;

في حب الوطن 1097

2009-09-09 02:50:52

د. عبد
العزيز المقالح


في مواجهة الكلمات السوداء الداعية إلى تفكيك عُرى
الولاء الوطني وتفتيت الروابط الراسخة في وجدان أبناء الوطن الواحد رسوخ جباله
العالية ينبغي بل يجب أن يرتفع شعار الوطن في حدقات العيون وأن لا يكون مجرد شعار
فحسب بل خلاصة لحقيقة يؤمن بها كل الشرفاء الذين يحبون أوطانهم في أنحاء العالم
المترامي الأطراف.

وهل هناك ما هو
أعز من الوطن نحمله في قلوبنا وفي حدقات عيوننا؟ الوطن الذي نشأنا فيه أطفالاً
وسرنا فوق ترابه شباباً، وحملنا أحلامه وتطلعاته كهولاً وشيوخاً، وما أصابنا من خير
فمنه، وما أصابنا من شر فمن أنفسنا ومن انحراف في تصرفاتنا الهوجاء، ومن تقصيرنا في
إثبات الولاء التام لكل ما على أرضه من ناس وطيور وأشجار وأحجار التي هي جزء لا
يتجزأ من كياننا ومن تكويننا الروحي والنفسي، فكل ذرة من ترابه، وكل فصل من فصول
تاريخه القديم والحديث جسور تربطنا به وبماضيه وبمستقبله.
والسؤال المرعب الذي
يواجهنا الآن، كلما أصبحنا وأمسينا هو: ما الذي أصاب شريحة واسعة من أبناء هذا
الوطن ففقدت هذا الحب الفطري القائم على العقل والحرية والمسؤولية؟ وما الذي جعل
البعض لا يتردد في بيع ما يراه نصيبه في هذا الوطن في أول مزاد علني أو سري؟.
ثم
لماذا نهدم الجسور القائمة بيننا وبين الوطن بدلاً من أن نسعى إلى تشييدها وتقوية
بنائها إيماناً بحقيقة لا تقبل الشك تقول إن منه مجيئنا وإليه مآلنا مهما صورت
الأهواء وزينت لنا الظنون إمكانية العثور على وطن آخر يؤدي للقلب وللروح ما يؤدي
الوطن، وما يخلِّفه في النفوس من شعور بالطمأنينة والانسجام لاسيما في هذا الزمن
الذي ارتفعت فيه أصوات الكراهية للغرباء عن أوطانهم وتهاوت فيه أفكار الأممية
والعولمة القائمة على اقتناص خيرات الشعوب وإفساد الولاء الوطني بين
أبنائها؟.
ولا أشك، بل أؤمن أنها لا تتسرب ذرة من الشك إلى قلوب كل المواطنين في
هذا البلد أن مشكلته الأولى والأخيرة على الصعيدين السياسي والاجتماعي تعود إلى
غياب الولاء الوطني، وإلى تغييب حالة الحب التي تجمع بين المواطن ووطنه وحالة غياب
الإنصاف التي تجمع بين المواطن وموطنه.
كما لا أشك ولا يتسرب إلى وجداني وعقلي
أدنى شعور بالشك في أن الغالبية العظمي من أبناء هذا الوطن الطيب على صلة حميمة
بالوطن وأبنائه وحتى أولئك الذين هجروه بحثاً عن المعرفة أو لقمة العيش يحملون
لوطنهم ما هو أعمق من الحب والحنين، وهذا ما أدّعي أنه بعض ما شعرت به شخصياً أثناء
فترة دراستي بعيداً عن الوطن رغم أن تلك الدراسة قد تمت في جزء من الموطن الأكبر
الذي لم يمنع مزيج التآلف معه من الشعور بالغربة وحنين الروح إلى حيث نشأت
وترعرعت.
ومن تأكيد المؤكد وتحصيل الحاصل القول بأن الولاء الوطني جزء لا يتجزأ
من الولاء لله ومن الولاء للعقيدة، ومن الولاء لكل ما هو جميل وحميم في هذا الكون
الواسع الذي شكلت كل قطعة أرض منه مواطنيها على لونها وعلى مثالها.
وما حدث
ويحدث من اختلالات واختلافات بين أبناء الوطن الواحد لا ينبغي ولا يجوز أن يتحول
إلى قطيعة، وأن لا يسمح العقلاء لأي شكل من أشكال المنازعات الحادة بالاستمرار حتى
لا يغيب العقل وينجح الشيطان الذي نجح في إخراج آدم عليه السلام من جنته الهانئة
ليرمي به وحيداً هائماً في مهمهٍ قفرٍ لا ظل فيه ولا ماء ولا شجر، وأرجو، بل أتمنى
أن لا تكون هذه الكلمات الصاعدة من القلب قد تأخرت عن موعدها وجاءت بعد أن أغلقت
الأهواء نوافذ الأرواح والقلوب.
وأن تجد طريقها إلى عقول وقلوب الأجيال الصاعدة
هذه التي لم يتلوث وجدانها بأمراض الطائفية والمناطقية وبكل ما يتنافي مع مبادئ
الولاء الوطني والديني والإنساني.
تأملات شعرية: أسيرُ بعيداً بحزني وأُخفي دموع
الكآبة عن أعينِ الناس لكن ماء القصيدةِ يفضح حزني وينشر أوراقه في جميع
البلادْ.
فلا تسألوني عن النارِ في الكلمات عن الحزن في لغتي ذاكَ بعضُ الذي
يغْتَلِي في الفؤادْ.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد