ليس من الحصافة، ولا السياسة، ولا الذكاء في شيء أن يمضي مشروع الحوثي وراء المشروع الإيراني مغمض العينين، أعمى البصيرة؛ حتى لو دخلت زعانف إيران جحر ضب يدخل الحوثي وراءهم.

الحوثي يتحرك اليوم بلا بوصلة؛ لأن المتحكم بالبوصلة ليس في صنعاء، وإنما في طهران، وما وصل إليه الحوثي من إحباط جراء تلاشي حزب الله، وانكسار المشروع الإيراني في سوريا جعله ينطلق من قاعدة علي وعلى أعدائي، أما هو فيعتمل في صدره السخط غير المتناهي على اليمنيين، وبات شعاره: علي وعلى اليمنيين ...!!
جاء يحيى الرسي ومضى يعمل جاهدا على بناء المذهب الهادوي على حساب المذهب الزيدي، وبقي المذهب الهادوي محصورا في مناطق محددة من شمال الشمال، فجاءت السلالة الحوثية لتنشر المذهب الجعفري الاثنا عشري، وعلى حساب المذهب الهادوي والمذهب الزيدي معا. بل إن السلالة الحوثية تمادت أكثر نحو الانسلاخ من الهوية اليمنية لتظهر بطرق متدرجة اعتزازها بالقومية الفارسية، وهذه خطوة انتحارية منفوخة بالغرور.
صحيح أن الإمام يحيى حميد الدين، كان قد صدر عنه ما يوحي بهذا التوجه، عندما قام ولي عهده احمد بمحاولة التنقيب عن الآثار في الحدا بمحافظة ذمار، فأبرق إليه والده يأمره بالكف عن ذلك، معللا الأمر بقوله: لا تكشف لليمنيين عن أمجادهم!
هناك ما هو أدهى؛ وهو أنه على مستوى بعض التجمعات المتشيعة من يقسم ما يسمون بالسادة إلى: سيد فارسي، وسيد عربي، والغريب العجيب أنهم يقرون لمن يسمونه السيد الفارسي بالأفضلية على السيد العربي ...!!
بمعنى أن هناك مستويات في دائرة من يسمون بالسادة، فهناك السيد الفارسي، وهناك السيد العربي، وآخرون زنابيل السادة، وهناك الزنابيل الأدنون المعروفين، ممن تهافتوا على أقدام السادة بمختلف مسمياتهم، وخرجوا يحملون المظلات لاتقاء شمس حرية ومبادئ ثورة 26 سبتمبر ...!!
معروف أن هناك على مستوى أسر (السادة) تفاوت في المراتب، وأن بعض البيوت أفضل من بعض؛ حتى إنهم ينظرون إلى بيت الحوثي أنها من البيوت الأقل شأنا.
الصراع التاريخي بين هذه الأسر، صراع طويل، بل إن الصراع بين أبناء الأسرة الصغيرة؛ بين الإخوة الأشقاء، وبين الأب والإبن شواهده كثيرة جدا، وقد بدأ منذ أحفاد يحيى الرسي.
أمام الأسر الهاشمية الحقة، والجمهورية أن تعري مزاعم السلالة الحوثية التي تسيئ إليها، وأمام الحوثي أن يتخلى عن مشروع إيران الفارسي النزعة وينخرط في إطار الشعب اليمني، أقل شيء؛ ليقي نفسه مصير سابقيه من أذرع إيران.
أما بالنسبة لليمنيين فمهما طال الزمن أو قصر، فلن يتخلوا عن ثورتهم، ونظامهم الجمهوري، وإسقاط كل المشاريع الظلامية، وفي مقدمتها مشروع السلالة الحوثية.