;

الديمقراطية في المصيدة والسياسة مسرحٌ مسلوب .."الحلقة التاسعة" 907

2009-09-29 03:06:44



العولمة بشكلها الراهن وقواعدها
المعاصرة. .
مشروع أميركي لا يستثنى من مكاسبه الكثير من البلدان النامية
والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى العودة بالعالم إلى
العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال السيطرة على الموارد
البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع والملكية الفكرية، والتحكم
بوسائل الاتصال الدولة،
واحتكار
إنتاج البذور الزراعية المعدلة جينياً، باعتبار أن احتكارها يمكن الولايات المتحدة
الأمريكية من السيطرة على أنتاج المواد الغذائية في العالم أجمع.
. يتناول هذا
الكتاب تحليل قضية العولمة من منظور عقلاني شامل يحيط بها من مختلف أبعادها ومن
منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة للعولمة وما صاحبها من تدهور مستوى المعيشة
وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتقليص دور الدولة في مجال الخدمات، كما تتميز
بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
الكتاب الذي ترجمة
الدكتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت
قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين وهارالدشومان " وجهة نظر مختلف عما هو شائع من
الأحاديث والأفكار الملتهية حول العولمة والتي تدور الآن بين المثقفين
العرب.
يتزامن التكامل العالمي مع انتشار نظرية اقتصادية ينصح بها عدد كبير من
الخبراء والاستشاريون والاقتصاديون ويقدمونها دون كلل أو ملل للمسؤولين عن إدارة
ذمة السياسات الاقتصادية على أنها النهج الصحيح إنها الليبرالية الجديدة والمقولة
الأساسية لهذه النظرية الجديدة هي ببساطة:"ما يفرزه السوق صالح ، أما تدخل الدولة
فهو طالح".
وانطلاقاً من أفكار أهم ممثل لهذه المدرسة الاقتصادية الاقتصادي
الأمريكي حامل جائزة نوبل "ملتون فريدمان" ، اتخذت في الثمانينيات الغالبية العظمى
من الحكومات الغربية هذه الليبرالية النظرية مناراً تهتدي به في سياستها ، وهكذا
صار عدم تدخل الدولة إلى جانب تحرير التجارة وحرية تنقل رؤوس الأموال، وخصخصة
المشروعات والشركات الحكومية، أسلحة إستراتيجية في ترسانات الحكومات المؤمنة بأداء
السوق وفي ترسانة المؤسسات والمنظمات الدولية المسيرة من قبل هذه الحكومات
والمتمثلة في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، فقد غدت
هذه المؤسسات الوسائل التي تحارب بها الحكومات في معركتها الدائرة رحاها حتى الآن
من أجل تحرير رأس المال، فسواء تعلق الأمر بالملاحة الجوية أو بالاتصالات ذات
التقنية العالية أو بالمصارف وشركات التأمين ، أو بصناعة البناء وتطوير برامج
الكمبيوتر ، لا بل حتى بالقوة العاملة ، فإن هذه كلها وكل شيء أو شخص سواها لا بد
من أن يخضع لقانون العرض والطلب.
أعطى انهيار دكتاتورية الحزب الواحد في أوروبا
الشرقية هذه العقيدة دفعة أضافية، ومنحها القدرة لتصبح ذات أبعاد عالمية فمنذ نهاية
خطر الدكتاتورية البروليتارية، فإن العمل جار على قدم وساق ، وبكل جدية وإصرار على
تشييد دكتاتورية السوق العالمية.
وهكذا تبين فجأة أن الرفاهية التي تنعم بها
جمهور عريض من العاملين لم تكن سوى تنازل اقتضته ظروف الحرب الباردة وحتمته الرغبة
في عدم تمكين الدعايات الشوعية من كسب موقع قدم، ولكن مع هذا فإن الرأسمالية
النفاثة التي تبدو الآن كما لو كان انتصارها على المستوى العالمي قد صار أمراً
حتمياً إنما هي في طريقها لهدم الأساس الذي يضمن وجودها "الدولة المتماسكة
والاستقرار الديمقراطي" فالتغيير وإعادة توزيع السلطة والثروة يقضيان على الفئات
الاجتماعية القديمة بسرعة لا تعطي الجديد فرصة لأن يتطور على نحو متزامن
معها.
وهكذا أخذت بلدان الرفاهية تستهلك رأسمالها الاجتماعي ، الذي ضمن لها حتى
الآن الوحدة والتماسك، بخطى سريعة جداً تفوق حتى الخطى التي تدمر بها البيئة ويدعو
الاقتصاديون والسياسيون الليبراليون الجدد العالم إلى الاقتداء بالنموذج الأمريكي
إلا أن واقع هذه الدعوة مريب وشبيه بالدعايات التي كانت تطلقها حكومة ألمانيا
الشرقية حينما كانت تقول عن نفسها أنها ستبقى تتعلم الانتصار من الاتحاد السوفيتي
دائماً وأبداً.
الإنفاق على السجون أكبر من ميزانية التعليم فليس هناك مكان آخر
يبدو فيه التدهور واضحاً كما هو في الموطن الأصلي للثورة الرأسمالية المضادة ، في
الولايات المتحدة الأمريكية الجريمة اتخذت أبعاداً بحيث صارت وباءً واسع الانتشار،
ففي ولاية كاليفورنيا التي تحتل بمفردها المرتبة السابعة في قائمة القوى الاقتصادية
العالمية فاق الإنفاق على السجون المجموع الكلي لميزانية التعليم، وهناك ما يزيد
على عشر السكان الأمريكان قد حصنوا أنفسهم في أبنية وأحياء سكنية محروسة. . .
ومن
هنا فليس الأمر الغريب أن ينفق المواطنون الأمريكيون على حراسهم المسلحين ضعف ما
تنفق الدولة على الشرطة.
أوروبا واليابان والصين والهند هي الأخرى تتفتت وتنقسم
إلى قلة قليلة من الرابحين وأغلبية ساحقة من الخاسرين فما تفرزه العولمة من تقدم
ليس تقدماً في نظر مئات الملايين، ولا مراء من أن الأمر قد بدالهم مدعاة للسخرية
عندما لا حظوا أن رؤساء حكومات مجموعة الدول الاقتصادية الكبيرة السبع قد جعلوا من
شعار "العولمة انتصار لمنفعة الجميع" المنار الذي يهتدون به في اجتماعهم في نهاية
شهر يونيو من عام 1996م.
هكذا ينصب استنكار الخاسرين على الحكومات والسياسيين
الذين تتآكل باستمرار سلطتهم وقابليتهم لأحداث التغيرات المطلوبة، فسواء تعلق الأمر
بتحقيق العدالة الاجتماعية أو بحماية البيئة أو بالحد من سلطة وسائل الإعلام
"المتحيزة" أو بمكافحة الجريمة العابرة للحدود، صارت الدولة إذا ما أردت تحقيق هذا
أو ذاك بمفردها مرهقة مثقلة الكاهل ، وأن أرادت تحقيقه بمشاركة وتعاون دوليين فإن
حصيلة ذلك هي الفشل والإخفاق دائماً. . .
وإذا من ظلت الحكومات تتحجج في مواقف لا
قدرة لها على التحكم بها. .
تصبح السياسة برمتها مسرحاً يضم حشداً من رجال مسلوبي
الإرادة ، وتفقد الدولة الديمقراطية شرعيتها وتصبح العولمة مصيدة
للديمقراطية.
السياسة العرجاء إن المنظرين السذج السياسي قصيري النظر هم الذين
يعتقدون أن بإمكان المرء أن يسرح سنويا ملايين العاملين من عملهم ويحجب عنهم وسائل
التكافل الاجتماعي وهذا هو ما يحدث في أوروبا حالياً من دون أن يدفع في يوم من
الأيام ثمن هذه السياسة.
أن سياسة من هذا القبيل عرجاء بلا ريب. .
في المنطق
الذي لا ينظر إلى الأمور إلا من منظور المشروع ، لا يوجد في المجتمعات القائمة على
أسس ديمقراطية مواطنون فائضون عن الحاجة، فآخرون يتمتعون بحق التصويت وهم سيستغلون
هذا الحق، ومن هنا فليس هناك ما يدعو إلى الطمأنينة، فهذه الاجتماعية ستلحق بها
نتائج سياسية.
الإعصار الصحيح في ألمانيا كان هناك في عام 1996م أكثر من ستة
ملايين يرغبون في العمل إلا أنهم لا يجدون فرصة دائمة للعمل.
وهذا العدد هو أعلى
رقم يسجل منذ تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية أما صافي متوسط مداخيل الألمان
الغربيين في انخفاض مستمر منذ خمس سنوات، وحسب ما يقوله الراجمون بالغيب سواء
العاملون لدى الحكومة أو في المراكز العلمية أو في الشركات ليس هذا كله سوى بداية
تنبؤ بما هو أسوأ، ففي العقد القادم ستعلو بناء على ما يتنبأ به استشاري المشاريع
المعروف في ألمانيا "رولاند يرعز" 1. 5 مليون فرصة عمل على أدنى تقدير في القطاع
الصناعي بمفرده وهناك احتمال أن يلغي نصف السلم المتوسط في إدارة المشاريع أما
زميله "مربرت هستر" رئيس الفرع الألماني للشركة الاستشارية "مكتري" فإنه يذهب إلى
أبعد من هذا إذ يتنبأ بأن "الصناعة ستسلك الطريق نفسه الذي سلكته الزراعة "،
فالإنتاج السلعي لن يوفر إلا نسبة ضئيلة فقط من القوة العاملة فرصة لكسب الأجر
والقوت، وفي النمسا أيضاً تعلن الدوائر المختصة باستمرار عن نقص عدد العاملين ففي
كل عام تلغى في الصناعة عشرة آلاف فرصة عمل، هذا ومن المتوقع أن تصل نسبة البطالة
في عام 1997م إلى 8 في المائة أي ضعف ما كانت عليه عام 1994م.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد المياحي

2024-09-21 22:40:48

عن سبتمبر

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد