بعد أن انتهت مليشيات الحوثي الإيرانية من حشد مقاتليها على مختلف جبهات مأرب، بدأت بشن هجمات مكثفة على بعض الجبهات، مترافقة مع قصف مدفعي على مواقع أخرى. هذا التصعيد ليس إلا فصلاً جديدًا في استراتيجية المليشيات القائمة على استغلال أي فرصة لتعزيز مكاسبها الميدانية على حساب الشعب اليمني.
ورغم هذا التحشيد العسكري الواضح، نجد أن الأشقاء والأشقاء الإقليميين والمبعوث الأممي وقبله سعادة السفير يعتبرون ذلك "تعزيزًا للحل السياسي". إنها مفارقة مؤلمة أن تُصنَّف الجرائم والانتهاكات بأنها خطوات نحو السلام، بينما تُعتبر هجمات الجيش الوطني والمقاومة، التي تدافع عن أرضها وكرامتها، تهديدًا وتعطيلاً لما يسمى بـ"الحل السلمي".
الجريمة السياسية: خارطة طريق للخضوع
إن هذه النظرة الأممية والدولية ليست إلا جزءًا من "الجريمة السياسية" التي ترسم ملامح خارطة الطريق الحالية. إنها خارطة تعزز منطق التنازل والخضوع تحت شعار السلام، في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن الجرائم الواضحة التي ترتكبها مليشيات الحوثي.
إلى متى ستبقى النخبة السياسية اليمنية في حالة الاستلاب والتدجين؟ إلى متى ستظل إرادتها مرهونة بمصالح صُنّاع هذه الخارطة؟ لقد آن الأوان للخروج من هذا الدور السلبي والانخراط بفاعلية في حماية الأرض والشعب، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والإملاءات الخارجية.
اليمن بحاجة إلى نخب سياسية وطنية تُدرك أن الدفاع عن الكرامة لا يتعارض مع السلام، بل هو شرطه الأساسي. فكيف يمكن تحقيق سلام مع طرف يرى الحرب وسيلة لتحقيق غاياته، ويتعامل مع التنازلات كخطوة نحو تعزيز نفوذه؟