;
سيف محمد الحاضري
سيف محمد الحاضري

"اليمن بين بركان الغضب الشعبي وضغوطات تمنع الحسم: مصارحة لا تحتمل التأجيل" 98

2024-12-24 00:22:32

اليمن يمر بمنعطف خطير لا يحتمل المزيد من التردد أو الحسابات الخاطئة. مليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، تستغل التحولات الإقليمية بعد تراجع المشروع الإيراني في سوريا ولبنان لإعادة ترتيب أوراقها وشن هجمات متتالية على مختلف الجبهات، في مسعى يائس لتحقيق مكاسب عسكرية تعيد تموضعها على الأرض. هذا الوضع يُلقي بظلال ثقيلة على المشهد اليمني، في وقت تبدو فيه القيادة الشرعية عاجزة عن اتخاذ القرار الحاسم الذي يضمن إنهاء هذا الكابوس الممتد منذ تسع سنوات.

ما يحدث في جبهات تعز وبقية المناطق لا يمكن قراءته بمعزل عن التغيرات الإقليمية والدولية. العالم اليوم يشهد انحسار النفوذ الإيراني في المنطقة، واليمن يمثل آخر أوراق طهران لتحقيق مكاسب سياسية في طاولة المفاوضات الدولية. هذا يمنح الشرعية فرصة تاريخية لا يجب أن تُهدر. ومع ذلك، يبدو أن الضغوط السعودية تحول دون استثمار هذه الفرصة، إذ بات واضحًا أن الشقيقة الكبرى تفضل إطالة أمد الوضع الراهن لأسباب تتعلق بحساباتها الخاصة. هذه الضغوط تمنح الحوثيين وقتًا مفتوحًا لإعادة ترتيب صفوفهم وشن المزيد من الهجمات دون أن تجد ردعًا حقيقيًا أو موقفًا صلبًا من القيادة الشرعية أو التحالف.

إن استمرار الموقف السعودي بهذا الشكل لا يهدد فقط فرص التحرير، بل يمثل تهديدًا وجوديًا لليمن كدولة ونظام سياسي. على القيادة الشرعية أن تتحلى بالشجاعة اللازمة لمصارحة ومكاشفة السعودية بحقيقة ما يجري. فالإصرار على منع الحسم العسكري لا يخدم إلا مليشيات الحوثي ومشروع إيران، ويقوض الأمن الإقليمي بأسره. إذا استمرت هذه السياسة، فإن الأوضاع في اليمن قد تخرج عن السيطرة، وقد تظهر قوى داخلية أو تمردات تتبنى إرادة التحرير وتبدأ في قيادة المعركة بعيدًا عن مجلس القيادة الرئاسي، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من التفكك والانقسام.

حالة التذمر الشعبي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة. الاستياء من الأداء الحكومي ومن تعثر عملية التحرير بات أشبه ببركان يغلي تحت السطح، وقد ينفجر في أي لحظة. الشعب اليمني، الذي دفع الثمن الأكبر في هذه الحرب، لن يظل مكتوف الأيدي إلى الأبد، خاصة في ظل استمرار الوضع الراهن. هذه الحالة قد تؤدي إلى انعدام الثقة في القيادة الشرعية، ما سيؤدي إلى إضعافها وربما انهيارها كليًا إذا استمر تجاهل المطالب الشعبية بتحقيق الحسم العسكري.

التأخير في اتخاذ قرار الحسم العسكري لا يُكلف اليمن سوى المزيد من التدهور على كافة المستويات. اقتصاديًا، انهيار العملة وزيادة معدلات الفقر والجوع تهدد بحدوث كارثة إنسانية غير مسبوقة. عسكريًا، يمنح الحوثيين مزيدًا من الوقت لترسيخ سلطتهم وإحداث اختراقات جديدة على الأرض. سياسيًا، يؤدي إلى فقدان الشرعية لمصداقيتها وقدرتها على قيادة البلاد. إن أي استمرار لهذا الوضع سيضع اليمن في مواجهة مستقبل غامض، حيث قد تتحول معركة التحرير إلى حرب داخلية جديدة بين قوى متصارعة تسعى لتحقيق أهدافها بمعزل عن قيادة الدولة.

الفرصة لا تزال قائمة، لكنها تضيق يومًا بعد يوم. القيادة الشرعية أمام لحظة تاريخية تتطلب قرارًا شجاعًا يتجاوز الضغوط ويضع مصلحة اليمن فوق كل الاعتبارات. على السعودية أن تعيد النظر في حساباتها، وأن تدرك أن إضعاف اليمن وشرعيته لا يخدم إلا مشروع الحوثيين وإيران. وإذا كانت السعودية ترى أن بقاء الحوثيين يخدم مصالحها، فعلى القيادة الشرعية أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية وتصارح شعبها بهذا الواقع، وتبدأ في البحث عن تحالفات جديدة أو تبني استراتيجية وطنية خالصة لتحرير البلاد.

اليمن اليوم يقف على مفترق طرق خطير. إما التحرير بمعركة وطنية شاملة تنقذ البلاد من براثن المشروع الإيراني، أو الدخول في دوامة جديدة من الفوضى والانقسام. 

shape3

القرار بيد القيادة، والتاريخ لن يرحم المترددين.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد