abast66@mktoob.com
من الوهلة الأولى قد تكون مصيباً وقد تكون مخطئاً في تقديرك للأمور في الحكم على هذه المسألة أو تلك، ومهما كانت درجة الفهلوة أو سرعة البديهية أو قوة وصوابية الحدس لديك المهم أن لديك قدرة على فهم أسرار الحياة والتي يصعب اكتشاف أسرارها وفك رموزها إلا من خلال التجربة والمراس، فالحياة مدرسة نتعلم منها وعلى الدوام، فتشكل الوعي يبدأ من الأسرة المحطة الأولى لهذا الإنسان، في البدء تتكون ثقافة الانتماء للأسرة ثم تتسع الدائرة ومع التقدم في العمر فالطفل الذي لا يعي آداب الحديث أو آداب الأكل والشرب ولا يفقه من آداب المعاملات في محيطه البيئي في القرية أو على مستوى الحي الذي يسكنه يصبح محل سخرية وازدراء أقرانه، لذلك نجد رب الأسرة أحرص ما يكون على تدريب وتنمية وعي أطفاله مبكراً، فلا ينتقل الطفل إلى المدرس إلا وقد غرس فيه قيم وسلوكيات عامة تكون بمثابة اللبنة الأولى للبناء ليأتي بعد ذلك دور المعلم في المدرسة مكملاً ومسانداً لدور البيت، بل لا يكون البناء صحيحاً ومتيناً ما لم يكن هناك تنسيق مشترك بين الأسرة والمدرسة، فالمسؤولية تعد مشتركة ومن الوهلة الأولى، ولا يمكن أن تسير الأمور بالشكل والمستوى المؤمل فيه ما لم تتضافر جهود الجانبين في البناء والخلل بلا شك يكون واضحاً ومحسوساً إن تقاعس أحد الأطراف عن أداء واجبه، لذلك نجد من يقول على سبيل المثال "الطفل مرآة والديه" أو "الطالب مرآة معلمه أو مدرسته" أو هكذا، فالآداب والعادات التي يتخلق بها الأطفال لا تأتي هكذا في عشية وضحاها، ولكن تكوين شخصية هذا الطفل أو ذاك تتشكل تدريجياً ومع مرور السنين ومعها يبدأ تشكيل ثقافة مجتمعية شاملة "آداب الحديث - آداب الطريق - آداب اللعب - آداب التعامل - إلخ" ومع ذلك تنمو شخصية هذا الطفل ليصبح فاعلاً في مجتمعه، وفي هذه العجالة جدير بنا أن نوضح مفهوم الانتماء والمواطنة المتساوية التي يتشدق بها البعض جزافاً، فلا قيمة لأي انتماء ما لم تكن قائمة على فطرة سليمة نشأ وترعرع الفرد بها ومعها ومنذ نعومة أظفاره، فثقافة الحب والسلام والخير والمواطنة والانتماء وتحمل المسؤولية لا تدرس وتلقن لكنها سلوك ومعاملة أخلاقيات وقيم جمعية تعارف عليها الناس منذ الأزل، أما الحاضن الأول لثقافة الانتماء والمواطنة فهي أولاً الأسرة ثم المدرسة وكلاهما مكملان لبعضهما..