;
أحمد موفق زيدان
أحمد موفق زيدان

زلزال فتح دمشق .. كواليس وخفايا، وأحد عشر يوماً حاسمة "الحلقة السابعة" 656

2025-01-02 02:27:24

كان الشعور بالسرور والغبطة يعمّ كل أنحاء سورية، لم يكن أحد يصدق أن هذا الفتح سيصل بهم إلى العاصمة الاقتصادية للبلاد حلب، فكل ما كان يتوقعه الشعب أن الثوار سيصلون ربما إلى أطراف المدينة، مع توسعهم لريف إدلب الشرقي، لكن أرادها الله كل سوريا. أصاب أهل حلب الذهول والدهشة، فلم تكن تصدق حلب الشهباء التي تعرضت لما تعرضت له في مطلع الثمانينيات من جرائم أسدية، أن تنتهي العصابة برمشة عين، وهي التي تعرضت في عام 1980 لثلاث مرات للتفتيش بيتاً بيتاً على يد الفرقة الثالثة بقيادة المجرم العميد شفيق فياض، إذ كانت يومها القوة الضاربة للطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين، وشكلت أول محافظة سورية تنتفض شعبياً ضد العصابة الأسدية في مظاهرات عارمة عام 1980 تطالب بإسقاط حكم الأسد.

هذه الخلفية عن حلب مهمة خصوصاً لمن يراها قد تأخرت عن ركب الالتحاق بالثورة، ولمن يراها مؤيدة للعصابة الأسدية، فالحقيقة كشاهد على تلك الفترة أقول للأمانة بأن حلب كانت متقدمة على كل المحافظات السورية بما فيها حماة وذلك قبل تعرض الأخيرة لمجزرة عام 1982. كانت حلب منتفضة ضد الطاغية المقبور حافظ أسد، ولذلك كانت مجزرة حي المشارقة مبكرة في حلب، أما العصابة الأسدية فقد اشتغلت على حلب، بحيث سعت إلى تبديل في النخب الحلبية من رجال أعمال ومشايخ ومثقفين معادين لها، عبر الاعتقال والقتل والتشريد، إلى أن تمكن آل أسد من فرض كثير من النخب المزيفة على المدينة، ولذلك حصل ما حصل فيها بداية الثورة، ولكن حلب الأصيلة اليوم تعود لأهلها، وتعود نخبها إليها بإذن الله، ولم ولن تكون إلاّ في طليعة بناء سوريا الجديدة، ولعل تحرك جحافل الفاتحين اليوم منها باتجاه دمشق شكل إعادتها إلى واجهة الاستقلال السوري الثاني.

وبدأت النخب تردد مع تحرير قلعة حلب مقولة الناصر صلاح الدين الأيوبي: (ما سررت بفتح قلعة أعظم من سروري بفتح قلعة حلب، فإذا فُتحت حلب فتحت الشام كلها بعون الله).

shape3

بالعودة إلى الأحداث المتسلسلة في تحرير مدينة حلب، انهارت العصابة الأسدية، فبين من يرى داخل العصابة أن حلب خانت وانضمت للثورة، فقادة عصابات أسد لم يكن يعرفون ما جرى من تصفية قادة غرفة العمليات، وبين من يرى أن مليشيات العصابة نخرها السوس، استبد بها التعفن والتكلس والفساد، فلم يعد بمقدورها أن تقف في وجه المجاهدين الزاحفين لاستئصال الفساد والشر الطائفي.

كانت الانهيارات كتأثير أحجار الدومينيو، فكما أن الهزائم والخسائر تأتي جماعياً، فالانتصارات تأتي كذلك، إذ كانت قوات الثوار متمركزة في ضواحي مدينة سراقب عقدة المواصلات السورية، الواصلة بين طريقي إم 4 وإم 5، فهي تصل بين دمشق وحمص وحماة، مع حلب، وتصل هذه المدن مع اللاذقية والساحل، ومع شن قوات الثوار هجماتها على معاقل عصابات حزب الله والعصابة الأسدية، وقعت معارك طاحنة استمرت لثلاثة أيام تقريباً مما أسفر عن سقوط أعداد كبيرة في القتلى والجرحى بصفوف قوات حزب الله التي كانت تتخذ من المنطقة معقلاً لها.

شرق تفتناز أو في ريف إدلب الشرقي كانت قوات حزب الله تتمركز في مناطق كريتين والطلحية والأربيخ، وجاءت الأوامر لجيش الأحرار بقيادة الشيخ أبي صالح الطحان للهجوم على المنطقة. تحركت قوات الأخير كما أخبرني وأنا أزور وإياه المنطقة بعد التحرير، ففوجئ بعطل في كاسحة الألغام، والمعلوم أن قوات حزب الله قد زرعت المنطقة بالألغام حماية لمواقعها، فطلب أبو صالح من الهيئة كاسحة ألغام، فأتاه الرد، أن لا شيء لدينا، وعليك التحرك سريعاً، فالتأخير ليس في صالحنا، فاستعد شاب يعمل مع جيش الأحرار من معرة النعمان، يقود جرافة " بلدوزر" للتقدم، فانفجر به لغم أرضي، بيد أنه خرج سليماً من الانفجار بفضل الله، فترجل وطلب من المجاهدين أن يلحقوا به، ويقتفوا أثره، وبالفعل فتحت المناطق الثلاثة التي استعصت لخمس سنوات مستمرة على المجاهدين، ولم يخسر المجاهدون أحداً سوى إصابة أحد الإخوة المجاهدين بجرح طفيف في أصبعه، بينما فرّ المحتلون الأغراب عن المنطقة التي كانت مليئة بالخنادق والأنفاق، لكن لم تمنعهم حصونهم وأنفاقهم من غضبة المجاهدين الأحرار.

شكل انهيار خط سراقب انهياراً للعصابة الأسدية حتى مدينة حماة أبي الفداء، ما دامت الخط الأول وخط الدفاع الأساسي والرئيسي للعصابة في الشمال السوري، لكن ظلت الطائرات الأسدية والروسية تصب حممها على إدلب المدينة الوادعة، وكذلك على القرى المجاورة لها، ولا زلت أتذكر القصف المدفعي والصاروخي الهمجي الذي طال مدينتنا الحبيبة تفتناز ومناطقنا المجاورة في معارة وبنش وسرمين وغيرهما، ولكن صمد الناس وكانوا حاضنة حقيقية للمجاهدين، فرحون بتقدمهم وانتصاراتهم، على الرغم من الحرائق التي التهمت محطات وقود إدلب، فالجبان الروسي والأسدي لم يبق لديه سوى الانتقام بضرب نموذج إدلب الناعم، وهو يرى تهاوي المناطق المحتلة أمام ضربات المجاهدين، ومع استمرار الأنباء عن تقدم المجاهدين، كانت مكبرات الصوت في المآزن تصدح بالتكبير والتهليل والتحميد على الانتصارات المتتالية، ومعه يتدفق الأطفال والكبار والصغار على المساجد ليتحلقوا في حلق يكبرون ويهللون عبر هذه المكبرات شكراً عما أنعم الله بها عليهم، أما النساء فكنت تسمع زغاريدهن في الشوارع، أملاً في إفراج بعضهن عن شبابهن القابعين في السجون، كان الجميع خلية نحل لا عمل لها سوى متابعة الانتصارات، ودحر عدوهم الذي أذاقهم سوء العذاب طوال 13 عاماً من الحرب الضروس مستمداً قوته ودعمه من قوة إقليمية بحجم إيران مع مليشياتها الطائفية العابرة للحدود، وكذلك من قوة دولية مجرمة بحجم روسيا وآخرون يمدونهم بالغي.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد