراجعات يمثل وصوله للجبهات إيذانا في استعادت كل المواقع وهو ما كان يحدث في نهم وصرواح والبيضاء والماهلية وفي عقبة القنذع في الكسارة في كل الجبهات دون استثناء.
ويروي العقيد الدكتور صالح القطيبي نائب مدير المركز الإعلامي للقوات المسلحة بقوله عندما كان أبو منير يشغل موقع رئيس هيئة العمليات لفترات متفاوتة.
كانت الجبهات التي تشتد فيها المعارك وتحمى عندها وطيس الحرب كان المقاتلين ينتظرون مقدمه كجيش مكتمل تتعزز به المعركة وعند حضوره يتحول التراجع إلى تقدم والانكسار إلى انطلاقة نحو قلب المعركة.
ففي أحد المعارك التي تراجعت فيها قواتنا في سوق قانية وبالتحديد جبل العر حيث استطاعت مليشيات الحوثي بهجوم مباغت ومكثف وبأعداد كبيرة من السيطرة على بعض المواقع وتراجعت قواتنا فما أن وصل القائد أبو منير حتى ارتفعت المعنويات وتم ترتيب الصفوف واستعادت قواتنا زمام المبادرة وهب القوم واستعادوا جبل العر وحرروا مواقع أخرى في اتجاه اليسبل وفي كثير من الجبهات، لقد أعطى الله ذلك الرجل من الكاريزما والقدرة الهائلة على التأثير على القوات وإنعاش روح المقاومة والبطولة فيها الشيء الكثير.
في الكسارة هجمت المليشيات الحوثية واستولت على أحد المواقع فما كان من الشهيد -رحمه الله- إلا بادر وقام بحركة هجوم والتفاف مع أربعة من مرافقيه واستعاد الموقع بكل جراءة وعزيمة وثبات، وقد