;

استعمار الثقافة العالمية بامتياز .."الحلقة الثالثة عشرة" 937

2009-10-04 03:15:46



العولمة بشكلها الراهن وقواعدها
المعاصرة. .
مشروع أميركي لا يستثنى من مكاسبه الكثير من البلدان النامية
والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى العودة بالعالم إلى
العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال السيطرة على الموارد
البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع والملكية الفكرية، والتحكم
بوسائل الاتصال الدولة،
واحتكار
إنتاج البذور الزراعية المعدلة جينياً، باعتبار أن احتكارها يمكن الولايات المتحدة
الأمريكية من السيطرة على أنتاج المواد الغذائية في العالم أجمع.
. يتناول هذا
الكتاب تحليل قضية العولمة من منظور عقلاني شامل يحيط بها من مختلف أبعادها ومن
منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة للعولمة وما صاحبها من تدهور مستوى المعيشة
وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتقليص دور الدولة في مجال الخدمات، كما تتميز
بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
الكتاب الذي ترجمة
الدكتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت
قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين وهارالدشومان " وجهة نظر مختلف عما هو شائع من
الأحاديث والأفكار الملتهية حول العولمة والتي تدور الآن بين المثقفين
العرب.
هجاء مفتعل وزعيق مصدع يستطرد المؤلفان في الحديث عن تصدير الولايات
المتحدة للتسلية على حساب آخرين يعانون من الفقر والبطالة فيقولان: وهكذا وبدلاً من
الأغنية المعروفة "في كابرى حينما تغرب الشمس في أعماق البحر" صار المرء يتغنى بجسر
كما لم يعد الطريق الدائري نوير بورج الألماني هو الأرضية المناسبة لعرض جدارة
إطارات كونتينتال إنما صارت أرضية الوادي بين جدران ناطحات السحب في منهايتن.
إن
ثمة جهود خارقة تبذل لكي يتخذ العالم صورة واحدة ولا ريب في أن المحصلة النهائية
لمثل هذا التطور ستكون في المجال الثقافي كما يتنبأ ابن نيويورك الفنان كورت روي
ستون ستكون سيادة الصراخ والزعيق الأمريكي بمفرده في العالم أجمع، فمنذ سنوات تقتضي
من تومسك في سيبيريا وحتى فيينا ولشبونة طليعة ثقافية شابة وعالية الزعيق ما ساد في
نيويورك قبل عقدين من الزمن: وهجاءً مفتعلاً وصراخاً يصك الآذان وشاشات تلفزيون
يعمها زعيق مصدع للرأس إنه لمشهد مقزز فعلاً ولكن مع هذا ثمة ما يخفف من الحزن من
هذا المشهد المروع فقد لاحت في الأفق بدايات تبشر بأن البعض قد أخذ ينتابه القرف من
هذا الزعيق الذي صار يعم كل شيء وبدأ يفضل الهدوء وما ينطوي عليه من نشاط
وتحفيز.
ويمكن أن ينظر إلى مغني الأوبرا لتينور الثلاثي خوسبية غاريراس وبلاتسيد
ودومينغو لتسيانو بافاروتي على أنهم ظاهرة تقترب على نحو ما من الصراخ الذي تنبأ به
روي ستون: فمن ميونخ وحتى نيويورك لم تستطع الجموع الغفيرة المحتشدة في ملاعب كرة
القدم في عام 1996م إلا بالكاد أن تسمع ما يترنم به ثلاثي الغناء الكلاسيكي من نغم
ومع أن هذا الثلاثي قد اعتاد على تقديم الباقة نفسها من الأغاني إلا أنه لم ينس أن
يمنح المستمعين ا لشعور بأنهم قد عاشوا لحظات فريدة فهم بعد أن ينتهوا من تقديم ما
اعتادوا على تقديمه من باقة الأغاني يشنفون آذان مستمعيهم في أربع قارات مختلفة
الثقافة بلحن يناسب تلك الثقافات فللمستمعين اليابانيين صلح الثلاثي الغنائي
العالمي بأغنية تذوب عطشا إلى "النهر الخالد" وعندما يكونون على ضفاف نهر الدانوب
الأزرق الذي لم يكن في أي يوم من الأيام أزرق اللون فإنهم يشنفون في ملعب المدينة
الرياضية أسماع مائة ألف من الحاضرين الألمان والتشيك والمجربين الذين غالبيتهم من
الأثرياء الجدد بالأغنية الشعبية الواسعة الانتشار "فينا ، فينا أنت فقط" فيجعلونهم
يترنحون وهم جالسون.
ولربما تعلم هذا الثلاثي المجذوب في الغناء استثمار
الأحاسيس الوطنية من الراوي الأول في العالم ظمأ الحناجر أعني شركة "الكوكاكولا"
فهذا العملاق في صناعة المشروبات الغازية يقدم أنتاجه في الصين واليابان بمذاقات
مختلفة أي أنه يقدم مشروبات تختلف نسبة السكر فيها باختلاف الأذواق الوطنية
والإقليمية ففي العام الأولمبي 1996م ارتأت شركة "كوكاكولا" أن تخاطب بإعلاناتها
على المستوى العالمي "كل المغرمين" أما في أتلانتا المدينة الساخنة الجو فقد اختارت
هذه الشركة العالمية التي تتقن استثمار المشاعر والأحاسيس أن تقوم بالدعاية
لنفسها بحروف عريضة كتبت على الحافلات الناقلة للرياضيين تقول للجمهور والمشجعين
الذين يتصبب عرقهم من عنت التشجيع "التشجيع عمل يؤدي إلى الظمأ".
وفي أوروبا
أيضاً تبتعد الرياضة أكثر فأكثر عن سماتها الحضارية وتتحول تدريجياً لتغدو مسرحاً
لمجتمع يلهو بما تدغدغ به الصناعة أحاسيسه، ويهلل لما تخدعه به من تعليب وتغليف ومن
هنا فليس من قبيل المصادفة أن يطالب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "هافيلانغ"
بضرورة زيادة فترات الاستراحة في أثناء مباريات كرة القدم وتخصيص هذه الفترات
للدعاية والإعلان مقتضياً بذلك ما هو سائد في العاب الركبي الأمريكية كما يسعى
اتحاد كرة القدم الألماني بدوره لاتخاذ هوية جديدة تجعله شبيهاً باتحاد كرة السلة
الأمريكية من ناحية أخرى حل الصيت والشهرة محل الشعور بضرورة تأييد هذا النادي
الرياضي أو ذاك لأسباب إقليمية فمبيعات نادي بايرن ميونخ من الملابس الرياضية فاقت
في مدينة هامبورج مجموع ما حققه كلا الناديين الرياضيين المحليين من مبيعات وهكذا
صارت النوادي الرياضية الرئيسية تجني من مبيعاتها مما يتزين به الجمهور المشجع نفسه
إيرادات صارت تفوق مجمل ما كانت تجنيه في مطلع التسعينات من عوائد ومن ضمنها
الإيرادات التي كانت تجنيها من بيعها لحقوق النقل التلفزيوني للمباريات الرياضية
ووصف الباحث في شؤون الرياضة هناس شتولن فيرك هذه المظاهرة بدقة عندما أكد أنه ما
دام المواطنون لم يعودوا يتجادلون كثيراً حول أي المدن هي الأقوى رياضياً "لذا فإنه
يتحتم خلق مادة للجدل والمساجلة بصورة مصطنعة كأن تقارن بين هذا اللاعب وذاك وبين
اللاعبين والمدربين وبين المدربين ورؤساء الاتحادات.
لقد ازداد الطلب على السيل
الهائل من السلع التي يجري الإعلان عنها والدعاية لها على مستوى دولي بحيث بدأ كما
لو أن محراثاً يجوب المعمورة، الاجتماعي أيفان إيليش ساخراً "صار العطش يرتبط على
نحو مباشر بالحاجة إلى الكوكاكولا" لقد صارت الأسماء المعروفة نفسها هي التي تسود
أرجاء المعمورة وأخذت الأفكار والسلع تتطبع بما تعرض القلة المتبقية من دور السينما
من أفلام أي أنها أعني الأفكار والسلع صارت تلبس جلبابا موحداً وبسرعة مدمرة
بالنسبة لأصحاب المحلات والمتاجر الوطنية.
وفيينا مدينة القياصرة والملوك هي آخر
ضحية لهذا التطور فقد اضطرت مجموعة كبيرة من المحلات التجارية الصغيرة التي كانت
تضفي بما تعرضه من سلع متميزة على مركز المدينة نكهة محلية لذيذة المذاق اضطرت إلى
أن تغلق أبوابها منذ أن انضمت النمسا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 1995م وما رافق
انضمامها من إلغاء للقيود التي كانت تحد من رفع الإيجارات وهكذا راحت الشركات
التجارية العالمية ومطاعم الأكل السريع والمحلات وشركات إنتاج الملابس الداخلية
المتاجرة بالجنس وشركات العطور تفتح فروعها العديمة النكهة المميزة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد