منذ نحو أربعين عاما.
حيث تعمل قوى داخلية مدعومة بقوى خارجية للتمرد على
الدولة، وتكوين ما يشبه الدويلات داخل الدولة الواحدة.
فإن على الشعب اليمني
كافة وليس الحكومة فحسب مسؤولية تاريخية جسيمة.
إن تجربة حزب الله المدعوم من
إيران في السياسة الداخلية اللبنانية لا تترك مجالا للشك بأن ترك الأحزاب والقوى السياسية والدينية تتسلح وتشكل
مجتمعاتها السياسية بمعزل عن الدولة سيصيب الدولة في مقتل.
والتجربة ماثلة أمام
الجميع حاليا، فرغم فوز قوى 14 آذار بالانتخابات النيابية الأخيرة لم يستطع الرئيس
المكلف تشكيل الحكومة لأن الحزب المسلح يضع العصيان في الدولاب ويمنع سير الأمور في
مسارها الديمقراطي الطبيعي إلا إذا نفذت مطالبه ومطالب حلفائه.
أي إن القوة
الحزبية المسلحة هي التي توجه الدولة وليس الشعب واختياراته الديمقراطية.
كما
لمس الجميع مستوى التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن اللبناني بسبب ضعف الدولة
اللبنانية وعدم قدرتها على فرض هيبتها على مكونات المجتمع وسعي هذه القوى وهي
طائفية في معظمها للاعتماد على الأطراف الخارجية المؤيدة والممولة.
إن نموذج
الوضع اللبناني ينبغي أن يكون ماثلا ونذيرا للحكومة وللشعب اليمني، كيما يحافظوا
جميعا على هيبة الدولة وعلى سيادتها على أراضيها وصيانتها لوحدة البلاد، أمام
المحاولات الماكرة الرامية إلى تمزيق اليمن.
لأن هناك قوى خارجية لا تريد لهذا
البلد خيرا وتتمنى أن يعيش في فوضى دائمة كي تمرر مخططاتها الشريرة للجزيرة والخليج
العربي، وهي منطقة إستراتيجية مهمة للعالم أجمع ويمكن أن تمثل إغراء للقوى الطامحة
لإحياء الإمبراطوريات كي تبسط هيمنتها عليها أو تجعلها رهينة للمساومات مع القوى
الدولية.
إن أية محاولة لإضعاف الدولة وتشجيع قوى التمرد والتعاون معها سيكون
نذير شؤم لليمن دولة وشعبا، وسيفتح الباب على مصراعيه للقوى الخارجية كي تمزق نسيج
اليمن الاجتماعي والسياسي وتتعدى على سيادته وتستخدمه لمصالح ليس لليمن وشعبه علاقة
بها.
وربما يتحول مصير اليمن إلى التدويل - لا سمح الله - فتستنسخ الصوملة أو
الأفغنة في اليمن.
وهذا لا يليق مع قيم الشعب اليمني وتاريخه المجيد الذي سجله
في الوحدة ومقاومة القوى الأجنبية.
لكن ينبغي تذكر أن فشل أي دولة في صيانة وحدة
البلاد واستقرارها وأمنها يحفز الأسرة الدولية على التدخل وهذا أسوأ الخيارات التي
يمكن للمرء أن يتصورها.
لكنها نفس المقدمات التي أدت إلى التدخل في الصومال
وغيره .
إننا على ثقة تامة بقدرة الحكومة والشعب اليمني كلاهما على تجاوز
الأزمة.
وعلى الوحدة والاتحاد في وجه التحديات الماثلة.
ونستذكر في هذا ما
قاله الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم "الإيمان يمان والحكمة يمانية" متطلعين إلى
حكمة قادة اليمن وقواه المدنية الحية في وضع الخلافات السياسية خلف ظهورهم والاتحاد
لمعالجة كافة الأزمات التي تواجه البلاد بروح المسؤولية الوطنية والتاريخية وهي
التي دوما ما تكون رائد أبناء اليمن في المفترقات الحاسمة.