abast66 @ maktoob. com
قد يكون من قبيل المبالغة القول بأن مصالح قوى دولية وأخرى إقليمية تداخلت وبشكل غير مسبوق في المنطقة العربية عموماً والقرن الأفريقي خصوصاً، فما يحدث في خليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي من عمليات قرصنة وتهريب للبشر والسلاح والمخدرات وفي ظل تواجد تلك الأعداد الهائلة من البوارج والسفن الحربية التي تصل إلى "150" قطعة بحرية لهو شيء يدعو بالفعل إلى الدهشة والعجب في آن، ف "71" عملية قرصنة خلال فترة بسيطة جرت أحداثها أمام مرأى ومسمع العالم ليست بالأمر الهين. . إن المعطيات الماثلة تبدو كارثية وخطيرة بل إن الأمن القومي اليمني على "شفا جرف هار" إن لم نتدارك الأمور ونعيد حساباتنا في هذا البلد، فالوقت لم يعد مناسباً على الإطلاق للمزيد من التهريج واللعب بالنار، إن البحر يوشك أن يبتلعنا جميعاً، بل هو الشر المستطير حقيقة أن تكون الاستعدادات الجارية في البحر هي بمثابة التحضير لمنازلة غير متكافئة بين قوى دولية وإقليمية ونحن في غفلة عن الأمر، فنصحو على أصوات قرقعة المدافع والصواريخ، وفي حال حدوث مثل هذا الأمر لا سمح الله فإن الخاسر الأكبر سيكون الداخل اليمني بلا شك وبكل ما تعني الكلمة من معنى. .
إن ما ينبغي أن تفطن إليه السلطة والمعارضة في هذا البلد أن هناك مصالح وأهداف ظاهرة وخفية لقوى دولية وإقليمية لا يمكن بأي حال من الأحوال القفز عليها أو تجاهلها خاصة وقد تعددت محاولات الاختراق للداخل اليمني وعبر كل الجبهات، فإذا كان غزو أسمرة للجزر اليمنية في منتصف العقد التسعيني يعد محاولة لجر القوات اليمنية لمنازلة بحرية وجوية في هذا المكان الأخطر في العالم الهدف منها إيجاد مبرر أو خلق ذريعة للقوى المتربصة بالمنطقة للتدخل وتحت مبرر حماية السفن التجارية أو تأمين الممر الدولي فإن ما تبع ذلك من عمليات إرهابية استهدفت سياحاً غربيين في بعض المحافظات اليمنية كضرب المدمرة كول قبالة ميناء عدن أو الاعتداء السافر على السفينة الفرنسية ليمبرج قبالة سواحل حضرموت نقول لم تكن كل تلك الحوادث إلا لتصب في ذات المسعى والهدف الرامي إلى اختراق الداخل اليمني وخلخلة بنية المجتمع اليمني وإيهامنا في هذا البلد بعدم قدرة النظام والحكومة اليمنية على حماية الأمن والاستقرار وفقدان ثقة المستثمر المحلي قبل العربي والأجنبي بالأمن والاستقرار في هذا البلد، "وقد تحقق لهم ذلك"، وإن كان بالشكل الجزئي. .
لقد أثبتت اليمن أنها الرقم الصعب في المعادلة الإقليمية بقبولها التحكيم الدولي في قضية جزيرتي حنيش وزقر والتزامها بما سيسفر عنه حكم المحكمة الدولية وهذا ما حدث فعلاً، لكن قوى الشر والبغي الدولية والإقليمية سرعان ما فطنت لفشل مسعاها فاستبدلت التكتيك بإستراتيجية حديثة وما كرة استخدمت فيها بعض العناصر اليمنية والعربية الفاسدة والمريضة فكرياً وعقدياً وخلقياً خاصة منها تلك التي عرف ارتباطها بمخابرات أجنبية ولديها استعداد للعمل وفق أملاءات ولتنفيذ أجندات خاصة ولأنها تمتلك من الخبرات ما يؤهلها للقيام بمثل تلك العمليات الإرهابية الخطيرة فقد استطاعت في بداية الأمر من تنفيذ بعض الهجمات التي كانت تطال سياح غربيين أو بعض الدبلوماسيين وكما هو الحال تتم العمليات تحت غطاء ضرب المصالح الغربية بينما الواقع كان ولا يزال يؤكد غير ذلك، فلم تكن هجمات هؤلاء القتلة مركزة وبشكل دقيق إلا على مصالح ومؤسسات الوطن اليمني وإلا ما الذي تحمّل المواطن الفرنسي من خسائر أو أضرار نتيجة ضرب ليمبرج في حضرموت، ألم يتحمل المواطن اليمني فوارق أسعار التأمين على السفن ولعدة أشهر؟ هذا في الوقت الذي يشك البعض في امكانيات وقدرات تلك العناصر أن تكون بتلك القوة الضاربة؟
ثم ما هي إمكانيات تنظيم القاعدة هذا إن كان موجود أصلاً، فهل تصل قدراته إلى كل ما يحدث في اليمن، ثم في باكستان بالأمس؟ ولماذا لا تكون هناك قوى دولية أو إقليمية لها مآربها هي من تقوم بهذا العمل؟ ثم ما هي المصلحة من كل ما يحدث؟ بل من المستفيد من تلك الأعمال الإرهابية الخطيرة؟ إننا بالفعل إمام منعطف خطير ينبغي الوقوف عليه والتمعن في تبعاته، فالموت والدمار والخراب المهول الذي نرى لا يمكن أن يكون من فعل جماعات صغيرة تتخذ من الكهوف والجبال بيوتاً لها؟
أن المجتمع الدولي بأسره بحاجة لإعادة النظر فيما يجري على الأرض كون الاستهداف الأخير يدل على أن مخابرات دول عظمى هي من توجه وتقود العالم إلى بحر متلاطم الأمواج. .