ما أحوجنا هذه الأيام إلى الابتعاد قليلاً عن الصراعات السياسية والمهاترات الحزبية، فـ11 شهراً من عمر الثورة أعتقد كانت جرعة سياسية كافية، وقد حان الوقت الذي يجب أن نغوص فيه في القضايا الاجتماعية، ونبحث في العلوم الإنسانية، ونسبح في هذا المجتمع الغني بالظواهر والعادات السلبية، كي نعمل معاً من أجل توعية أنفسنا، وتنوير أبصارنا، والتعرف على حقوقنا، وواجباتنا الأساسية.
ساس يسوس:
تعرُف السياسة في اللغة بأنها مشتقة من "ساس يسوس" أي " قاد أو رأس"، وفي الاصطلاح تعني السياسة" بأنها رعاية شئون الدولة الداخلية والخارجية، وقد عرفها الشيوعيون بأنها" دراسة العلاقات بين الطبقات.
ولها نوعان الأول" سياسة الاحتواء: وهي السياسة التي تكتفي بالضغط الاقتصادي والدبلوماسي، والعمل المخابراتي.
والنوع الثاني " سياسة التكتل" وهي السياسة التي يسعى كل طرف من خلالها إلى الانضمام والتحالف مع طرف آخر، أو مجموعة من الأطراف بهدف كسب حلفاء في جانب من جوانب التعاون.
أمك الحكومة
سأل طفل أباه ما معنى السياسة فأجابه: لن أخبرك يا بني لأنه صعب عليك في هذا السن،
لكن دعني أقرب الموضوع لك..
أنا أميركا 
وأمك الحكومة.
وأنت الثقافة.
وأخوك الصغير هو المستقبل.
أما الخادمة التي عندنا فهي الشعب.
إذهب يا بني وفكر عساك تصل إلى نتيجة.
وفي الليل لم يستطع الطفل أن ينام.
فنهض من نومه قلقاً وسمع صوت أخيه الصغير يبكي.
فذهب إليه فوجده قد بال في حفاظته.
ذهب ليخبر أمه فوجدها غارقة في نوم عميق ولم تستيقظ وتعجب أن والده ليس نائماً بجوارها 
ذهب باحثاً عن أبيه.. فنظر من ثقب الباب إلى غرفة الخادمة فوجد أباه معها على السرير (!)
وفي اليوم التالي قال الولد لأبيه: لقد عرفت يا أبي معنى السياسة
فقال الوالد: وماذا عرفت؟؟
فقال: أميركا تغتصب الشعوب، والحكومة نايمة، والثقافة بتتفرج، والمستقبل رائحته معفنه أوي! 
مساجد أم منتديات؟.
ومن الملاحظ أن بعض الخطباء وللأسف الشديد قد خرجوا عن الإطار الديني المناط بهم كرجال دين يقع على عاتقهم ضرورة تنوير المجتمع وتبصير الناس وتعليمهم ما يضرهم قبل ما ينفعهم من أمور دينهم ودنياهم، فلا تكاد تخلو خطبة من الحديث في السياسة لدرجة أن بعض الخطباء جعل الخطبة كلها عن أمور سياسية فتارة يقول لقد قرأت في الجريدة الفلانية، وآخر يقول تابعت القناة الفضائية.. الخ.
وكان الأحرى بمثل هؤلاء الخطباء أن يأخذوا آية من الذكر الحكيم ويقوموا بتفسيرها وشرح معانيها وفضائلها للعامة، أو مناقشة قضية اجتماعية أو أخلاقية، والبحث عن آثارها وأسبابها، وتقديم النصائح ووضع الحلول والمعالجات حيالها.
لا للسياسة:
للشاعر أحمد مطر أبيات جميلة عن السياسة يقول فيها
وضعوا فوق فمي كلب حراسة 
وبنوا للكبرياء في دمي سوق نخاسة 
وعلى صحوة عقلي أمروا التخدير أن يسكب كأسه
ثم لما صحت: "قد أغرقني فيض النجاسة  
قيل لي : " لا تتدخل في السياسة  
تدرج الدبابة الكسلى على رأسي إلى باب الرئاسة 
وبتوقيعي بأوطان الجواري  
يعقد البائع والشاري مواثيق النخاسة
وعلى أوتار جوعي، يعزف الشبعان ألحان الحماسة  
بدمي ترسم لوحات شقائي 
فأنا الفن وأهل الفن ساسة  
فلماذا أنا عبد، والسياسيون أصحاب قداسة ؟
قيل لي: " لا تتدخل في السياسة "
شيدوا المبنى وقالوا أبعدوا عنه أساسة 
أيها السادة عفوا، كيف لا يهتز جسم عندما يفقد رأسه
ختاماً.. لقد أرسى الإسلام الدعائم الأولى للحكم الشوروي، ووضع قواعده الأساسية، وضرب أروع الأمثلة في الحكم والتداول السلمي للسلطة وذلك من خلال انتقال أمور شئون المسلمين إلى الخلفاء الراشدين بصورة أكثر حضارية وديمقراطية، بعيداً عن الصراعات والمنازعات، واليوم نحن بحاجة ماسة إلى تكريس الإسلام قولاً وفعلاً وعملاً، لأنه منهاج حياة متكامل، لم تعرف الأمة البشرية ديناً مثله.