;
أحمد مبارك بشير
أحمد مبارك بشير

رؤية في ثورة اليمن ضد الفساد "2011م" 2207

2011-04-02 01:34:13


صراع بدأت معالمه تبرز واضحة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في اليمن والتي كانت ستجرى في إبريل 2011م ، ولكن الأحداث التي برزت فجأة لتغير وجه العالم العربي الصامت ، بدأت بانفجار قنبلة ضد الظلم أثارها البوعزيزي في تونس.
 وبلا سابق إنذار تحولت صيحة المظلوم إلى قوة دافعة لم يتوقعها أحد تهز عرش الطغاة ، وتقتلع الفساد ، ومن تونس تحركت العجلة إلى مصر لتزحزح زعيم القادة العرب وتهز قواعده الحاكمة ، ولتبدأ الأحداث في اليمن ، و في الثالث من فبراير 2011 بدأت معالم الاحتجاجات تتحرك ، و الأعين تراقب الحدث في مصر ، وسقط حسني مبارك في 11 فبراير 2011م ، ليخرج شباب تعز وصنعاء وعدن في صيحة واحدة ، نعم للتغيير ، نعم لاقتلاع قلعة الفساد، لقد تعبنا من الصبر والصمت ، ولم يكن أحد ليتفاجأ أن تتعاظم هذه الاحتجاجات ويحاول النظام في اليمن الدفاع عن نفسه بسرعة بالعديد من المبادرات والتي لن تقبل ، ليس لأنها لا تلبي المطالب ، ولكن لأنها جاءت بعد أحداث تونس ومصر أي كانت ردة فعل ، وليس عن فعل ورغبة ، أي أنها جاءت لكي تهدأ الوضع لا لتوجد حلولاً جذرية وحقيقية ، وجاءت أحداث عدن الدامية ، لتوثق صفحة سوداء في المعاملة القاسية لأبناء المحافظة والتي جعلت أهالي المدينة يتذكرون أحداث يناير الدامية مما جعلت العديد من أبناء عدن يتجنب المشاركة في الفعاليات بقوة خوفاً من حدوث ما لا يحمد عقباه.
ولم يكن أحد ليتوقع على الإطلاق أن يتبع تلك الأحداث أي سوء ، ولكن المفاجأة جاءت في ضربات متتالية في إب، فالحديدة و عدن، ثم ضربة قاسية في صنعاء ، لتصبح جمعة صنعاء الدامية 18 من مارس 2011 م هي النقطة الفيصل في تطورات الموقف في اليمن ، وتتابع ما يأتي بعدها من مفاجآت ، تفكك النظام عبر استقالات متتالية و متوالية من أقوى القيادات المحيطة بالنظام . وذلك بشكل يجبر الناظر إلى الصمت في انتظار ما سيأتي وما قد يكون.
ما هي المشكلة ؟
ليس الحالة اليمنية كالحالة في مصر و تونس ، فهي خليط من الحالة في مصر والحالة في ليبيا في أسوأ الذي فيها وليس الأفضل للأسف، المشكلة لدينا أن القيادة في النظام اليمني يأتي في سياق الإدارات العائلية ، والتي لا تعتمد على وجود أي منظومة مؤسسية قادرة على العمل بدون أوامر من قمة الهرم في تلك السلطة ، وهي من أسوأ أنواع الإدارات للأسف الشديد ، مما يجعل أي مراقب للحالة و هذا وجهة نظري يتخوف من تالي الأيام .
لماذا ؟
عدم وجود وضوح في هيكل الدولة والمؤسسات فيه وغياب ذلك ، يجعل من المقلق أن تدخل اليمن في صراعات مناطقية أو قبلية للحصول على فرصة في إدارة الدولة ، وخاصة أن الأغلبية الصامتة اليوم ترغب في التغيير ، ولكنها للأسف تتذكر أحداث دامية جرتها عليها النزعة في السلطة والحكم ، أحداث يناير ، و صيف 94 ، و أحداث الشغب في صنعاء والجوف ومأرب 98 ، و أحداث حروب صعدة الدامية من 2005م ، و الحراك الجنوبي من 2007م ، وما جرى من أحداث دامية ومنها مأساة المعجلة في أبين.
و إذن هناك مشكلة لابد أن نراعيها ، ولابد أن نعترف أننا أمام ، صورة مختلفة تستدعي منا وضع رؤية واضحة لطريقة الانتقال السلمي للسلطة وليس تنحي وإبراز فراغ .
علينا أن نعترف أن النظام الحالي أفشل أي فرصة لأن نثق به ، أو نصبر على أن يستمر أطول من يوم في إدارة الدولة ، والتي أستطاع أن يديرها لصالح عائلة و مقربين منها ، و أوصل البلاد إلى أسوأ درك ، أدارها عبر نشر الخوف والفتنة والتملك المطلق لكل ثروات العباد والبلاد ، وصعد فيها الظالم وصمت فيها المظلوم ، نسبة البطالة التي تتجاوز الستين في المائة من القادرين على العمل ، حجم فقر يتجاوز الثمانين في المائة ، والكل يعيش على الكفاف ، مستوى مترد في التعليم والصحة ، مستوى مترد في الثقافة والتنمية ، صحيح أننا لم نواجه خوف من قتل أو اعتقال ، ولكننا كنا نواجه الحياة بلا أمل ولا مستقبل وهذا أسوأ ولا يعني هذا أبداً أننا نقول للرئيس تنحى لأجل إحداث فراغ أو إعادة سيطرة الجيش أو الأمن علينا .
وإذن سأضع لمسات بعد مراجعة مع العديد من الأطراف و المستشارين أهل الثقة والرأي :
1-  تشكيل مجلس حكم (رئاسي ) يستلم صلاحيات رئيس الجمهورية ويتكون من الآتي :
-       ممثل عن المعارضة (اللقاء المشترك )
-       ممثل عن الحراك الجنوبي ( رئيسه الأخ/ حسن باعوم )
-       ممثل عن ساحات التغيير ( يتفق الشباب في جميع الساحات على تشكيل مجلس ائتلاف لهم ويتم اختيار مرشح لهم )
-       ممثل عن المؤتمر ومؤيديه .
-       ممثل عن مجلس الدفاع الوطني .
على ألا يحق لأعضاء المجلس الترشيح لأي منصب في أي انتخابات قادمة ، دورهم يقتصر على إدارة الفترة فقط ولا يحق لأي منهم اعتبار نفسه رئيساً للدولة (المجلس يمثل الدولة )
2-  الإعلان عن فترة انتقالية تنتهي في يناير 2012 م .
3-  تشكيل حكومة وطنية مهنية (تكنو قراط ) تتمثل فيها القوى الوطنية من الرجال المهنيين الذين يتنازلون عن الانتماء الحزبي أو المرجعية القبلية ..مقابل انتماءهم للوطن والقيام بدورهم في تسيير الأعمال على أن يتم ترشيح رئيس الحكومة بتوافق المجلس الحاكم و جميع القوى الوطنية من الشخصيات النزيهة والقوية والكفوة .
4-  اختيار وترشيح محافظي المحافظات وقيادات أمن المحافظات بصورة مؤقتة في الفترة الانتقالية من قبل المجلس الحاكم والحكومة .
5-  العمل على ترشيح واختيار مجلس تأسيسي يتمثل فيه جميع القوى الوطنية ، والنقابات المهنية ، والغرف التجارية ، و علماء وحكماء القانون ، يعمل على صياغة دستور الجمهورية في الفترة الانتقالية والعمل على إجراء الاستفتاء في ديسمبر 2011م ، و ينبغي أن يتم مراعاة التالي فيه :
-       استقلالية السلطات حيث لا ينبغي لسلطة أن تعين طرفاً في سلطة أخرى ، وإلا فأين الفصل بين السلطات
-       إعادة النظر في ترتيب واختيار أفراد القوات المسلحة .
-       الحرية العامة و الحقيقية ومنه حرية تكوين الأحزاب والنقابات، استقلالية الإعلام وحرية الكلمة
-       النظام رئاسي وليس برلماني ( لماذا ؟ ) النظام البرلماني يجعل من السلطتين التشريعية والتنفيذية متداخلتين، و لم يحقق أي نجاح قوي في إطار الجمهوريات إلى حد كبير ، نعم هو ينجح في الدول ذات النظام الوراثي الملكي أو السلطاني كما ماليزيا أو المملكة المتحدة ،و لم ينجح في تركيا إلا في ظل حكومة أردوغان ، ويمكن إعادة قراءة التاريخ لنتذكر ، ولذا لم ينجح في العراق أيضاً ، على العموم (هذه وجهة نظر) ولكن النظام الرئاسي يتحتم فيه تحديد صلاحيات كل سلطة وتقييد صلاحيات رئيس الجمهورية بالسلطة التشريعية ، ولا يمنح الرئيس صلاحيات فوق ما ينبغي أن تكون لصاحب السلطة التنفيذية ، لابد أن تكون مرجعية السلطية التنفيذية التي يمثلها الرئيس مرتبطة بالسلطة التشريعية ، ولابد من وضع إطار لمقاضاة ومساءلة السلطة التنفيذية وعلى رأسها الرئيس ، ويجب أن يلغى منصب رئيس الوزراء لأن الرئيس هو رئيس السلطة التنفيذية ومدير شئونها يختار معاونيه من خلال ذلك و بموافقة السلطة التشريعية . فمنصب رئيس الوزراء يناقض النظام الرئاسي ويخل بأركانه . ويجب تحديد فترة الرئاسة، وكذا تقييد التعديل الدستوري ليصل إلى أضيق الأفق عبر موافقة الأكثرية وليس الأغلبية على أي تعديل أياً كان والأكثرية في البرلمان يعني 80 % ، ولا يسير أي تعديل إلا بعد استفتاء عام .
-        عند إصلاح النظام السياسي يعتنى بالقضاء وحياديته واستقلاله لأنه عبر ذلك و تلقائياً سيتم التوجه نحو تحسين الاقتصاد و بالتالي التعليم والصحة وكل المجالات فالعدل أساس الحكم .
-       تحديد الصورة في الحاكمة في إطار العمل على تأسيس حكم محلي كامل الصلاحيات وليس واسع الصلاحيات ، للعمل على تحسين المحافظات أو نسميها الولايات أو الأقاليم  التي يعيش أهلها في أدنى الدرجات وكأنهم ليسوا جزءاً من هذا البلد، لابد من وضع أسس للبناء والتنمية في عموم المحافظات وليس فقط تهيئة المناخ لمحافظة واحدة .
-       تحديد المواطنة وحقوق المواطن و حقه في الحصول على الكفاية في الحياة وليس الكفاف ، الكفاية التي توفر له المأكل والمسكن والعمل و الحرية و الكرامة .
6-  النظر في الجيش اليمني والأمن للأسف لا يمثل الشعب اليمني ، لسبب بسيط أنه لا يتم ترشيح واختيار المجندين والأفراد بشكل متساوي أو عادل من كل المحافظات ليبرز التمثيل الكلي للشعب بين الجيش لأنها مؤسسة تمثل حقوق وحماية الشعب اليمني كله فلابد أن تتسم بالوحدة والوطنية الكاملة ولهذا لابد من بعض الإجراءات ومن أهمها : 
-       إقالة وإحالة للتقاعد لجميع أفراد أسرة علي صالح وتنحيتهم من جميع المناصب الحيوية في الجيش وفي الأمن ، ويتم اختيار القوي الأمين الرجال الأكفاء لهذه المناصب بمن يتميز بالخبرة والكفاءة والقدرة ولن يخلو الرجال من اليمن وخاصة من الأجيال الجديدة والمتميزة .
-       إطلاق جميع سجناء الرأي و السياسة ، وجميع السجناء الذين يقضون سجناً بلا ذنب ولا دليل
-       إعادة هيكلة ودمج (الأمن العام – الأمن القومي- الأمن السياسي) في إطار هيكل بنائي واحد هو الأمن الوطني على أساس حماية الوطن وليس حماية النظام و وضع الجهاز الجديد تحت الإشراف القضائي
-       النظر في طرق التجنيد والترشيح والاختيار للمجندين والمستجدين
-       تشكيل شرطة محلية بناء على النظام الحكم المحلي تقوم على دورها في حماية الأمن وخدمة الإقليم في إطار تبيعه للسلطة القضائية .
-       إعادة النظر في أهلية القضاء و المحامين والأخطاء المرتكبة فيها والمظالم المنتشرة في النظام القضائي الحالي
-       العمل على تشكيل مجلس تحقيق للمتابعة في قضايا الفساد الكبرى و استرداد جميع الممتلكات التي للدولة وللناس و إعادة الحقوق المنهوبة والنظر في قضايا الأراضي في المحافظات الجنوبية و تطبيق قاعدة العدالة فيها .. و إلغاء ما ترتب عن حرب 1994م من أضرار في حق المحافظات الجنوبية والشرقية . والمقاضاة لجميع الفاسدين عسكريين أو مدنيين .
-       العمل على دراسة القوانين التي تحمي الضعيف و المعدوم من المستبد القادر بسبب منصبه أو ماله أو قبيلته ، حماية المستأجر من المؤجر ، المدين من الدائن ، بشكل عام الضعيف من القوي .
7-  إلغاء وزارة الإعلام و الدفع إلى تشكيل هيئة إعلامية مستقلة لإدارة العمل الإعلامي وليس لحكمه .
8-  إعادة النظر في مجالات التعليم والصحة و البشاعة التي دخلت في هذا المجال من قبل المؤسسات الخاصة التي تقود التعليم والصحة بشكل سلبي ... ولابد من إيجاد الحق في التعليم الإلزامي الأساسي بصورة مجانية كاملة ومنع أي جهات من التأثير عليه و دفع الناس إلى الهروب من التعليم الأساسي بسبب أوضاعهم الاقتصادية.
9-  العمل على إلغاء وزارات التعليم وتكوين هيئة تعليم عليا مستقلة تدير المنظومة التعليمية الكاملة.
10-         متابعة أسباب النفور الاستثماري و إعادة النظر في دعم الأسر الفقيرة والشباب العاطل عن العمل والمؤسسات الصغيرة والأصغر وقد يعود ذلك لمراجعة التالي :
-       القضاء وحمايته للحقوق والقواعد .
-       حماية المال وبناء منظومة مالية ونقدية حقيقية .
-       بناء وتشكي حقيقي لوزارة التجارة و هيئة الاستثمار و قوانين العمل ذات الطابع الغامض والذي يحمل العديد من التفسيرات .
-       إعادة النظر في قوانين الضرائب والجمارك والواجبات .
-       النظام المحاسبي الموحد للدولة والذي هو نفسه يمثل في أبجدياته معيناً و مسهلاً للفساد والمفسدين ، لا أعتقد أن اليمن يخلو من جهابذة المحاسبة ليقوموا بتصحيح الوضع المحاسبي وهذا عدا الوضع المالي والذي يعتمد على صناعة الضرائب ولكن بصورة غريبة يتشكل من خلالها الفساد ، فمثلاً ضريبة المبيعات التي لم تخمد وتيرتها ورفضها ولست متخصصاً لأضيف أكثر
-       الفساد والمحسوبية و اختيار أسوأ العناصر لإدارة شئون البلاد
-       الغلاء و انتشار الفقر .. مما سيؤدي إلى انتشار الجريمة .. والله يستر
-       انتشار البطالة وكل ذلك ناتج عن ضعف الإفادة من توليد مصادر الدخل ، وضعف التنمية والتي تعني ( رفع القدرات العاملة للإفادة بالإمكانات المتاحة"
 
يا سادة نحن لا نريد سلطة لتحكمنا بل نريد سلطة تدير شئوننا ... لا نريد سلطة خاوية تتسلط علينا بل نريد سلطة نتحكم فيها ونختارها ونحاكمها تبني بنا لا تبني علينا. تدير شئوننا ، لا تسوقنا نحو أهدافها و رغباتها .
فألخص ما ورد فيما سبق في التالي :
·       تكوين مجلس حكم انتقالي من خمس شخصيات . (ينقل له صلاحيات الرئيس)
·       تكوين حكومة انتقالية وطنية .
·       تحديد الفترة الانتقالية بالفترة إلى يناير 2012م
·       انتخاب وترشيح مجلس تأسيسي لتأسيس دستور وطني جديد .يتم الاستفتاء عليه بعد إتمامه إن شاء الله في نهاية ديسمبر 2011
·       إحالة أقارب الرئيس في مجلس الدفاع الوطني إلى التقاعد أو الإقالة .
·       العمل على تشكيل مجلس قضاء ومتابعة لقضايا الفساد و المظالم بصورة عامة ومتابعة مرتكبي كل الجرائم وإحالتهم للقضاء .
·       إلغاء وزارة الإعلام وتشكيل هيئة وطنية مستقلة لإدارة الإعلام .
 
مرة أخرى أكرر مقولتي إنما رأيي للنظر ومشاركة الأفكار بالأفكار ، والرؤية بالرؤية والكلمة بالكلمة ، لست إلا فرداً في أمة ، ولأني أحبها أضع لمسات بين أيديكم للنظر وإعادة النظر والتقييم لنصل إلى بر الأمان .
والحمد لله رب العالمين و لا حول ولا قوة إلا بالله تعالى ، عليه توكلنا و إليه أنبنا ، والصلاة والسلام على الأمين محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
ambmacpc@gmail.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد