ليس من قبيل المبالغة ولا من وحي الخيال هذا العنوان بعاليه أو ما سيرد لاحقاً في سطور هذا الموضوع المتواضع، وحتى لا يلتبس على القارئ أو المتابع العزيز بشكل عام فيظن البعض أنني من المعارضين لقيام حكم محلي واسع الصلاحيات، لكن ما يلمسه أي مواطن من تعقيدات روتينية تبعث على التقزز بل تجعله يكفر بالقوانين الوضعية التي تقف أحياناً كحجر عثرة في طريق التنمية والإصلاح المالي والإداري إضافة إلى أنها تكون في حالات كثيرة أحد مداخل الفساد المالي والإداري الذي ينخر في هيكل ومفاصل الدولة اليمنية الحديثة والطامحة أو هكذا يظن كثير من الناس مع علمي اليقين أن لدينا من الكوادر الإدارية ذات الكفاءة والمقدرة العالية في إدارة شؤون هذا المرفق أو ذاك ما يفوق الوصف، وحقيقة من الظلم أن نعمم المخالفات والتجاوزات والحالات السلبية التي تحدث هنا أو هناك، فالوطن اليمني مليء بالكفاءات لكن البعض منها لم تأخذ فرضيته والبعض الآخر موجود ويمارس عمله وبكفاءة ونزاهة مشهود لها، هذا بغض النظر طبعاً عن بعض الحالات الشاذة التي قد تظهر في هذا المرفق أو ذاك، وبأفعالها غير السوية تبقى مشوهاً للحاضر والمستقبل وهي موجودة في كل بقاع الأرض وليس في بلادنا فحسب، وحتى لا نتوه وننسى القضية الأبرز ألا وهي المجالس المحلية التي ما وجدت إلا للمساهمة في تنمية وبناء المجتمع ومساعدة الدولة على حل بعض الإشكاليات التي كانت المركزية الشديدة تزيد من تعقيد الأمور فتجعل من "الحبة قبة"، وقد استبشر الناس خيراً بقدوم الحكم المحلي واسع الصلاحيات وهناك إيجابيات لا ينكرها إلا مكابر لكن بعض التصرفات والتعقيدات الإدارية التي تزيد من معاناة الناس وتخلق سخطاً وعدم رضا وهي قليلة وينبغي الوقوف عليها ومعالجتها ووضع الحلول المناسبة لها فكل مشكلة إلا ولها حل وما بالنا إذا كانت المسألة متعلقة بكادر التربية والتعليم والذين سلمت رقابهم للسلطة المحلية وبصورة غير لائقة، فرجال التربية والتعليم وفي كل بلدان الدنيا لهم احترامهم ومكانتهم الخاصة التي لا تضاهى، فما بال القوم في بلد الحكمة والإيمان قد أدمنوا امتهان وتعسف أبناء هذه الشريحة من فئات المجتمع والذين لهم أفضال كثيرة علينا جميعاً، فبالأمس أحدهم يشكو وبمرارة وحرقة من تصرفات بعض أعضاء المجالس المحلية في أحد أرياف محافظة المحويت .. يأتي عضو المجلس المحلي الذي لا يحمل مؤهلاً تربوياً ولا حتى أي مؤهل غير شهادة الثانوية ويطالب بدفاتر التحضير الخاصة بالمعلم والتي لا يحق لا لعضو المجلس المحلي ولا لغيره الإطلاع أو التأشير عليها إلا إذا كان متخصصاً في المجال التربوي بحيث يعرف ما ينبغي وما لا ينبغي، هذه واحدة، أما الثانية فأعتقد بل أجزم أنها القاصمة أيضاً بل والمكرسة للفساد وشيوعه، ففي كثير من المحافظات ومنها صنعاء وحتى الأمانة هناك بعض من المعلمين من يقدم على إجازة بدون مرتب لمدة عام أو عامين أو حتى عشرة أعوام، وهذا من حقه بل كفل له القانون والدستور هذا ولا يحق لكائن من كان أن يعترض سبيله، لكن إخواننا مدراء بعض المدارس ومدراء بعض المناطق التعليمية وللأسف الشديد يرفضون بل ويصرون ويستكبرون في منح هذا المعلم أو ذاك إخلاء طرف ليذهب إلى حيث يشاء، وحجة أولئك أن المجالس المحلية ترفض وتعمم مثل هذا الرفض وتحت دعاوى الحاجة، أو أنها أي المديرية لن تتخلى عن درجتها أي أن المعلم يعتبر ملكاً للمدرسة، وانظروا بالله عليكم تبعات مثل هذا القرار .. عدم منع موظف إجازة بدون مرتب ألا يفتح مثل هذا الفعل باباً بل أبواباً للفساد، ولا أريد أن أفصل في الموضوع فكل من يقرأ أو يتابع اعتقد أنه يدري ما وراء عدم منع الموظف إجازة .. هل فهم الجميع القصد أم لا؟ الكرة الآن في ملعب مجالسنا المحلية الموقرة إما أن تقضي على هكذا تصرفات أو أنها تظل محل انتقاد وغضب هذا المواطن المسكين .. وأخيراً وليس آخر ما لدينا هل يفهم أعضاء المجالس المحلية الدور المناط بهم أساساً أم لا؟ ثم ألم تكن من أبرز مهامهم القضاء على الروتين والتعقيدات الإدارية المملة وخلق شراكة وتفاعل خلاق بين المواطن وأجهزة السلطة المحلية؟ أم أن الأمور قد تغيرت؟ والله من وراء القصد.