;
سيف محمد الحاضري
سيف محمد الحاضري

"الكابوس الأخير: الرئيس بين أشباح الوطن وضغوط السفير" 272

2025-01-05 05:32:45

المكان: الرياض، فندق الريتز، الجناح الملكي.

الزمان: الساعة الثالثة بعد منتصف الليل.

---

كان الجناح الملكي ساكنًا، إلا من صوت أنفاس الرئيس المضطربة. فزع من نومه صارخًا، وجهه متجعد، وعيناه مملوءتان بالرهبة. وضع يده على وجهه وهو يهمهم بصوت خافت: "استغفر الله العظيم."

shape3

تحرك نحو طاولة قرب السرير، أمسك كأس الماء، شرب قليلاً، ثم التفت إلى ساعة الرولكس على معصمه: الثالثة تمامًا بعد منتصف الليل. عاد إلى سريره، لكن النوم فرّ منه. بعد نصف ساعة، فزع مرة أخرى، هذه المرة صارخًا: "لا! لا!"

أضاء الغرفة كاملة. ترك السرير متجهًا إلى الصالة، نافذتها المطلة على حديقة الفندق المليئة بأشجار النخيل. جلس على كرسي، يحدث نفسه:

"ما هذا الكابوس؟ ما الذي يطاردني ويجعلني أعيش في هذا العذاب؟"

ما إن بدأ يغفو حتى عاد الكابوس يطارده: صراخ أطفال، بكاء رضع، صيحات أمهات. فتح عينيه ليجد أمامه صفًا طويلًا من الجرحى، كل منهم يحمل غضبًا وألمًا.

قال أحدهم بصوت غاضب:

"أطرافنا بُترت بسبب قراراتك!"

آخر صاح:

"دمرت مستقبلي وتركتني معاقًا للأبد!"

رجل ثالث، بعينين مليئتين بالدموع، تقدم بخطى ثقيلة:

"أنت السبب في انتحاري وترك أطفالي بلا معيل. أنت قاتل!"

الرئيس يتلعثم، يحاول النفي:

"أنا؟ لا أعرفكم. من أنتم؟"

صرخوا جميعًا بصوت واحد:

"نحن من دافع عن هذا الوطن. نحن من سقى ترابه بدمائنا، نحن من حمى كرسيك الذي تجلس عليه!"

تقدم أحدهم بخطى ثابتة:

"أنا الجندي أحمد، جريح جبهة مأرب. وهذا محمد، جريح تعز. وذاك سعد من أبين، وعبدالله من صنعاء. هل تعرفنا الآن؟"

الرئيس، بخوف واضح:

"نعم، أعرفكم. أنا أقدر تضحياتكم. لقد وجهت مرارًا بصرف مستحقاتكم، أنشأت هيئة لرعايتكم، تحدثت عنكم في خطاباتي، ونشرت توجيهاتي على وسائل التواصل. ماذا أفعل أكثر؟"

رد عليه أحد الجرحى بسخرية:

"توجيهاتك؟ أنت تعرف أنها كانت حبرًا على ورق. العالم سمع صرخاتنا، وشوارع مأرب وتعز وعدن شاهدة على معاناتنا. لكنك أغلقت أذنيك وواصلت خذلاننا!"

صاح الجميع:

"اليوم، نحن وأنت أمام ملك الملوك. سنقتص منك هنا، حيث لا محاباة ولا قرارات بوقف التنفيذ!"

---

المشهد التالي:

جلس الرئيس في الصالة، محاطًا بأمهات الجنود والشهداء. نظراتهن مليئة بالغضب، الإحباط، والحزن. تقدمت إحداهن نحوه، تحمل كيسًا أسودًا صغيرًا.

الأم الأولى (بصوت متهدج لكنه قوي):

"يا سيادة الرئيس، هل تعرف ماذا نُطعم أطفالنا؟"

الرئيس (متلعثمًا، يحاول تمالك نفسه):

"لا أعرف... ماذا تعنين؟"

الأم (ترفع الكيس الأسود أمامه):

"هذا. بقايا خبز يابس. نطحنه ونصنع منه طعامًا لأطفالنا. هذا كل ما تركته لنا أنت وحكومتك."

الرئيس (يحاول الدفاع عن نفسه):

"سأوجه فورًا بصرف الرواتب... سأحل جميع المشاكل..."

الأم الثانية (تقاطعه بحدة):

"ومن أين ستصدر توجيهاتك؟ من جناحك الملكي هنا في الرياض؟ كم مرة أصدرت توجيهات ووعودًا؟ كم مرة قلت إنك معنا، ثم تركتنا وحدنا؟"

الأم الثالثة (بنبرة غاضبة):

"لا نريد منك وعودًا. نريد منك شيئًا واحدًا فقط: لا تخذل الجيش والمقاومة! لا تطعنهم من الخلف كما فعلت في المعارك السابقة. هؤلاء الرجال يدافعون عن الوطن بدمائهم، وأنت تقف بعيدًا تتفرج."

الرئيس (يحاول التبرير):

"أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا يمكنني خذلان الجيش. أنا... أنا أفعل كل ما بوسعي..."

الأم الأولى (تقاطعه):

"كفاك خداعًا. أنت لا تفعل سوى التفرج. نحن الأمهات نقدم أبناءنا وفلذات أكبادنا لهذا الوطن، وأنت ماذا تقدم؟ قراراتك الخاطئة؟ تخاذلك أمام الضغوط الخارجية؟! كن قائدًا حقيقيًا لمرة واحدة، فقط لمرة واحدة!"

الأم الثانية (بحزن ممزوج بالغضب):

"أتعلم ماذا يعني أن ترى ابنك يموت جوعًا؟ أن تسمع صراخ طفل في الليل وهو يطلب لقمة خبز ولا تجدها؟ هؤلاء أطفال الجنود، أطفال الشهداء، وأنت تعلم أن سبب معاناتهم هو إيقاف الرواتب. كيف يمكنك النوم؟"

الرئيس (يخفض رأسه، يتمتم بكلمات غير مفهومة):

"سأفعل شيئًا... سأصلح الأمر... سأوجه فورًا..."

الأم الثالثة (تقترب منه):

"كن كواحدة منا. نحن نضحي بكل شيء من أجل هذا الوطن. أطفالنا، أزواجنا، حتى ما تبقى لدينا من خبز. ماذا ستضحي أنت؟"

الرئيس (يحاول الرد):

"لكن أنا... أنا أفعل ما بوسعي..."

الأم الأولى (تدير ظهرها له):

"إذا كنت صادقًا، فأثبت ذلك. أوقف تدهور الجيش. ادعم المقاومة. كن رئيسًا، لا متفرجًا!"

تبدأ الأمهات بالخروج، وهن يتحدثن عن تجهيز كل ما يملكن لدعم أبنائهن في الجبهات، بينما الرئيس يبقى جالسًا، مذهولًا، كأن الكلمات علقت في حلقه.

---

ما إن غادرت الأمهات، حتى ارتفعت التكبيرات من بعيد، تدعو للنفير. كان المشهد مهيبًا، وأخبار الجبهات بدأت تتوالى، مما دفع الجرحى للاندفاع نحو المعركة رغم آلامهم.

---

نظر الجرحى لبعضهم البعض، ملامحهم تتحول من غضب إلى عزيمة. قال أحدهم:

"هذا نداء الجهاد لتحرير اليمن... هيا بنا نلبي النداء، حتى ولو كنا جرحى."

قفز مبتور القدمين، صارخًا:

"الله أكبر! أنا أول الملبّين للنداء. سأعود إلى المترس، وأغطي تقدم الأبطال!"

تناسى الجميع آلامهم، واندفعوا نحو الواجب الوطني. أثناء مغادرتهم، التفت أحدهم للرئيس وقال:

"لم ينته حديثنا معك. لا تخذل الجيش مرة أخرى. كن قائدًا حقيقيًا ولو لمرة واحدة!"

---

عاد الرئيس إلى كرسيه في الصالة، متوترًا. قبل أن يتحدث، طرق السكرتير الباب ليبلغه أن السفير على الخط.

الرئيس (رافعًا سماعة الهاتف):

"أهلًا، سعادة السفير."

السفير:

"ما هذه الأخبار؟ الجيش هاجم الحوثيين! هذا يهدد الحل السياسي."

الرئيس:

"الحوثيون لا يريدون السلام. البلاد على وشك الانهيار."

السفير:

"أوقف الهجوم فورًا. وإلا، سنضطر لتعليق الدعم، بما في ذلك الوديعة المالية."

الرئيس:

"لكن بدون الوديعة، سنواجه كارثة."

السفير:

"الأمر بيدك."

---

بعد المكالمة، ارتفعت التكبيرات من بعيد، والمساجد تهلل بالدعاء والنفير. فزع الرئيس من نومه صارخًا:

"آاااااه! ما هذا؟!"

دخل المرافق:

"هل أنت بخير، سيدي الرئيس؟"

الرئيس:

"ما أخبار الجبهات؟"

المرافق:

"هادئة، لا جديد."

الرئيس:

"وسعادة السفير؟ هل اتصل؟"

المرافق:

"لا، لم يتصل."

الرئيس:

"خير... كان كابوسًا فقط. سأقوم لصلاة الفجر وأعود للنوم."

نهض الرئيس، لكن وجهه كان شاحبًا، كأن الكابوس كان أكثر من مجرد حلم.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد