حينما تتخلى الشرعية عن أداء واجباتها، وتتقاعس عن اتخاذ الخطوات اللازمة لتطبيق قرار تصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية، فإن الفراغ الناتج عن هذا الفشل يُملأ بتحركات دولية تخدم المليشيات وتعزز موقفها.

ها نحن اليوم نشهد واحدة من أخطر التداعيات السياسية لهذا التقاعس، حيث يذهب رئيس الوزراء العراقي، السابق عادل مهدي، بنفسه إلى صنعاء وفقا لإعلام الحوثي في خطوة تمثل اختراقًا سياسيًا خطيرًا لصالح مليشيات الحوثي، وتؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن تهاون مجلس القيادة الرئاسي وحكومته قد فتح الباب أمام الوساطات التي قد تُكرّس القبول الضمني بسلطة الأمر الواقع.
إن هذه الزيارة ليست مجرد تحرك دبلوماسي، بل مؤشر على تغيّر موازين القوى في الملف اليمني، حيث من المتوقع ان تبدأ الأطراف الإقليمية والدولية تتعامل مع الحوثيين باعتبارهم كيانًا وأمر واقع، في ظل عجز الشرعية عن فرض نفسها كجهة فاعلة في المعادلة السياسية والعسكرية والمسؤولة الاولى عن اليمن ومستقبله
في الوقت الذي كان ينبغي على مجلس القيادة الرئاسي استثمار قرار تصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية، والمضي في تنفيذ استراتيجيات لخنق مصادر تمويلها وعزلها سياسيًا، وجدنا المجلس غارقًا في حالة من الشلل السياسي، والتناحر الداخلي، والارتهان الكامل لإملاءات الخارج.
إن هذا الفشل الذريع يفرض على رئيس مجلس القيادة وأعضائه السبعة الاستقالة الفورية، وترك البلاد لقيادات وطنية قادرة على تحمل المسؤولية التاريخية وإدارة معركة اليمن المصيرية ضد الاحتلال الإيراني وأداته الحوثية.
لقد أصبح واضحًا أن الشرعية الحالية ليست سوى واجهة هشة، عاجزة عن اتخاذ القرارات السيادية، وغير مؤهلة لخوض معركة استعادة الدولة. إن استمرارها بهذا الشكل لا يعني سوى إطالة أمد الحرب، وتعزيز وضع المليشيات، وفتح المجال أمام التدخلات الخارجية لتقرير مصير اليمن بعيدًا عن إرادة شعبه.
إن اللعنة التي تُلاحق هذه النخب السياسية الفاشلة، ليست فقط لعنة الفشل، بل لعنة التخلي عن الوطن والدين والأخلاق، وترك الشعب يواجه مصيره وحيدًا.
فإلى متى سيظل الشعب اليمني رهينة لهذا العجز والارتهان؟ ومتى تحين اللحظة التي تتحرر فيها البلاد من قيود الخيانات والتخاذل؟
•• الكرة اليوم ليست فقط في ملعب الشرعية الفاشلة، بل في ملعب القوى الوطنية الحقيقية التي لم تتلوث بصفقات الاستسلام والتنازلات الرخيصة.
•• التاريخ لن يرحم من تخلوا عن مسؤولياتهم في لحظة مصيرية كهذه، فإما أن يكونوا رجال دولة وحرب، أو أن يتركوا المجال لمن هم أحق منهم بهذه المعركة الوطنية.