;
ياسين التميمي
ياسين التميمي

اليمن يواجه خطر الهيمنة العسكرية متعددة الأطراف 104

2025-01-06 08:07:58

ثمة موجة من التفاؤل لدى اليمنيين بشأن قرب انتهاء سنوات من الصراع والفوضى والأزمات المركبة الناجمة عنها في بلدهم، على ضوء ما تحقق في سوريا، حيث بدت الأمور هناك على مدى سنوات أكثر تعقيدا مما عليه في اليمن، وهذا أمر يحتاج إلى مزيد من التدقيق في صحته، على ضوء الوقائع الماثلة على الساحة اليمن وحيث يبدو الحوثيون أحد التحديات الصعبة، فيما تحيط باليمن تحدياتٌ أخطرها على الإطلاق الهيمنة العسكرية متعددة الأطراف.

تشير الدلائل إلى تضاؤل كبير في جهوزية السلطة الشرعية لقيادة عملية عسكرية تطيح بنفوذ الحوثيين العسكري والسياسي في شمال اليمن، بالنظر إلى استمرار وقوع هذه السلطة تحت ظرف عبثي ضاغط؛ يعزز إمكانية تشظيها في أية لحظة إلى مكوناتها الأولوية المتمثلة في تشكيلات تعمل تحت الإشراف الكامل إما للإمارات أو للسعودية وتتبنى مشاريع عبثية، وتقع تحت تأثير الصراع المكتوم على النفوذ بين الرياض وأبو ظبي.

 ووضع كهذا يقلل من إمكانية التطبيق المحتمل للسيناريو المثالي العالق في أذهاننا، والمرتبط بإمكانية اتحاد القوى العسكرية المتنافرة تحت مظلة الشرعية، وانسجام الموقف الإقليمي وتوفر التوافق الدولي حول مرحلة ما بعد استعادة صنعاء، مع التأكيد هنا على أن هذا السيناريو موضوعي وليس فقط مثاليا، وهو متاح إذا أخذنا بعين الاعتبار الإمكانيات المتاحة وكفاءته في إنهاء التحديات الناجمة عن وجود جماعة سياسية عسكرية طائفية مرتبطة بإيران وتتحكم بشكل كامل بجزء هام واستراتيجي من اليمن وتخضعه للأولويات الجيوسياسية لإيران؛ بكل ما تمثله هذه الأولويات من مخاطر على الأمن الإقليمي وعلى مستقبل المنطقة.

تتوفر لدى السعودية حزمة من الخيارات الخادعة للتعامل المريح مع الأزمة والحرب في اليمن، في ظل انخراط الولايات المتحدة الأمريكية، قائدة ما يسمى تحالف "حارس الازدهار"، وعدد من دول الاتحاد الأوروبي فيما يعرف بمهمة "أسبيدس" المخصصة لصد الهجمات الحوثية على السفن العابرة للبحر الأحمر، والهجمات الجوية الإسرائيلية على اليمن. فالسعودية لم تعد بفعل هذه التطورات تحت ضغط الذهاب الاضطراري لتوقيع اتفاق خارطة طريق مع الحوثيين، لتجنب عقوبات أمريكية، وسيناريو الانكشاف الاستراتيجي المحتمل أمام إيران ومليشياتها، على النحو الذي كشفت عنه الهجمات الخطيرة على أكبر منشآت المملكة النفطية في "خريص" و"بقيق" في أيلول/ سبتمبر 2019، كما لم تعد خارطة الطريق إحدى الحلول المتاحة، لا لتحقيق السلام في اليمن ولا لاحتواء النشاط العسكري للحوثيين.

إيران والحوثيون من جهتهم يدافعون بشراسة عن هدفين أساسيين؛ أولهما هو أمن إيران والآخر هو المشروع الجيوسياسي للحوثيين في اليمن، ويقومون بذلك عبر استراتيجية التصعيد والهجوم على المستعمرات الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، وهم على يقين بأن هذا هو الخيار الوحيد المتاح للدفاع عن خياراتهم، يحدوهم اليقين بأن تغيير الوقائع في اليمن لن يتم فقط عبر تحييد قوة الحوثيين العسكرية، بل عبر توفر أرضية توافقية حول شكل اليمن المستقبلي فيما لو تقرر التعامل عن طريق الحسم العسكري ضدهم.

السعودية في ضوء هذا المناخ المريح اعتمدت نهجا براجماتيا، يسمح بإدارة المشهد اليمني بما يتفق مع مصالحها، وهذا يفسر لماذا نقل المتحدث باسم جماعة الحوثي مقر إقامته من مسقط إلى الرياض، محملا بتطمينات والتزامات وتنازلات لتحفيز القيادة السعودية على إعادة مباشرة العمل بخارطة الطريق بصفتها صفقة ثنائية بين الرياض وصنعاء.

وفي الوقت نفسه، بدأت الرياض بتصدير وعود للقوى اليمنية بشأن مخطط محتمل للحسم العسكري مع جماعة الحوثي، وهذه الوعود لا تتوفر مؤشرات تدعمها على أرض الواقع حتى الآن، بل على العكس، هناك اضطراب وانهيار معيشي وتهاوٍ مريع في حياة سكان العاصمة المؤقتة عدن؛ بسبب انقطاع الكهرباء الطويل نتيجة عدم وجود وقود، في ضوء التصعيد الذي يقوم به ما يسمى حلف قبائل حضرموت بزعامة عمرو بن حبريش.

على أن الحسم العسكري ليس مستبعدا، وفي هذه الحالة دعونا نفترض أن ثمة مخططا سريا يجري تنفيذه بعيدا عن الأنظار؛ من أبرز التوقعات بشأنه إمكانية تحريك جبهة الساحل الغربي بهدف استعادة مدينة وموانئ الحديدة، بالتزامن مع تحريك جبهات أخرى، مع إبقاء المعركة ونتائجها السياسية رهن الإرادة السعودية والإقليمية والدولية، ومن شروط نجاح هذ السيناريو وجود تفاهمات مشتركة سعودية إماراتية. وهذا يقودنا إلى ضرورة التنبيه إلى الخطر الكامن الناجم عن غياب إرادة وطنية وقيادة يمنية كفؤة وقوة صلبة في حالة جهوزية كاملة للحسم، وجعل كل مفاعيل المعركة تحت تصرف اليمنيين وليست منحة قابلة للاسترجاع من قبل الداعمين، خصوصا في اللحظات الحاسمة.

على أن الخطر الأكبر يأتي من إمكانية نجاح المقاربة الإماراتية للأزمة اليمنية، والتي قد تجرُّ معها واشنطن وتل أبيب إلى التعامل العسكري الجوي مع الحوثيين على قاعدة من التنسيق اللوجيستي مع الإمارات، لتحقيق هدف إضعاف الحوثيين واحتوائهم، وليس لإرساء سلام دائم في اليمن يكون قادرا على إزالة ركام المشاريع التخريبية التي وضعت على الساحة اليمنية منذ عشرة أعوام.

ويمكن النظر إلى المطار العسكري الجديد الذي أنشأته الإمارات في جزيرة عبد الكوري التابعة لمحافظة أرخبيل سقطرى، بطول 2400 متر، مع مرافق ومنشآت أخرى مساعدة ورصيف بحري في الجزيرة، باعتباره الخطوة الأكثر عملية باتجاه تعزيز الشراكة الإماراتية الأمريكية، لتحقيق هدف التحكم العسكري متعدد الأطراف وطويل الأمد باليمن، والاستفراد بمزاياه الجيوسياسية، وتعزيز الأطماع الخطيرة لدولة الإمارات خصوصا بأرخبيل سقطرى.

ولا ندري هل يمثل التحرك السعودي الأخير في أرخبيل سقطرى عبر إقامة مشاريع خدمية ودعوة مسؤولين من الحكومة لزيارة الأرخبيل وافتتاح تلك المشاريع؛ جزءا من إجراء وقائي لتحجيم الادعاءات الإماراتية بالسيطرة على الأرخبيل وحرمان الإمارات من زيادة حصتها في التحكم بالمشهد اليمني، استنادا إلى التنسيق مع القوة الأمريكية وإلى التحالف الوثيق بين أبوظبي وتل أبيب، وهل يكفي التحرك السعودي الناعم هذا لتحييد الطموحات الإماراتية؟

عربي 21

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد