;

علامات على الطريق-اليمن.. السفينة آمنة رغم اصطخاب الموج 877

2009-10-05 03:45:19

يحيى رباح


يحتفل اليمنيون بالذكرى السابعة والأربعين لثورتهم
المعجزة، التي واجهت منذ لحظاتها الأولى امتحانات عسيرة، لكنها استقرت واستمرت
وانتصرت في نهاية المطاف، وحققت أغلى أهدافها في انجاز الوحدة اليمنية وقيام الوحدة
اليمنية في الثاني والعشرين من ايار مايو عام1990 ، بالإضافة إلى أن الثورة اليمنية
وفي ذلك الجزء المعقد جدا في شبه الجزيرة العربية، قد استطاعت أن تبر بوعدها بتحقيق
مساحة واسعة من الديمقراطية والتعددية الحزبية وحرية الصحافة ودرجات عالية من
التنمية قياسا إلى الماضي الذي لم يمضي عليه سوى اقل من نصف قرن.

وإذا أخذنا كل العوامل الداخلية، وتركة الماضي في
الحساب، بالإضافة إلى الاضطرابات في المنطقة من حول اليمن، والتقلبات الحادة على
الصعيد الإقليمي والدولي، فإن المراقب السياسي إذا كان محايدا وموضوعيا سوف يصاب
بالدهشة -الإيجابية طبعا- بقدرة اليمن على أن يخرج ناجحا، وفائزا بجائزته الكبرى
وهي وحدة الدولة، رغم أن اليمن وعلى امتداد السبعة والأربعين عاما الماضية، كان
أشبه بسفينة تمخر عباب البحر المصطخب الأمواج!!! فلقد عاش اليمن فترة الحرب الباردة
واكتوى بنارها عبر حروب بين الشطرين الشمالي والجنوبي، كما تحمل اليمن الآثار
الكارثية للإجتياح العراقي للكويت في أوائل شهر آب أغسطس عام 1990، حين انقسم الوطن
العربي إلى دول مع ودول ضد، وقد دفع اليمن فاتورة باهظة حين طرد إليه قرابة مليوني
يمني من دول الخليج المحيطة به، في أوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة، واستطاع أن ينجو
من تلك التاثيرات السلبية بما يشبه المعجزة!!! ثم سرعان ما واجه اليمن تجربة
انفصالية قاسية قام بها الأشقاء في الوطن الذين كانوا قد شاركوا في صنع الوحدة،
واضطرت الدولة المركزية أن تخوض معارك طاحنة ابتداء من حافظة عمران شمال صنعاء
مباشرة، مرورا بالعاصمة صنعاء نفسها، ثم محافظة ذمار وصولا إلى معارك في العند ولحج
وإب وشبوة إلى مفازات حضرموت نفسها، ولم تكن التجربة سهلة ولا يسيرة، ولكن الوحدة
اليمنية صمدت في الأرض مثلما صمدت الثورة اليمنية.
وطوال هذه السنوات ظلت
الأمواج العاتية تصطخب بينما السفينة اليمنية تتقدم إلى الأمام، لأن التيار الرئيسي
الغالب في الشعب اليمني ظل يرى أن مصلحته تكمن في انتصار ثورته الوطنية، وفي انتصار
وحدته الوطنية، وفي انتصار الفكرة التي تقول بأن اليمن بموقعه العبقري وعمقه
الحضاري ووعوده مع المستقبل محرم عليه أن يكون مكسر عصا لأحد، ومحرم عليه أن يكون
ساحة تحترق فيها مصالحه في حروب بالوكالة عن الآخرين، سواء كان هؤلاء الآخرين هم
القاعدة وموجات الإرهاب الدولي، أو تصدير الأفكار وامتداد مناطق النفوذ لهذا الطرف
الإقليمي أو ذلك الطرف الإقليمي.
أعتقد أن كثيرا من متاعب اليمن وأوجاعه ومآسيه،
ومن بينها مأساة الاحتراب الداخلي التي صنعها الحوثيون منذ العام 2004 وحتى المعارك
الأخيرة في صعدة التي أوشكت على نهايتها هذه الأيام، ناجمة في الأساس من أن بعض
الأطراف المحلية، عاجزة بشكل فاضح عن قراءة الخارطة الدولية وموقع اليمن في هذه
الخارطة، بأن القوى الدولية الكبرى تريده مستقرا، لأن معادلته الأمنية تخدم السلم
العالمي وتخدم مصالح العالم، وأن القوى الدولية المسؤولة لن تسمح لبعض هذه الأطراف
المحلية وتحالفاتها الإقليمية الموتورة أن تنجح في تحطيم هذه المعادلة
اليمنية.
والعكس هو الصحيح تماما، فقد تمتع النظام اليمني بقيادة الرئيس علي عبد
الله صالح، بقراءة عميقة لمحورية الموقع اليمني في هذه المنطقة من العالم، ولذلك
رأينا اليمن يسعى منذ الأيام الأولى للوحدة لتطبيع علاقته مع جيرانه، من خلال ترسيم
الحدود مع عمان والمملكة العربية السعودية، وقبول التحكيم الدولي بالنسبة للجزر
والحدود البحرية مع أريتيريا، وفهم معادلة الوجود الدولي في البحر الأحمر، ورغبة
اليمن القوية بأن يكون عنصرا إيجابيا في وحدة النظام الإقليمي العربي وليس جزءا من
محاور الخلاف.
وأعتقد أن القوى السياسية داخل اليمن، جرب كل منها في وقت من
الأوقات القيام بمغامرة خارج الحسابات التي ينظر من خلالها النظام اليمني إلى
الأمور، ووجدنا أن كل تلك المغامرات قد باءت بالفشل بعد أن كلفت اليمن أثمانا
فادحة، ولعل أبشع صور الفشل تلك، أن القوى التي بدأت متناقضة إلى حد الجنون تقف
اليوم متحالفة إلى حد الجنون أيضا!!! وهذا يثير درجة عالية من الشكوك في الدوافع
التي تنطلق منها بعض هذه القوى.
في الذكرى السابعة والأربعين للثورة، وفي أعقاب
الحرب السادسة التي فجرها الحوثيون وتكاد تلفظ أنفاسها، فإن الباب مفتوح على
مصراعيه، وإن الفرص متاحة بشكل كبير، لكي يعود الجميع تحت هذا السقف العالي والفسيح
والمرن والمتعدد الذي اسمه النظام اليمني، والرياح مواتية الآن لكي يتحاور الجميع
ويبدعون في البحث عن أشكال جديدة ليمن أقوى واكثر استقرارا واعلى تنمية واجمل طموحا
من تكرار المغامرات الفاشلة..
ألف مبروك للثورة اليمنية في ذكراها المجيدة ، وكل
عام واليمن بالف خير.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد