إن مشكلتنا مع النظام السابق في اليمن كانت في العالقة بين نصوص الدستور والتطبيق, حيث أن الدستور والقانون حبر على ورق والمطبق في الواقع ثقافة العقل العسقبلي..
ومن هنا فإن متابعة مخرجات الحوار الوطني واستمرار الثورة هو بداية مرحلة جديدة من العمل المرتكز على أسس توافقت عليها معظم الأطراف ويتصدر مهامها صياغة دستور يضمن الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية، وفقاً للموجهات التي رسمها مؤتمر الحوار، إضافة لمنظومة قانونية منسجمة مع الدستور، وتلبي تطلعات المواطنين في ضمان حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم..
إن الحوار بكل قضاياه، ومخرجاته مجرد نصوص، سيعاد صياغتها في نصوص دستورية وقانونية، تحدد ملامح وشكل الدولة، وصلاحيات مؤسساتها وأساليب إدارة الأقاليم والوحدات الإدارية والعلاقات فيما بينها، أكرر وأذكر بأن مشكلتنا نحن اليمنيين تكمن في العلاقة بين النصوص، وترجمتها على الواقع، وفي العلاقة بين المواطنين والدولة، المحكومة بالدستور والقانون.. تلك العلاقة كانت قاصرة للغاية، ويتم تطبيقها بشكل متخلف ومقزز ومزاجي، في ظل غياب المنظومة الفعالة المتكاملة لأجهزة الدولة وخصوصاً الأمنية منها، والسلطة القضائية..
إن الحوار، وما يترتب عليه من إجراءات وصياغة عقد اجتماعي، ومنظومة قانونية، إن لم تفضِ لبناء دولة قوية، تؤدي وظيفتها بمسؤولية والتزام وتحفظ مصالح المواطنين، وتضبط العلاقة فيما بينهم، وفقاً لمبدأ المساواة، فلن تكون أكثر من نصوص تضاف إلى سابقاتها التي كانت مشكلة، عوضاً عن كونها حلاً لها.
إن أمام اليمنيين فرصة سانحة لبناء الدولة، إذا ما روعيت مقتضيات وجودها وإثبات هيبتها، وبسط نفوذها على جميع أراضيها، وسحب رصيد القوة من مراكزها لصالحها، بما يمكنها من إعمال قوانينها على الجميع دون استثناء، وضمان المواطنة والشراكة وتكافؤ الفرص وتعزز الإدارة بما يعوض اليمنيين عن عقود من غياب الدولة وإضعاف هيبتها كانت تبعاتها على حساب أمنهم وتنمية وطنهم ومستقبل أجيالهم.. والله الموفق.