الجبار سعد
2009م كتب الأخ عبد الملك المروني تحت عنوان" أغرب حكم في التاريخ ..
تبرئة رجل
وامرأة اعترفا بالزنا " وأورد قصة رجل وامرأة من المهمشين أو الأخدام أو عمال
النظافة في البيضاء عثر على أنهما ارتكبا الفاحشة في ثمانينيات القرن الماضي وحين
سأل القاضي الرجل عن الفعلة قال نعم فعلته برضاها ولم ير في ذلك بأساً وحين سأل المرأة قالت ليست المرة الأولى ولم تر في
ذلك بأساً وقد عرف القاضي من طريقة حديثهما أنهما غير عالمين بإثم فعلتهما فهما لم
يقرأ شيئاً من القرآن ولا السنة ولا يعرفان أحكام الشرع بل ولا يجيدان القراءة من
أصلها ولا يصليان ولا يصومان ولا يعرفان الكثير من أحكام الشريعة حتى في العبادات
مع أنهما مسلمان ينطقان الشهادتين فبرأهما القاضي وألزم الحكومة بالاعتناء بهذه
الفئة وتعليمها أمور دينها ودنياها .
***** أحسن الأخ الكاتب في نقل هذه الحادثة
واستعراضها وذكره من خلالها لسماحة الاسلام و ذكر كيف أن هيئة الاذاعة البريطانية
قد نقلت في استعراض لها حديثا عن الحكم يبدو أنه في معرض الإشادة .
الحقيقة أن
مثل هذا الحكم ليس بالغريب ولا الأغرب فهو مأخوذ من عين الشريعة المطهرة ومن نصوص
الكتاب والسنة المطهرة وسنة الخلفاء الراشدين الهداة المهديين الذي أمرنا رسول الله
أن نعض عليها بالنواجذ وهم الذين استقوا دينهم وشرعهم من كتاب الله وسنة رسول الله
صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم و أنا أنقل للقارئ هذين الحديثين مماورد في كتاب"كنز
العمال في سنن الاقوال والأفعال " وهو من أشهر الكتب الجامعة للأحاديث .
عن ابن
المسيب قال : ذكر الزنا بالشام فقال رجل : زنيت، قيل : ما تقول ؟ قال : أو حرمه
الله ما علمت أن الله حرمه، فكتب إلى عمر بن الخطاب، فكتب إن كان علم أن الله حرمه
فحدوه، وإن لم يعلم فأعلموه فإن عاد فحدوه .
عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال
: توفي عبد الرحمن بن حاطب وأعتق من صلى من رقيقه وصام، وكانت له نوبية قد صلت
وصامت وهي أعجمية لم تفقه ولم يرعه (1) إلا حبلها وكانت ثيبا فذهب إلى عمر فزعا
فحدثه، فقال له عمر : لأنت الرجل لا يأتي بخير فأفزعه ذلك، فأرسل إليها عمر،
فسألها، فقال : حبلت ؟ فقالت : نعم من مرعوش بدرهمين، وإذا هي تستهل (2) بذلك ولا
تكتمه، فصادف عنده عليا وعثمان وعبد الرحمن بن عوف، فقال : أشيروا علي فقال علي
وعبد الرحمن : قد وقع عليها الحد، فقال : أشر علي يا عثمان فقال : قد أشار عليك
أخواك، فقال : أشر على أنت، فقال عثمان : أراها تستهل به كأنها لا تعلمه ولا ترى به
بأسا، وليس الحد إلا على من علمه، قال : صدقت والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من
علمه.
***** بناء على هذين الحديثين وأمثالهما فقد قضى القاضي أعظم الله أجره
على الرجل والمرأة بالبراءة لأن الأصل علمهما بالتحريم كشرط لإيقاع الحد فمن لم
يعلم عُذر وسقط الحد عنه فهو إذن تشريع راسخ في شريعتنا الاسلامية الطاهرة المطهرة
الثرية المنزهة عن الشوائب .
أحببت أن أسجل شكري للكاتب والمجلة لمثل هذه
اللفتات القيمة .
(1) ولم يرعه : الروع : الفزع .
(2) تستهل : الاستهلال :
رفع الصوت، واستهلال الصبي : تصويته عند ولادته.