صرّح قائد إدارة العمليات السورية، أحمد الشرع، مؤخرًا بأن معركة التحرير تمّت بسلاح محلي الصنع وبأموال السوريين، ونفى وجود أي دول داعمة للعملية العسكرية، رغم علم الجميع بالدعم التركي المقدم. إن هكذا تصريحات تمنح الإدارة الجديدة في سوريا إرادة استعادة السيادة، مقارنة بما يحصل في اليمن.
في اليمن، تقدّم دول التحالف عشرات القواطر من التمر وأدوية قريبة الانتهاء، ويتسابق قادة الشرعية، من رئيس مجلس القيادة إلى سكرتير أصغر وزير، في تقديم الشكر والثناء. ولو حُسبت إعلانات مدفوعة الثمن على مواقع التواصل الاجتماعي، لفاقت قيمتها قيمة قواطر التمر.
بعيدًا عن هذا الجدل، الأهم هو أن تركيا، رغم ما قدمته من دعم للمعارضة وصل حد تدخل الجيش التركي لوقف تقدم جيش النظام وميليشيات إيران وطيران روسيا من اجتياح الشمال السوري، وقدمت ضحايا من الجيش التركي، تدرك أهمية منح الإدارة الجديدة استقلاليتها، والأهم صناعة ذاتها كإدارة ناجحة بذاتها في ذهنية المجتمع السوري. وتلك أهم خطوات النجاح.
أما وضعنا نحن في اليمن، فقد سارع التحالف لاحتكار كل شيء وإدارة كل شيء والتحكم في كل شيء، حتى نوع الوجبات التي تقدم لأصحاب الفخامة والمعالي يتدخل في اختيارها وجدولتها.
ما يحدث أمامنا في سوريا درس قاسٍ يجب علينا تعلمه، كما يجب على قيادة التحالف العربي تعلمه قبلنا. خلال شهور سنشهد نموًا تنمويًا واقتصاديًا وتحسنًا في قيمة العملة السورية بدعم تركي وإقليمي ودولي. بينما نحن في اليمن، وبعد عشر سنوات، ما زالت الشقيقة تحتكر كل شيء في إدارة هذا البلد، حتى نوع التمر في رمضان وأين يوزع ولمن.
أعلنت إدارة العمليات العسكرية في سوريا سيطرتها على أحد حقول النفط، الذي ينتج قرابة 10 آلاف برميل يوميًا. ستسمعون قريبًا عن عودة تصدير النفط السوري، فيما عمل التحالف الشقيق بكل ثقله على وقف تصدير النفط اليمني للخارج.
هذه مفارقات يجب التوقف أمامها ودراستها والاستفادة من المتغيرات الجديدة وسرعة مغادرة مربع الجمود والارتهان الشامل. مشروع إيران انتهى وتم دفنه، ونهاية مشروع إيران في اليمن كُتبت شهادة وفاته. لم يتبقَ على القيادات اليمنية والقوى السياسية ومكونات الشرعية والمجتمع والجيش والمقاومة إلا تحمل مسؤوليتهم وسرعة تحديد موعد تشييع الاحتلال الإيراني في صنعاء إلى مثواه الأخير. فهل يدركون ذلك ويعقلون؟