طه
العامري
العامري
حين غزت قوات الاحتلال الأمريكي (أفغانستان )
قلقنا وعبرنا عن قلقنا وطالبنا (واشنطن) بكل جراءة وشجاعة بسرعة الانسحاب من
الأراضي الأفغانية وترك الشعب الأفغاني يقرر مصيره ويخط مستقبله ولم يقتصر موقفنا
علي مجرد ( القلق) بل سجلنا موقف إدانة واضح وصريح ولا لبس فيه أو غموض , لكنا
فوجئنا بقوات الاحتلال الأمريكي تتجه إلى ( العراق ) فكانت الجريمة أكثر بشاعة
من مجرد (الغزو) إذ أن الغزو
الأمريكي للعراق شكل بداية انطلاقة لجريمة حضارية غير معهودة أو مسبوقة وليس لهاء
مبررات أو دوافع تجيزها كما هو (الحال) مع ( أفغانستان) المرتع السابق للأجهزة
الأمنية الأمريكية التي فرخت الخلايا الجهادية لمقاومة ما زعمت بالغزو ( السوفييتي)
لأفغانستان مع العلم أن (السوفيت ) لم يغزو أفغانستان بل دخلوها بناء على تفاهم
واتفاق مع الحكومة الأفغانية الشرعية التي كانت تحكم البلاد وتمثل الشعب الأفغاني
لكن وبما أن القيادة الأفغانية _ حينها_ لم تكون منسجمة أو متناغمة مع واشنطن
ومصالحها وأهدافها فقد شمرت _واشنطن_ عن سواعدها وخلفها بعض أتباعها من العرب الذين
سارعوا إلي تبني (السيناريو الأمريكي ) تحت اليافطة (الجهادية) حيث راح فقها وعلماء
الأمتين العربية والإسلامية يتبارزون في إصدار (الفتاوى) والقيام بحملات توعية في
أوساط الشباب العربي والمسلم عن ضرورة وأهمية الجهاد ومحاسنه وفضائله حتى غدى
الجهاد في سبيل أفغانستان يحظى بأولوية عن طاعة الله والوالدين وعن مبدأ الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر , بل أن أركان الإيمان وأركان الإسلام لم تعد مكتملة إلا
بشرط تأدية فريضة الجهاد في جبال أفغانستان وكانت واشنطن تبارك وتدعم وتشجع الفكرة
لعقود إلى أن غادر (السوفيت أفغانستان ) وتفكك الاتحاد السوفيتي إلا دويلات حينها
سارعت واشنطن إلى البحث عن ملاذ آمن لطوابير الجهاديين فكانت ( كسوفا) ثم (
الشيشان) ولكنها أخفقت في الأخيرة ونجحت في الأولى حيث توافقت في الأولى الإرادة
الدولية علي تجزئة جمهورية (يوغسلافيا الاتحادية) شريطة أن تكون (كوسوفا) بمثابة
(الطعم) الذي اصطاد به الغرب (العالمين العربي والإسلامي) ليأخذ هذا الغرب مقابل
نصرته ( مسلمي كوسوفا) أفغانستان والعراق وتصفية القضية الفلسطينية وامتهان إرادة
الأمتين واستباحت سيادتهما وتاريخهما وعقائدهما ومقدساتهما وهذا ما كان ولا يزال
وسوف يستمر ..؟!! أعود وأقول أن إدانتنا والعالم للغزو الأمريكي لكل من أفغانستان
والعراق والصومال وتمسك واشنطن بفكرة المراوغة وتسويق مشاريع تصفوية للقضية العربية
المركزية كل هذا قابلته واشنطن بكثير من التجاهل والسخرية غالبا في تصريحات
مسئوليها والناطقين باسم خارجيتها أو باسم البيت الأبيض فكل هؤلاء كانوا يسعون إلي
التقليل من تصريحات الإدانة الموجهة لدولتهم تحت مبرر أنهم أي قوات الاحتلال
الأمريكي لم تكون في غزواتها هذه غير مجرد (فاعل خير ) في الصومال حيث أطلقت علي
حملتها العسكرية ( الأمل) وفي أفغانستان ( الحرية) وفي العراق (الديمقراطية) وكما
شاهدنا كيف راحت واشنطن تقنع العالم بعدالة (الغزو والاحتلال ) وتلك بحد ذاتها فكرة
غير مسبوقة في بشاعتها والأبشع منها مبررات دوافعها ونصوص شرعنة الغزو وقانونية
الاحتلال بزعم تقدم وتطور هذه الدولة أو تلك ...اليوم أمريكا تعبر عن (قلقها) مما
وصفته بالأعمال ( الحربية في محافظة صعده اليمنية) ..!! لكن ما يثير في ( القلق
الأمريكي ) هو أن هذا ( القلق) المغلف بقفزات (حريرية) لكنها تحمل في طيات نسيجها
الناعم ( وحشية السم الزعاف) حيث وجهت واشنطن كلامها (للجيش اليمني) وتلك سابقة
مخالفة لكل التقاليد والأعراف الدبلوماسية وقواميس العلاقات الدولية وتفاهماتها
المتعددة الجوانب والأبعاد الحضارية , إذ لم يسبق أن تداولت قواميس العلاقات
الدولية هكذا تصريحات خاصة وأن واشنطن تعرف جيدا أن اليمن دولة ذات سيادة وهي دولة
ديمقراطية ومنفتحة وتعيش في كنف الحياة السياسية والحزبية والتعددية وحرية الصحافة
والرأي وحقوق الإنسان وفيها الكثير من مراكز الرصد وهي لكل العالم بمثابة كتاب
مفتوح , ولكن ومع كل هذا فلليمن رئيسها المنتخب شرعيا ودستوريا ولديها قيادتها
الشرعية والدستورية ولديها برلمان منتخب وحكومة منتخبة , وبالتالي كان الأولى
بواشنطن ومن يطلق منها أو نيابة عنها التصريحات والتعليقات أن يوجه (كلامه للسلطات
السيادية اليمنية ) بدءا من رئيس الجمهورية أو الحكومة أو الحزب الحاكم أو يوجه
كلامه للسلطات اليمنية , لكن أن يوجه الناطق الأمريكي كلامه (للجيش اليمني) تحديدا
فالأمر جد مقلق ويعني اختصارا أننا أمام مرحلة جديدة من السخونة والإيحاءات
والتوجيه وضرب خارطة النسيج الاجتماعي والعمل علي تمزيقه من خلال فصل مكوناته
الاجتماعية والوطنية ثم ضرب مكوناته المؤسساتية من خلال فصل هذه المكونات السيادية
الوطنية عن بعضها عبر مغازلة كل جهة سيادية بمعزل عن الجهة الأخرى وحين تخاطب
واشنطن بلغة الكيد (الجيش اليمني) في مناشدتها أو في غيرتها وقلقها مما يحدث أو
ربما قلقلها على رموز الفتنة والتمرد باعتبارهم أفضل من يخدم أهدافها ومن يذلل لها
الصعاب على طريق هذه الأهداف وتجاهلت واشنطن أن لهذا الجيش قيادات سياسية ودولة
ونظام , بل أن واشنطن وحين خاطبت طهران ذات يوم قائد القوات الأمريكية في الخليج
على خلفية الحادث البحري الشهير بين القوات الإيرانية والأمريكية أصدرت وزارة
الخارجية الأمريكية بياناً إدانة ضد طهران واعتبرا البيان الأمريكي طهران أنها
(تفتقر للضوابط الدبلوماسية) فلماذا إذا سمحت واشنطن لنفسها بمخاطبة (الجيش اليمني)
دون القيادة اليمنية أليس في هذا افتقار للدبلوماسية ..؟؟
ameritaha@gmail.com
قلقنا وعبرنا عن قلقنا وطالبنا (واشنطن) بكل جراءة وشجاعة بسرعة الانسحاب من
الأراضي الأفغانية وترك الشعب الأفغاني يقرر مصيره ويخط مستقبله ولم يقتصر موقفنا
علي مجرد ( القلق) بل سجلنا موقف إدانة واضح وصريح ولا لبس فيه أو غموض , لكنا
فوجئنا بقوات الاحتلال الأمريكي تتجه إلى ( العراق ) فكانت الجريمة أكثر بشاعة
من مجرد (الغزو) إذ أن الغزو
الأمريكي للعراق شكل بداية انطلاقة لجريمة حضارية غير معهودة أو مسبوقة وليس لهاء
مبررات أو دوافع تجيزها كما هو (الحال) مع ( أفغانستان) المرتع السابق للأجهزة
الأمنية الأمريكية التي فرخت الخلايا الجهادية لمقاومة ما زعمت بالغزو ( السوفييتي)
لأفغانستان مع العلم أن (السوفيت ) لم يغزو أفغانستان بل دخلوها بناء على تفاهم
واتفاق مع الحكومة الأفغانية الشرعية التي كانت تحكم البلاد وتمثل الشعب الأفغاني
لكن وبما أن القيادة الأفغانية _ حينها_ لم تكون منسجمة أو متناغمة مع واشنطن
ومصالحها وأهدافها فقد شمرت _واشنطن_ عن سواعدها وخلفها بعض أتباعها من العرب الذين
سارعوا إلي تبني (السيناريو الأمريكي ) تحت اليافطة (الجهادية) حيث راح فقها وعلماء
الأمتين العربية والإسلامية يتبارزون في إصدار (الفتاوى) والقيام بحملات توعية في
أوساط الشباب العربي والمسلم عن ضرورة وأهمية الجهاد ومحاسنه وفضائله حتى غدى
الجهاد في سبيل أفغانستان يحظى بأولوية عن طاعة الله والوالدين وعن مبدأ الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر , بل أن أركان الإيمان وأركان الإسلام لم تعد مكتملة إلا
بشرط تأدية فريضة الجهاد في جبال أفغانستان وكانت واشنطن تبارك وتدعم وتشجع الفكرة
لعقود إلى أن غادر (السوفيت أفغانستان ) وتفكك الاتحاد السوفيتي إلا دويلات حينها
سارعت واشنطن إلى البحث عن ملاذ آمن لطوابير الجهاديين فكانت ( كسوفا) ثم (
الشيشان) ولكنها أخفقت في الأخيرة ونجحت في الأولى حيث توافقت في الأولى الإرادة
الدولية علي تجزئة جمهورية (يوغسلافيا الاتحادية) شريطة أن تكون (كوسوفا) بمثابة
(الطعم) الذي اصطاد به الغرب (العالمين العربي والإسلامي) ليأخذ هذا الغرب مقابل
نصرته ( مسلمي كوسوفا) أفغانستان والعراق وتصفية القضية الفلسطينية وامتهان إرادة
الأمتين واستباحت سيادتهما وتاريخهما وعقائدهما ومقدساتهما وهذا ما كان ولا يزال
وسوف يستمر ..؟!! أعود وأقول أن إدانتنا والعالم للغزو الأمريكي لكل من أفغانستان
والعراق والصومال وتمسك واشنطن بفكرة المراوغة وتسويق مشاريع تصفوية للقضية العربية
المركزية كل هذا قابلته واشنطن بكثير من التجاهل والسخرية غالبا في تصريحات
مسئوليها والناطقين باسم خارجيتها أو باسم البيت الأبيض فكل هؤلاء كانوا يسعون إلي
التقليل من تصريحات الإدانة الموجهة لدولتهم تحت مبرر أنهم أي قوات الاحتلال
الأمريكي لم تكون في غزواتها هذه غير مجرد (فاعل خير ) في الصومال حيث أطلقت علي
حملتها العسكرية ( الأمل) وفي أفغانستان ( الحرية) وفي العراق (الديمقراطية) وكما
شاهدنا كيف راحت واشنطن تقنع العالم بعدالة (الغزو والاحتلال ) وتلك بحد ذاتها فكرة
غير مسبوقة في بشاعتها والأبشع منها مبررات دوافعها ونصوص شرعنة الغزو وقانونية
الاحتلال بزعم تقدم وتطور هذه الدولة أو تلك ...اليوم أمريكا تعبر عن (قلقها) مما
وصفته بالأعمال ( الحربية في محافظة صعده اليمنية) ..!! لكن ما يثير في ( القلق
الأمريكي ) هو أن هذا ( القلق) المغلف بقفزات (حريرية) لكنها تحمل في طيات نسيجها
الناعم ( وحشية السم الزعاف) حيث وجهت واشنطن كلامها (للجيش اليمني) وتلك سابقة
مخالفة لكل التقاليد والأعراف الدبلوماسية وقواميس العلاقات الدولية وتفاهماتها
المتعددة الجوانب والأبعاد الحضارية , إذ لم يسبق أن تداولت قواميس العلاقات
الدولية هكذا تصريحات خاصة وأن واشنطن تعرف جيدا أن اليمن دولة ذات سيادة وهي دولة
ديمقراطية ومنفتحة وتعيش في كنف الحياة السياسية والحزبية والتعددية وحرية الصحافة
والرأي وحقوق الإنسان وفيها الكثير من مراكز الرصد وهي لكل العالم بمثابة كتاب
مفتوح , ولكن ومع كل هذا فلليمن رئيسها المنتخب شرعيا ودستوريا ولديها قيادتها
الشرعية والدستورية ولديها برلمان منتخب وحكومة منتخبة , وبالتالي كان الأولى
بواشنطن ومن يطلق منها أو نيابة عنها التصريحات والتعليقات أن يوجه (كلامه للسلطات
السيادية اليمنية ) بدءا من رئيس الجمهورية أو الحكومة أو الحزب الحاكم أو يوجه
كلامه للسلطات اليمنية , لكن أن يوجه الناطق الأمريكي كلامه (للجيش اليمني) تحديدا
فالأمر جد مقلق ويعني اختصارا أننا أمام مرحلة جديدة من السخونة والإيحاءات
والتوجيه وضرب خارطة النسيج الاجتماعي والعمل علي تمزيقه من خلال فصل مكوناته
الاجتماعية والوطنية ثم ضرب مكوناته المؤسساتية من خلال فصل هذه المكونات السيادية
الوطنية عن بعضها عبر مغازلة كل جهة سيادية بمعزل عن الجهة الأخرى وحين تخاطب
واشنطن بلغة الكيد (الجيش اليمني) في مناشدتها أو في غيرتها وقلقها مما يحدث أو
ربما قلقلها على رموز الفتنة والتمرد باعتبارهم أفضل من يخدم أهدافها ومن يذلل لها
الصعاب على طريق هذه الأهداف وتجاهلت واشنطن أن لهذا الجيش قيادات سياسية ودولة
ونظام , بل أن واشنطن وحين خاطبت طهران ذات يوم قائد القوات الأمريكية في الخليج
على خلفية الحادث البحري الشهير بين القوات الإيرانية والأمريكية أصدرت وزارة
الخارجية الأمريكية بياناً إدانة ضد طهران واعتبرا البيان الأمريكي طهران أنها
(تفتقر للضوابط الدبلوماسية) فلماذا إذا سمحت واشنطن لنفسها بمخاطبة (الجيش اليمني)
دون القيادة اليمنية أليس في هذا افتقار للدبلوماسية ..؟؟
ameritaha@gmail.com