السيد زهره
سالم البيض يتحدث فيه عن الأوضاع في اليمن.
ولا نتردد في القول ان المواقف التي
عبر عنها في الحوار هي مواقف لا مسئولة، وتندرج في اطار نهج تدميري
للوطن.
بداية، الصحيفة سألته عن سبب صمته طوال 15 عاما، ثم خروجه فجأة ليطالب
بانفصال الجنوب اليمني.
كان
تفسيره ان البلد الذي استضافه، أي سلطنة عمان، اشترطت عليه عدم الحديث.
بالطبع،
ليس هذا هو السبب المرجح لخروج علي سالم البيض مؤخرا ليتحدث عن ضرورة انفصال
الجنوب.
السبب الأكثر ترجيحا، ومن دون تفاصيل هنا، هو ان ما فعله يندرج في اطار
اجندة لقوى اقليمية ودولية ارادت تفجير الصراع في اليمن في الوقت الحاضر على هذا
النحو، ومن دون ان ينفي هذا بالطبع وجود مشاكل وخلافات داخلية في اليمن.
المهم
ان البيض في الحوار عبر عن مواقف لا يمكن ان تندرج في اطار المصلحة الوطنية اليمنية
العامة.
تحدث اولا عن "الأوضاع الصعبة التي يعيشها شعبنا في الجنوب من جراء
الاحتلال الداخلي".
نستطيع ان نتفهم ان يتحدث البيض او أي احد عن المشاكل في
الجنوب او في أي مكان في اليمن، وان ينتقد الحكومة ويتهمها بما يشاء من اتهامات في
التقصير في حل هذه المشاكل ويدعو الى اصلاح ما يراه خطأ او تقصيرا ايا كان.
اما
الحديث عن "احتلال" للجنوب، فهذا كلام لا مسئول.
هو تحريض مباشر على الفتنة
الداخلية واغراق البلاد في العنف والفوضى الى ما لا نهاية.
والبيض في الحوار
يقول انه لا يتردد في طلب المساعدة من ايران.
وبرر ذلك بالقول: "ايران دولة
موجودة في المنطقة وقادرة ولها دور كبير وهي جارة للعرب وسند لهم وقد ساعدت لبنان
وفلسطين وحزب الله".
مرة اخرى، هذا ايضا كلام لا مسئول ومنطق اعوج غير
مقبول.
صحيح ان ايران جارة للعرب ودولة موجودة في المنطقة.
لكن ايران جارة
للدول العربية التي تحكمها نظم حكم شرعية، وليست "جارة" لحركات التمرد والعنف
والفتنة في أي بلد عربي.
بعبارة اخرى، علاقات ايران مع العرب على أي مستوى يجب
ان تمر بداهة عبر الحكومات العربية.
اما ان تقدم ايران أي نوع من المساعدات
مباشرة الى أي حركات داخلية عربية، فهذا يعتبر انتهاكا للسيادة وتدخلا مرفوضا في
الشئون الداخلية.
وحين يطلب البيض المساعدة الايرانية بهذا الشكل، فهو يستدعي
تدخلا من دولة خارجية في شأن يمني داخلي، ولا يمكن لأحد ان يقبل هذا
المنطق.
واذا كان دعم ايران لحركات مقاومة للعدو الاسرائيلي يمكن ان يكون
مقبولا، فلا يمكن ان يكون مقبولا تقديم مثل هذا الدعم الى حركات تدعو الى العنف
والى تقسيم بلادها مثلما يفعل البيض.
والبيض يتحدث في الحوار عن تحرك لتقديم
شكوى الى مجلس الامن لبحث الوضع في الجنوب.
ولسنا نعرف، ما هي الصفة التي يمكن
ان تتيح للبيض ان يقدم مثل هذه الشكوى لمجلس الأمن.
ومرة اخرى، مثل هذا التفكير
لا يمكن ان يكون مسئولا، ولا يمكن ان يعكس أي حرص حقيقي على حل المشاكل الداخلية في
اليمن.
وعلى اية حال، هذه المواقف التي عبر عنها البيض في الحوار تندرج اجمالا
في اطار نهج للتدمير..
تدمير الوطن واغراقه في العنف والفوضى.
وهذه المواقف
تشير الى عمق وفداحة الأخطار التي تتهدد اليمن..
تتهدد وحدته
واستقراره.
وبالطبع، يزيد من خطورة مثل هذه المواقف انها تترافق مع تمرد مسلح
آخر يقوده الحوثيون، ومع تصاعد اعمال جماعات عنف وتطرف اخرى.
وكل هذا يعود بنا
الى التساؤل الذي سبق ان اثرناه في مقالات سابقة عن الدور العربي المفروض لمساعدة
اليمن في مواجهة هذه الأخطار، وايضا عن دور الحكومة اليمنية نفسها في طرح مبادرات
كبرى وخلاقة لحل المشاكل المعلقة في الجنوب او غيره، لقطع الطريق على مطالب
الانفصال ودعوات التدمير الوطني هذه.